«الرجولة صفة» أما النوعان فهما «ذكر وأنثى».. إن كنت رجلاً، تدّعى التقوى والورع، انظر فى المرآة واسأل نفسك: هل الحكمة من صيام شهر رمضان المبارك أن تجوع فتشعر بالفقير وتعطف عليه فقط؟.. أم أن تكبح جماح شهواتك وتلجم غرائزك الحيوانية «الطعام والشراب والجنس»؟.. إن كنت تقتنع بأن الحكمة من الصيام هى ترويض غرائزك فعليك أن تتذكر غض البصر (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) سورة النور.
فلا تمشِ فى الشارع كصياد نهم يبحث عن «فريسة» ليلتهم لحمها بنظراته ويعرِّيها مما يستر جسدها، أو كحيوان أعمى تقوده «حاسة الشم» لأى أنثى فتثيره رائحة العطر فيلعنها باعتبارها «زانية» لأنها خرجت متعطرة، أو يشتم رائحة عرقها بعد رحلة عمل شاقة ومرمطة فى المواصلات فيرتفع هرمون الأدرينالين فى دمه ليجف حلقه وتتزايد ضربات قلبه، ثم يهيمن هرمون التستوستيرون على عقله ويلغى إنسانيته (التى تعنى التحضر والقيم والأخلاق والسمو الروحى)، فيتحول إلى «كلب» لا يرى فى الكون كله إلا عضواً جنسياً يريد الالتحام معه.. ولو رجمه المارة ولعنوه ألف مرة!
فإن لم تكن مجرد «ذكر بعقل حيوان»، فلا داعى لأن تتحمس لتدشين حملة «استر بنتك علشان الناس تصوم»، ولا أن تسير كالخروف خلف قطيع التيار السلفى الذى نشرها.. فإن كنت «أباً» تذكّر أن فتاوى السلفيين والمتطرفين الذين أخرجوا أسوأ ما فى كتب التراث قد جنت على الطفلة «جانا» التى اغتصبها حيوان مسعور وهى طفلة لا تزال ترتدى «البامبرز»!.
لكنك يا عزيزى، بكل أسف، لديك تراث هائل يحلل لك شىّ المرأة على نيران شهوتك حين تراها بالسونار جنيناً فى بطن أمها وحتى تضاجعها فى كفنها.. مروراً بزواج الرجل لابنته من الزنا على مذهب الشافعية والمالكية، وأكل جزء من المرأة حين الجوع القاتل، أو تركها للمغتصبين مخافة هلاك زوجها!
لديك كل مبررات «السعار الجنسى»، فواحد من أكبر رؤوس الدعاة حرّض على هتك حرمة المرأة، بزعم أنها خرجت «فتنة» فأسقطت عنها رخصتها الشرعية، والدعاة «الألترا مودرن» يعتبرون أن الحشمة هى فى حجاب لا يشف ولا يصف ما تحته، ليس لأنه فرض ولا لأنه يستر المرأة بل لأنه إعلان سياسى ودعاية نشطة تنتشر فى كل مكان لهيمنة الفكر السلفى على المجتمع.
ولماذا نذهب بعيداً؟ معظم علماء الأزهر يقرون بتحليل «ملك اليمين» الذى جرمته اتفاقية جنيف لمنع الرق ولم يلغه نص قرآنى (مللت ترديد الأسماء لعنة الله عليهم).. وباقى العلماء يروجون لسبى النساء وأسواق النخاسة. وحين نقول لهم هذه ثقافة «داعش» يكفروننا نحن ويتركون «داعش» رمزاً للإسلام!
اعلم يا «رجل المرحلة»: إن كنت ممن يؤمنون بجواز ملك اليمين، ويعتقدون أن المرأة جارية تُشترى وتباع فى سوق الرقيق الأبيض.. فالجوارى لسن ملزمات بستر أنفسهن لأنهن «بضاعة للعرض».. أما إن كنت ممن يتوضأون ليتطهروا من ثقافة «داعش»، فعليك أن تحترم «حرية المرأة» وكيانها واستقلالية قرارها فى اختيار ملبسها، طالما لم تركب مترو الأنفاق بـ«البكينى»!
انظر فى المرآة مرة أخرى وفكر بالعقل والمنطق: كيف تكون السيدة التى أتت بك إلى الحياة وربتك لتصبح رجلاً «عاراً وعورة، وناقصة عقل ودين، وتقطع الصلاة كالكلب والحمار، ومن أكثر أهل النار، وجسدها وشرفها مستباح، وعرضة للتحرش والاغتصاب والسبى»؟.. تخيل كيف تذبح رجولتك إذا جاءت أمك برجل ما وقالت لك إنها «ملك يمينه».. وراجع بنود الرجولة من نخوة وشهامة وحماية لعرضك بينما أنت تغتصب زوجتك فى الفراش، وتضربها إذا لزم الأمر وتعتبرها «ملكية خاصة» لا تخرج من المنزل إلا بأمرك.. فلن تجد فى المرآة إلا صورة لـ«رجل الغابة» لحيته مدنسة بدماء آخر ضحاياه، وأنك مجرد أداة فى يد دعاة الدولة الدينية وإسقاط «الدولة المدنية».