"ميت عقبة" باب "التوريد الخلفي" للكيف إلى المناطق الراقية
على جانب محور 26 يوليو فى ميت عقبة يتم توزيع المخدرات
داخل أحد المقاهى الراقية بشارع شهاب بالمهندسين، موسيقى هادئة تعزف وإضاءات خفيفة ودخان كثيف يفوح من الشيشة برائحة الفواكه، جلس عدد من الشباب ومعهم فتيات يتشاركن فى نفخ أنفاس «الشيشة» أو لفافات السجائر العادية، الحركة تبدو عادية حتى الحادية عشرة مساء، وبعدها توقفت الموسيقى الكلاسيكية وبدأت مكبرات الصوت تذيع أغانى مصرية وعربية حديثة وبدأت الأصوات تتعالى أكثر، وشهد المكان زحاماً كبيراً وعبقت أدخنة السجائر والشيشة أرجاء المكان، وهنا بدأنا جولتنا برفقة شاب فى الثلاثين من عمره، يتردد على هذا المكان بشكل شبه يومى منذ 4 سنوات ويعرف الكثير عن المنطقة.
"الحشيش" و"البودرة" مزاج أولاد الذوات.. والطلب ضعيف على "البرشام" والأرباح ضعف الأحياء الشعبية
طلبنا من مرافقنا «حسام. س»، الذى يعمل مع والده فى تجارة الخردة، أن يرشدنا عن دولاب مخدرات المهندسين لأننا بصدد معرفة أسعار الأنواع المخدرة، فأخبرنا بوضوح أنه لا يوجد «دواليب» فى المناطق الراقية ومفهوم الدولاب يوجد فقط فى المناطق الشعبية، حيث الحارات الضيقة وعدد من المحبوسين سلفاً والمشبوهين يؤمنون مداخل المكان للإرشاد عن أى حملات أمنية متوجهة إلى المكان، موضحاً أنه ابن منطقة شعبية فى الجيارة بمصر القديمة بالقاهرة، وتربى هناك وما زال منزل والده هناك.
وأضاف «حسام» أن تداول المخدرات فى المناطق الراقية كالمهندسين والدقى والعجوزة والزمالك، يكون عن طريق أحد المندوبين «ديلر»، الذى يتولى مهمة نقل المخدرات إلى الزبائن فى هذه المناطق سواء كانوا من سكان العمارات أو الفنادق أو من رواد المقاهى، وتابع: «بتكلمه وانت فى الفندق مثلاً تقوله أنا فى الفندق الفلانى هو يجيلك بقى بموتوسيكل أو عربية ويستناك تحت الفندق وتنزله يديلك الحاجة عادى ممكن يحطهالك فى ظرف أو كيس لو حتة كبيرة ولو حتة صغيرة يحطها فى إيدك وهو بيسلم عليك، وانت تقف معاه ثوانى كأنك بتطمن عليه وبتكون مجهز الفلوس فى جيبك تديهاله ويمشى على طول».
فجأة دخل شاب يرتدى زياً أنيقاً يبدو عليه أنه غالى الثمن إلى المقهى وسلم على العمال بصوت عالٍ وناداهم بأسمائهم بدا أنه يعرف غالبية رواد المقهى على الطاولات، وألقى السلام على «حسام» وعلينا قائلاً: «منور يا حج حسام يا بطل، أهلاً بالرجالة»، فرد عليه «حسام» السلام، ثم التفت إلينا قائلاً: «أهو ده ديلر من ميت عقبة وهو اللى مدورها هنا، أصلاً ميت عقبة هى دولاب المناطق الراقية لأن بيخرج منها الديلرات اللى بيوزعوا فى كل الأحياء الراقية فى الجيزة والقاهرة، وبينافسها بعد كده ناس من مصر القديمة».
