الخائنون للوطن ليسوا فقط هم الجواسيس الذين يعملون لحساب الدول والمخابرات الأجنبية لنقل معلومات وأسرار تضر بالأمن القومى للبلاد.
الخائنون ليسوا فقط الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء ويسعون لزعزعة استقرار البلد ووقف مسيرة تقدمه.
الخائنون للوطن ليسوا فقط الهاربين خارجه ويستقوون بجهات أجنبية من أجل تدمير البلد وإثارة البلبلة بين أفراده وإفقاد الثقة فى مؤسساته وقيادته.
ليست هذه فقط هى خيانة الوطن، ولكن هناك نوعاً آخر من الخيانة التى لا تقل خطورة على البلد من الأنواع الثلاثة التى ذكرتها (الجواسيس والإرهابيين والهاربين).
فالفاسدون هم أيضاً خائنون للوطن، والمسئولون الذين لا يؤدون عملهم بإخلاص وضمير هم أيضاً خائنون للوطن.
المنافقون هم أيضاً خائنون للوطن لأنهم لا يقولون الحق ويزينون الباطل.
والمستوردون الذين يسعون لتدمير الصناعة الوطنية من أجل مصالحهم الشخصية هم أيضاً خائنون للوطن.
وتصدير المواد الخام دون تصنيعها فى مصر خيانة للوطن.
والموظفون الذين لا يتقون الله فى عملهم هم أيضاً خائنون للوطن.
وكل من يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة البلد ولا يحافظ على الممتلكات العامة هو أيضاً خائن للوطن.
ومن يجامل فى اختيار القيادات فهو أيضاً خائن للوطن.
وكل من لا يسعى إلى تطوير أدائه وتجويد عمله وتخفيف آلام الناس ومعاناتهم هو أيضاً خائن للوطن.
حتى المواطن الذى يعتدى على الأملاك العامة ويتهاون فى حقوق الدولة ولا يحسن استقبال السائح والمستثمر أو الزائر الأجنبى، هو أيضاً خائن للوطن.
خيانة الجواسيس والإرهابيين والهاربين سهل التعامل معها والقضاء عليها لأن عناصرها المجرمة معروفة لنا جميعاً، ولكن المشكلة فى الفئات الأخرى التى ذكرتها، فعلاجها صعب جداً وأكثر خطورة على الوطن.
هذا بلد ملكنا جميعاً، وكلنا مسئولون عنه، ومطلوب فقط من كل مواطن أن يؤدى عمله بإخلاص وضمير.
ومطلوب من كل مسئول أن يكون قدوة وحريصاً على الصالح العام، ويؤدى أكثر مما هو مطلوب منه، لأنه يؤسفنى كثيراً أن أسمع من أى مسئول كلمة «هذا لا يدخل فى اختصاصى»، فكل مسئول، مهما كانت درجته الوظيفية، يستطيع عمل كل شىء فى صالح البلد، حتى لو كان بعيداً عن اختصاصه الوظيفى.
بلدنا فى ظروف تحتاج من الجميع أن يؤدى عمله بإتقان، وأن يرحم بعضنا بعضاً حتى نخفف على أنفسنا ظروف الحياة الصعبة وضغوط المعيشة.
القضية الأهم التى تشغلنى هى استيراد كل شىء من الخارج حتى لو كان له نظير محلى أو يسهل إنتاجه فى مصر. صحيح أن الحكومة مؤخراً وضعت ضوابط نجحت فى تقليل فاتورة الاستيراد، وصحيح أن هناك اتفاقيات دولية تغل من يد الدولة فى منع الاستيراد تماماً، ولكن كان يجب على المستوردين أنفسهم أن يكون لديهم الشعور الوطنى تجاه البلد ووقف الاستيراد وتصنيع ما يتم استيراده، أو على الأقل الاعتماد على الإنتاج المحلى، ويكفيهم ما تم تحقيقه من أرباح طائلة.
مصر خلال عشرات السنوات الماضية أنفقت أموالاً طائلة على الاستيراد، كانت كفيلة أن تحقق لها نهضة صناعية محلية تجعلها فى مصاف الدول الكبرى المتقدمة.
ولكن للأسف المستوردون كانوا سبباً رئيساً فى تدمير الصناعات الوطنية الناجحة فى كل المجالات.
وكل سلعة يحتكرها عدد قليل جداً من المنتفعين لا يشغلون أنفسهم سوى بمصالحهم فقط ولتذهب مصلحة البلد إلى الجحيم.
اللهم احفظ مصر من كل أنواع الخيانة ما ظهر منها وما بطن.