يحكى أن رجلاً صاحب دبة كانت تسهر على حراسته، وذات ليلة رأت الدبة ذبابة تحط على وجه صاحبها وهو نائم، فلم تتحمل مضايقتها له وقالت: «لا أدع الذباب يسيمه عذابا» وضربت الذبابة وهى على رأسه فتهشم، «فأهلكت الخليل بفعلها الجميل»!
هذه القصة تتشابه تماماً مع قصة «السيسى» وأعضاء حملته، الذين يُخسرونه يوماً بعد يوم من رصيد شعبيته وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً! فقد وفر السادة أعضاء الحملة على المتربصين بها خلال الأسابيع القليلة الماضية عناء البحث عن مادة للسخرية من «السيسى» وحملته، فقدموا لهم على طبق من فضة، سلسلة من المفاجآت أثارت موجات من السخرية والضحك على صفحات المواقع الاجتماعية كان أولها مجموعة صوره الجديدة، فبدلاً من أن تُستثمر صورة القائد والمُخلّص التى أحبه فيها مؤيدوه، ظهر «السيسى» فى صورة النجم الرومانسى! أما عن صورته وهو يركب الدراجة فكانت صادمة إلى الحد الذى جعل كثيرين يظنون أنها (فوتوشوب)! ولا أعرف من الذى اقترح عليه هذا الاقتراح وكيف وافقه الباقون؟! وكيف ظنوا أننا قد نصدق أن رجلاً بشعبية «السيسى» يستطيع أن يركب دراجة أو حتى مدرعة ويسير بها آمناً فى شوارع مصر بغير حراسة ودون أن يتعرض لدهس الجماهير حباً وليس كراهيةً؟! (ده عمرو دياب ما يقدرش يعملها يا جدعان)! هذه الصورة تعيد إلى الأذهان واقعة (الخُص)، يوم فوجئنا بالرئيس المخلوع مبارك على شاشات التليفزيون وهو يشرب الشاى مع مواطن داخل خُص، واتضح فيما بعد أنها لم تكن سوى تمثيلية هزلية يراد بها إظهاره فى صورة الرئيس المتواضع!
ولم تمض إلا أيام على صورة الدراجة حتى فوجئنا بصورتين تملآن الـ«فيس بوك» إحداهما للمرشح «حمدين صباحى» وهو يخضع للإجراءات الطبية الخاصة بالترشح للرئاسة (واقفاً)، وأخرى لـ«السيسى» وهو يخضع لنفس الإجراءات (جالساً)، ومحاطاً بمجموعة من الموظفين الذين تقطر ملامحهم تملقاً! ألم يدرك السادة أعضاء الحملة أن إلزامه بالقواعد أكثر إفادة له من كسرها؟! وأن ظهوره بهذا المظهر المتعالى يزيد من حجم التوجسات من إعادة صنع مبارك جديد؟! ألم يروا من قبل صور «أوباما» وهو يمارس رياضة الجرى بملابس رياضية بسيطة، أو صور «بوتين» وهو يداعب كلابه بعفوية، أو صور «ديفيد كاميرون» وهو يحمل طفله أثناء التسوق؟! ثم كانت الطامة الكبرى بلقاء «السيسى» بمن قيل إنهم (شباب المبدعين)، رغم أنهم مجموعة من المجهولين!
أما عن تهليل الإعلاميين (النص لبة)، ومقالات أصحاب الأقلام الرخيصة، فحدث ولا حرج، يكفى أن تعلم أنه لو نظم شاعر من عصر مبارك قصيدة بفجاجة قصيدة (نساؤنا حبلى بنجمك) لاعتبر وقتذاك حادثاً جللاً، أما الآن فقد (طفحت) المقالات والقصائد حتى فاقت فى إثارتها للغثيان مقال (والله يعصمك من الناس) الشهير، ومقال (طشة الملوخية) الأشهر، وكل ما كتبه أعضاء جوقة مبارك مجتمعين! وختاماً، أقول كلمة حق ولا أخشى بها لومة لائم: لو استمر أداء حملة «السيسى» على ما هو عليه فسوف تذهب به وبشعبيته إلى ما وراء الشمس.