"حسام": "الديلر" يوصل "البضاعة" إلى الفنادق والمقاهى
سألنا «حسام» أن الشاب «الديلر» لا يبدو عليه أنه مروج مخدرات فهو متزن ويرتدى ملابس قيمة وليس من المشبوهين، فقال وهو يبتسم: «الديلر فى المناطق الراقية لا بد أن يكون أنيقاً فى ملابسه متزناً ويكون على الأغلب معه سيارة غالية الثمن، لأنهم يربحون كثيراً من هذه المناطق ولكى لا يثير الشكوك إذا ما ظهر بمظهر أقل من مستوى رواد وسكان المنطقة، لأنه يربح فى المناطق الراقية ربحاً مضاعفاً عن المناطق الشعبية».
تشارك فى الجلسة أحد أصدقاء «حسام» وهو «بهاء. ح»، شاب فى الثلاثينات، من شارع المنيرة فى امبابة، كان مروجاً للمخدرات فى منطقة المهندسين قبل سنوات، وقال: «صباع الحشيش لو بيتباع بـ600 فى المناطق الشعبية هنا بيتباع بـ 900 أو 1000 وأكتر، وبعدين هنا الشغل أغلبه على الحشيش والبودرة، مش كتير اللى بياخدوا البرشام، لأن الحشيش غالى وبيعمل دماغ حلوة، إنما البرشام والبودرة بيضيع»، مشيراً إلى أنه الآن يتعاطى الحشيش فقط وليس أى نوع آخر ولم يعد يتاجر أو يروج.
الزبائن شبان وبنات "محجبات ودون حجاب"
وعن أكثر الموزعين شهرة فى المنطقة قال «حسام» إن هناك «ديلر» شهيراً وله مكان مفضل فى شارع وادى النيل فى كافيه معروف -فرع لسلسلة كافيات عالمية- يتخذ منه مكاناً لترويج بضاعته على الزبائن من الشباب والفتيات، مشيراً إلى أن 90% من البنات المتعاطين للمخدرات يشربن «الحشيش» والقليل «يشم الكوكايين»، لأن سعره فى المناطق الراقية مرتفع جداً.
"بهاء": البنات بيطلبوا "بسكوتة" والكيس مكسبه 7 آلاف جنيه
وعلق «بهاء» على حديث صديقه قائلاً: «على فكرة مش لازم البنت تبقى بشعرها، عشان تتعاطى مخدرات، أنا كنت ببيع لبنات محجبات، وكانوا يقولولى عايزة الحشيش البسكوتة، وهما ولا فاهمين حاجة، قليل اللى بيفهم فيهم، بس هما بيحبوا البسكوتة عشان حشيشة طرية وحلوة».
وخلال الجلسة أشار «بهاء» إلى طاولة تجلس عليها 3 فتيات وشابان، وقال: «ركز مع دول، هتلاقى حد بيرميلهم حشيش، وعلى فكرة أصحاب الكافيتريات بيبقوا عارفين وساعات فيه منهم بيطلع مصالح بس للزبون اللى هو يعرفه أوى، طبعاً محدش يقدر يشرب جوه الكافيه»، وبعد أقل من ربع ساعة شاهدنا الشاب الأنيق يسلم عليهم مرة أخرى وجلس على أحد المقاعد وترك لهم كيساً صغيراً يخفى ما بداخله، ثم غادر دون أن يتحصل على أى أموال، وبعد فترة من الوقت عاد إليهم وأخذ مبلغاً من المال وغادر.
وبسؤالنا عن المكاسب الذى يجنيها مروجو المخدرات، قال: «كيس الحشيش سمكه سنتيمتر وعرضه 8 سنتيمتر وطوله 14 سنتيمتر، بيتباع بـ6 آلاف، وصباع الحشيش بيبقى 8 سنيتمتر يعنى الكيس يعمل 14 صباع، والصباع فى المنطقة الراقية بيتباع بـ900 جنيه أو 1000، وبيكون أقل فى الحجم كمان، بيتضحك عليهم فى السعر وفى الكمية يعنى بيكسب فى الكيس الواحد حوالى 7 آلاف وممكن يتباع فى يومين، علشان كده بيركبوا عربيات فارهة»، مشيراً إلى أن «قرش» الحشيش لا أحد يعرفه الآن وأنه كان فى الماضى يسمى «قرش» ولكن الآن المصطلح الدارج هو «صباع»، بينما تم استبدال مصطلح «فرش الحشيش» بـ«الكيس».