هناك نجوم لامعة براقة مدهشة لافتة للأنظار تخطف القلوب وتسكنها وتتربع على عرشها دون منافس، فهى واضحة كالشمس فى المشهد والصور والذكريات، تقضى حياتها كاملة فى حالة من التوهج، تسحب الاهتمام وتشد انتباه الجميع لها، فهى نجوم حقيقية، وإذا كانت علوم الطبيعة تقول إن للنجوم ميلاداً وخفوتاً وبينهما يتغير بريقها وشدة وضوحها للعين المجردة فإن تلك الفئة التى نتحدث عنها لا تعترف بذلك ولا تسير وفقه، حيث تقضى حياتها كاملة بنفس الوضوح. وفى طفولتنا قضينا أيامنا الجميلة نغنى للنجوم فى أشهر أغنية عرفناها ونحن ننادى النجمة الصغيرة كى تتلألأ وسط ضحكاتنا البريئة ورؤوسنا تنظر للسماء وعيوننا تطاردها فى مسارها، اعتقاداً منا أن لكل شخص نجمة خاصة جداً، وعلى قدر حبها له تظهر وتبرق وتلازمه فى تحركاته فهى ملاكه الحارس. وإذا كانت علوم الفلك تقول إن النجم يولد عندما يحدث تصادم للغازات، حيث تتجمع وتتقلص المسافات فيما بينها بشكل كبير، ويحدث تسارع لحركة الغازات وتبدأ درجة الحرارة فى الارتفاع، مهيئة الجو المحيط لما يشبه التفاعل النووى، فينتج غاز الهليوم الذى يسبب إشعاعات النجوم وحجمها وقوة بريقها، فإن التجارب الحياتية والكوارث والأزمات التى نمر بها فى الحياة تؤكد أن هناك نجوماً من البشر، وأن بريقهم هو الأعلى والأبقى والأوضح، وأنهم ينافسون به ضوء الشمس فى أقوى صوره. وقد أعجب الفلاسفة والشعراء بالنجوم وتناولوها فى جميع أعمالهم وإبداعاتهم، من أفكار فلسفية وتفسيرات للظواهر الكونية والحكم والشعر والنثر، فقال عنها سقراط (لا يمكن للنجوم أن تلمع دون ظلام)، وأكد نفس المعنى الكاتب تشارلز إيبرد عندما كتب (يمكنك رؤية النجوم عندما يكون الظلام حالكاً)، أما الكاتب عبدالوهاب المسيرى فله مقولة شهيرة (إن السقوط فى الوحل أسهل بكثير من الصعود للنجوم). فإذا جمعنا معانى تلك الكلمات، التى صدرت عن من عاشوا فى أزمنة مختلفة وبلاد تبعد عن بعضها كثيراً، فسندرك أن لدينا كوكبة ضخمة من تلك المخلوقات النورانية تحيط بِنَا وتدافع عنا وتحاول أن تحمينا بتلك الهالة التى منحها الله. ففى إحدى مراحل حياة النجوم تتكون حولها هالة خارجية ضخمة جداً لها لون أحمر، وتشع ضوءاً شديد اللمعان، ويطلق عليها علماء الفلك مرحلة العملاق الأحمر. ولأن كل كوكبة تكون شكلاً فى السماء أو صورة ترسمها بأجسادها المتراصة يفسرها المتابعون لها على اختلاف حضاراتهم وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، فمنها كوكبة الجبار والشعرى اليمانية والذى يعتبر أسطع نجوم السماء ورابع ألمع جرم فى السماء بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة، ومثلث الصيف الذى يتكون من ثلاثة نجوم ساطعة، ويظهر بوضوح فى ليالى الصيف، فقد نافست كوكبتنا المصرية كل هؤلاء وأجبرت علماء الفلك على إعادة النظر فى نظرياتهم، وبدأوا يسجلون أسماء نجومها ويرفعون صورهم للسماء ليراها العالم كله وليغنى لها الأطفال والكبار ويطلبوا منها أن تتلألأ. كوكبتنا تضم هؤلاء أصحاب المعاطف البيضاء والأيادى الماهرة والعقول البراقة، التى اعتادت أن تتصدر المشهد منذ طفولتها بتفوق منقطع النظير، والتى يطلقون عليها الجيش الأبيض. كوكبتنا تضم أساتذة وعمداء كليات وأطباء تخدير وصيادلة وممرضين وفنيين، وتضم طلبة متطوعين فى عمر الزهور وأمهات وزوجات. سلاماً لأرواحهم الطاهرة التى افتدونا بها، ولا تنسوا أن تبحثوا عن صورهم وضحكاتهم فى السماء وسط أجمل الكوكبات.