تهانى الجبالى: المعالجة الفكرية للإرهاب تسبق المواجهة الأمنية
تهاني الجبالي
قالت المستشارة تهانى الجبالى، مقررة لجنة مواجهة التطرف والإرهاب، إن اللجنة تضم نخبة من الشخصيات المتخصصة فى كل المجالات، وهو ما يمنحها الفرصة لكى تضع استراتيجية ثقافية لمواجهة التطرف.
وأكدت «الجبالى» فى حوارها لـ«الوطن» أن نشر الوعى هو حائط الصد لمواجهة الأفكار المتطرفة، مشيرة إلى أن مصر دولة تضخ أفكاراً ورؤى، وقدرتها على إدارة قواها الناعمة مرهونة باسترداد دورها الثقافى والفكرى.
مقررة لجنة مواجهة التطرف: ضرورة توظيف الثقافة الجماهيرية للوصول إلى مختلف أرجاء الوطن
لماذا قبلتِ الترشح كمقررة للجنة؟
- أنا من ضمن المكلفين وطنياً بعضوية المجلس الأعلى للثقافة، وهذا الاختيار تم من خلال الوزارة ولم أعتد فى حياتى ألا أقبل بمهمة وطنية، ولا أى نشاط يفيد مصر، وعشرات من الشخصيات الوطنية لديها الرغبة للقيام بدور ثقافى وتوعوى، وهو تكليف وتشريف.
وما فلسفة عمل اللجنة؟
- لجنة مكافحة الإرهاب والتطرف هى إحدى اللجان المستحدثة فى لجان السياسات والتنمية الثقافية، فى التشكيل الجديد للمجلس، وهى استجابة للتوجه الاستراتيجى للدولة المصرية لضرورة الانتباه إلى دورها الثقافى الرائد، لأن مصر دولة تضخ أفكاراً ورؤى، وقدرتها على إدارة قواها الناعمة مرهونة باسترداد دورها الثقافى والفكرى لمواجهة الظاهرة الأخطر فى العالم فى هذه المرحلة، وهى التطرف والإرهاب، ومهمتها وضع استراتيجية لكل الجهات الوطنية، وفى الوقت نفسه تبلور برامج عملية للتحرك جماهيرياً فى أوساط الشباب والمرأة، بهدف تحصين المجتمع ضد الظاهرة الخطيرة، وتعالج الآثار المترتبة على الاختراقات القائمة من بعض التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
وكيف ترين تشكيل اللجنة؟
- تضم نخبة من الشخصيات المتخصصة فى كل المجالات، وهو ما يمنحها الفرصة لكى تضع استراتيجية ثقافية لمواجهة المشكلة، كما أن مشاركة رئيس هيئة قصور الثقافة عنصر إيجابى فى تشكيل اللجنة، لأنه سيكون لدينا فرصة لتوصيل ما يتم الاتفاق عليه من أهداف وبرامج عملية لنشر ثقافة المواجهة لكى تصل إلى العمق الجماهيرى فى مواقع قصور الثقافة الموجودة فى مصر، باعتبارها من الأدوات الوطنية، بخلاف أدوات الثقافة والتعليم والتعليم العالى والأوقاف والإعلام، واللجنة هى مجرد العمود الفقرى، وتحتاج أطرافاً وعقولاً من خارجها، ومصر ثرية.
