لا يستطيع أحد أن يزايد على وطنية الدكتور «حسن نافعة»، أستاذ العلوم السياسية، ولا أن يجرده من تاريخه فى معارضة نظام «مبارك». لكن هذا لا ينفى صدمتى -مثل الكثيرين- من مبادرته لـ«إنقاذ الإخوان»، فمصافحة الإرهاب المسلح ومباركته لا يسمى أبدا «خارطة إنقاذ الوطن من محنته»!
مجرد طرح التفاوض بين ما يسمى «جبهة الدفاع عن الشرعية» والحكومة هو اعتراف بشرعية الإرهابيين، ومساواتهم بالدولة بما لها من شرعية وهيبة، إنها عملية أشبه بالمراجعات الفكرية للجماعات الإرهابية فى السجون والتى نقضوها عقب خروجهم من السجن.
والأدهى من ذلك والأمر أن التفاوض إهدار لإرادة الشعب الذى يرفض المصالحة، وإنكار لدماء الشهداء من الجيش والشرطة والشعب التى تسقط كل ساعة على يد الإخوان الإرهابيين.
ما الذى أصاب الدكتور «نافعة» ليتصور أننا فى «جنيف» مثلا، وعلينا أن «نركع» للتنظيم الدولى للإرهاب فى مفاوضات «سرية» بزعم (حفظ دماء المصريين ووقف العنف والإرهاب)؟!
من أوهمه بأن «قطر» ستلتزم بوقف «القصف الإعلامى»، وهو أعلم منى بأن خلفها مخططا أمريكيا لتفتيت العالم العربى. صحيح أن الوطن فى «أزمة»، لكنها أزمة النخبة التى تقسم الصف الوطنى وتنضم لفصيل إرهابى.. فحين يقول دكتور «نافعة» إن المفاوضات هدفها «هدنة للتهدئة» مقابل الإفراج عن القيادات التى لم تتورط فى جرائم يعاقب عليها القانون، أقول له «عفوا» هذه «خيانة» لثورتى يناير ويونيو، لم يتبق إلا أن تطالب بالذهاب إلى «كامب ديفيد» لعقد اتفاقية سلام مع الهارب «محمود عزت»!.
صحيح أن الجماعة الإرهابية تشن علينا حربا، لكن القضاء العادل سيبرئ من لم يتورط فى أى جرائم، فهى صفقة خاسرة للإرهابيين.. فهل تقبل يا دكتور الإفراج عن «مرسى» وعصابته من القتلة؟ عن أى «آلية» تتحدث لمشاركة «الإخوان الإرهابين» فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟ اقرأ المشهد مجددا ستجدهم يقاتلون بشراسة لاحتلال النقابات، ويجهزون للانتخابات البرلمانية، ويعقدون صفقات خفية ومريبة لاختيار ودعم مرشحهم للرئاسة.. نحن لم نستأصل أحدا.. ويا ليتنا نستطيع.
أنا من أنصار «العزل السياسى» للإخوان، والجماعة المنحلة تعانى من العزل الاجتماعى، لكنهم عائدون للمشهد السياسى تحت عباءة حزب «النور» أو غيره.. إنهم لا يحتاجون لوساطة ولا لشرعية سياسية لأنهم مرتزقة يتسللون بألف وجه وألف قناع لمراكز الحكم. الجماعة الإرهابية من مصلحتها اليوم الظهور بمظهر المقاطع وغير المشارك فى الاستحقاقات القادمة، حتى لا يشاركوا فى إضفاء الشرعية على مسارات واستحقاقات 3 يوليو فينتهى كل شىء ولا يعد هناك مبرر أخلاقى ولا سياسى لتحركاتهم الاحتجاجية فى الداخل والخارج.. لكنهم سيعملون «فى السر» للحشد من أجل إسقاط المشير «السيسى»، والمجىء برئيس جديد يعمل لحسابهم.
أنا حزينة، من تشكيك الدكتور «نافعة» فى شرعية السلطة الحالية، ومساواة «رابعة» بـ«سيناء»، لقد قبلنا بحرب الاستنزاف -يا دكتور- ولن نقبل بالركوع والانبطاح أمام الإرهاب.
مبادرتك مرفوضة -يا دكتور- بكل تفاصيلها المغلوطة.. حتى لو وافق عليها حزبا «الوسط» و«البناء والتنمية».. أنتم تلعبون لحساب الإخوان، تحاولون تقنين الإرهاب الأسود وإضفاء شرعية على ممارساته القبيحة.
مبادرتك «طوق نجاة» صحيح.. لكنه لإنقاذ «مرسى» وعصابته.
فراجع موقفك إن كنت حريصا على مصداقيتك.