منذ شهرين، وتحديداً فى عدد الأربعاء الرابع والعشرين من أبريل الماضى، نشرت مقالاً فى هذه الجريدة المحترمة بعنوان «المرض ليس كورونا وحده».. حذرت فيه من إهمال الأمراض الأخرى لصالح مرضى كوفيد وحدهم.. وبعده بشهر كامل وفى السابع عشر من مايو الماضى كتبت مقالاً آخر بعنوان «مقترحات لخطة التعايش».. ذكرت فيه بعض الاقتراحات البسيطة لإعادة العمل فى مستشفيات وزارة الصحة مرة أخرى بالتوازى مع الخطة الحالية لمواجهة فيروس كورونا.. فالمرض لم يتوقف عند كوفيد فقط.. والمتضررون من إيقاف العمل بالمستشفيات أكثر بكثير من مرضى هذا الفيروس اللعين.. فى المقال المذكور ذكرت نصاً «ينبغى على قطاع الطب العلاجى أن يحصر مرضى الأمراض المزمنة والمناعية الذين يعتبرون أكثر عرضة لمضاعفات الإصابة.. ويتم توفير العلاج الشهرى لهم بشكل آلى ومنتظم دون أن يحتاجوا للذهاب إلى المستشفيات أو العيادات الخارجية.. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق التسجيل على موقع إلكترونى محدد ويتم تسليم العلاج لهم بمواعيد محددة ومن منافذ خاصة. كما ينبغى إعادة العمل فى المستشفيات بشكل جزئى.. وأن يتم التعامل مع حالات الإصابة كجزء من التعامل اليومى مع كل الحالات فى المستشفيات.. ينبغى أن تشتمل الخطة على آلية واضحة لإعادة العمل بالعيادات الخارجية وليست العمليات بمستشفيات وزارة الصحة، بجانب استقبال حالات الاشتباه.. على أن يتم تخصيص غرفة فرز فى مدخل كل مستشفى وتحديد مسار ثابت لحالات الاشتباه بمعزل عن باقى الحالات».
منذ ساعات قليلة صرحت السيدة وزيرة الصحة عن نية الوزارة إعادة العمل بشكل جزئى بالمستشفيات لمرضى الأمراض المزمنة.. على أن يتم تخصيص ممرات آمنة لهم فى الدخول والخروج منعاً للعدوى..!
أن تأتى متأخراً أفضل من ألا تأتى.. لذا فأنا أشعر بالسعادة أن الوزارة قررت أخيراً أن تلتفت لبعض المقترحات وتعمل على تنفيذها.. فأكثر ما يرهق الأنظمة الصحية هو حالة الطوارئ المرفوعة فيها.. التى تستنفر كل إمكانياتها دون أن تلتفت للأمراض الأخرى.. كما أن العالم كله أدرك أن الذين يعانون بسبب الكورونا أكثر بكثير من الذين يعانون بها..!
توجد دراسة جديدة من المملكة المتحدة.. وتحديداً من جامعة برمنجهام تفيد بأن ٢٨٫٤ مليون عملية جراحية سيتم إلغاؤها فى ٢٠٢٠ بسبب «كوفيد».. الدراسة تمت باستخدام قواعد بيانات ٣٥٩ مستشفى فى ٧١ دولة.. وتشير إلى أن العدد مرشح للزيادة ٢٫٤ مليون عملية لكل أسبوع زائد فى تلك الجائحة!! تقول الدراسة إن جراحات العظام ستخسر ٦ ملايين عملية.. بينما سيحرم مرضى السرطان من ٢٫٣ مليون عملية قد تنقذ حياتهم!! الخلاصة أن الأذى الذى سببه كوفيد للمرضى أكثر قسوة بكثير من تأثيره المباشر..!! نحتاج أن تستمر الوزارة فى الإنصات للتعليقات والاقتراحات التى يمكن أن تفيد.. فربما يخرج علينا البيان الرسمى للوزارة «بعد ستة أشهر» بقرار الوزيرة بتصميم الموقع الإلكترونى لتسليم أدوية الأمراض المزمنة.. أو بقرار أكثر تأثيراً أن تتخلى عن فكرة مستشفيات العزل من الأساس.. ويتحول الأمر إلى جناح للعزل فى كل مستشفى بجوار الحالات العادية.. ولكننى أرجو ألا يتأخر الأمر عن الأشهر الستة.. فربما لا تجد الوزارة بعدها من تعالجه..!!