الإدارة الناعمة للدولة مرهونة باسترداد دورها الثقافى
ما آليات العمل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف؟
- لدينا أمل فى المرحلة جديدة فى حياة المجلس، وبعد التطوير الأخير فى اللائحة واستحداث اللجان الجديدة واتجاه الوزارة، كل لجان المجلس تعمل بطريقة الأوانى المستطرقة، تفضى لبعضها البعض، فلجان رسم السياسات الثقافية والسياسية، سيكون مهمتها ضخ الأفكار والبرامج التى تسمح لباقى اللجان أن تكون عينها على تحقيق هذه الأهداف، لأنه من الضرورى ألا نعمل بنظام الجزر المعزولة، ولجنة التطرف والإرهاب سيكون لها أثر على عمل باقى لجان المجلس، مثل الموسيقى والمسرح والسينما والفنون التشكيلية والتاريخ والجغرافيا، حتى تحقق هدف مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
هل تعتقدين أن المواجهة الثقافية قادرة على حل المشكلة؟
- نشر الوعى هو حائط الصد، وأهمية المواجهة الفكرية أنها تعالج المنبع، أى تعالج العقل الذى يُنتج عملاً إرهابياً، بينما المواجهة الأمنية هى آخر خطوط الدفاع، لأن التطرف والإرهاب ينشأ فى البداية كفكرة، يؤمن بها عقل، ثم تتحول بعد ذلك إلى سلوك عنيف، فتأتى هنا المواجهة الأمنية.
الجمهور لا يشعر بعمل اللجان.. كيف تفسرين ذلك؟
- التجربة السابقة فى اللجان كان بها سلبيات كثيرة لا بد أن نعترف بها، المجلس لم يصل إلى عمق التأثير الثقافى فى المجتمع، والآن أصبح لدينا آلية النقد الذاتى، والمشكلة كانت فى عدم وجود شكل من أشكال التنسيق بين عمل اللجان، وفى الوقت نفسه ضيق المجال العملى وحصره فى القاهرة، وعدم النزول للعمق الجماهيرى أو الاستفادة من آليات وزارة الثقافة. ومن هنا تأتى أهمية مشاركة رئيس الثقافة الجماهيرية فى اللجان، ونجاح الأمر مرهون بالتنسيق ومتابعة تحقيق الأهداف، ولذلك لا بد أن يكون لدينا استعداد دائم للتطوير ومواجهة ثغرات العمل، والأمل أن نتعلم من ذلك لنتقدم خطوة للأمام.
من أين تكون البداية؟
- توليد التطرف والإرهاب لدى من صنعوه استغرق سنوات طويلة ليفرض نفسه على المجتمع، هناك مساحة من المسئولية الوطنية التى تتطلب قراءة درس التاريخ لفهم الأخطاء التى ارتُكبت، وألا نكررها، ونحن نحتاج أن نؤمن بذلك وألا نقبل بأنصاف الحلول، فالمواجهة تحتاج رؤية وشجاعة وحسماً، وتحتاج إيماناً بالجماهير، ولدىّ تجربة سابقة مع وزارة الشباب بمشاركة مجموعة من الشخصيات الوطنية، فى 2014 نظمنا 22 دورة تدريبية على مستوى أنحاء مصر، لتوعية الشباب، لتحفيزهم على التفكير، ووصلنا إلى عمق الصعيد فى الأقصر، وهى التجربة التى أثبتت لى أننا بحاجة إلى حركة واسعة فى العمق المصرى، ومن الممكن أن تتكرر هذه التجربة.
ما ملامح المرحلة المقبلة فى ظل رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030؟
- الاستفادة من التطور المؤسسى الذى تم فى إعادة تشكيل اللجان بمنهج جديد، وأن يرتبط عمل هذه اللجان بالأهداف الاستراتيجية التى وضعتها مصر لنفسها فى هذه المرحلة من تاريخ الدولة، وهى استراتيجيات وطنية واضحة، جزء منها العدالة الثقافية ومنها مواجهة التطرف والإرهاب، وإذكاء القيم الاجتماعية الإيجابية ومواجهة الظواهر الخطرة، وهى كلها أهداف للمجتمع المصرى كله وواجب اللجان والمجلس أن يتابع ويترجم هذه الظواهر إلى أهداف قابلة للتنفيذ وأن يتم التعاون فيها مع باقى الوزارات المعنية، لذلك فسيكون من الضرورى التنسيق مع وزارات الشباب والرياضة والتعليم والتعليم العالى والأوقاف، وهى همزة الوصل بالجماهير.