هل تعرفون ما «المنخوليا»؟
إنها كما عرّفها العلماء الأقدمون، حالة من فساد وتشوش الفكر، وسوء الظن، والميل إلى الخوف المخيف من الغير.
ويكفيك، عزيزى القارئ، أن تتصفح المواقع الاجتماعية لدقائق معدودة، لتتأكد أن معظم مستخدميها أضحوا فى حالة متقدمة من المنخوليا، خاصة فى عرَضيها الخاصين بتشوش الفكر، وسوء الظن! ولا أعلم إن كان السبب هو الحر الذى أصبح لا يُحتمل فى ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى، بالإضافة لانقطاع المياه لساعات طوال، ومعاناة الصيام ونقص النيكوتين طوال شهر رمضان المنقضى، أم أن الأمور اختلطت علينا، بحيث صرنا فى حاجة ماسة لإعادة تصحيح للمفاهيم، وفى مقدمتها مفهوما «الإنسانية»، و«العروبة»، التى ظلمها الجهال، حتى إنهم استقطعوا منها فلسطين، ثم نسبوها لـ«حماس»!
فلسطين، يا سادة، ليست غزة، وغزة ليست حماس، والمتعاطفين مع الفلسطينيين ضد الاحتلال الصهيونى ليسوا خونة وليسوا بالضرورة متعاطفين مع الإخوان، كما أن رفع البعض لشعار: «يسقط حكم العسكر» لا يشكك بأى حال من الأحوال فى اعتزازهم بجيشهم، وحبهم لوطنهم، الذى يرون مصلحته بعيداً عن الحكم العسكرى، من وجهة نظرهم التى أصبح لزاماً علينا احترامها إرساءً لقواعد الديمقراطية التى قمنا من أجل عيونها بثورتين.
ولما أصبحت «العروبة» أرملة لا تجد من يسعى إليها، فماذا عن «الإنسانية»؟! ماذا عن «الضمير»؟! كيف وصل الخدر بضمائركم للدرجة التى سمحت لكم بالتهليل والتصفيق لسيدة تطالب بطرد الفلسطينيين من مصر، ومصادرة أموالهم، والقبض على كل متعاطف معهم بتهمة الخيانة العظمى، بل وإلغاء القضية الفلسطينية من المناهج التعليمية، علماً بأن تعاطفنا مع غزة التى هى جزء من عروس عروبتنا المغتصبة فلسطين، لا يعنى تأييداً لحماس، كما أنه لا يعنى أننا لسنا محزونين لاستشهاد أفراد القوات المسلحة، كلنا نحب ونفخر ونعتز بجيشنا، وإن يمسه قرح، يمسنا قرح مثله.. وأكثر، ولكن البعض يستغل الأحداث لخلط المفاهيم، ولا أملك إلا أن أصرخ فيهم، وفيكم كما صرخ «مظفر النواب» من قبل:
«أين شهامتكم؟! إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم».