بكل صراحة نسأل.. إذا اكتملت التنمية فى سيناء وستكتمل.. وزرعت بالبشر وسكنها عدة ملايين من المصريين وانتهى تهديدها إلى الأبد.. فأى ورقة ضغط يمكن اللعب بها واستخدامها ضد مصر؟
ونسأل: ماذا لو اكتمل مشروع الضبعة النووى؟ محطة نووية بأربعة مفاعلات بخلاف الطاقة المنتظرة، لكن الأهم هو المجال الذى ستتقدم فيه مصر بشكل غير مسبوق لتكتسب خبرات نووية وكوادر وعلماء، حتى لو كانت المحطة سلمية.. وهى سلمية فعلاً..؟
وماذا لو استكملت مصر وستستكمل إن شاء الله خطة زيادة المساحة الزراعية التى تسير بخُطى ثابتة ومنتظمة كأنها قفزات ووثبات عالية وكبيرة حتى تصل إلى الاكتفاء الذاتى من القمح بعد ما حققناه فى الأرز والسكر والعشرات من الخضراوات والفاكهة حتى بلغ فائض التصدير الـ6 ملايين طن تقريباً انخفض قليلاً بسبب أزمة كورونا، لكنه سيعود إلى ما كان عليه قريباً، رغم أنه مع وجود الأزمة حقق أيضاً رقماً قياسياً تجاوز الـ5.5 مليون طن!
وماذا لو خطة مصر من الطاقة التى لم تتوقف عند حدود محطات عملاقة مع شركات عالمية كبيرة ممتدة من بنى سويف إلى العاصمة الجديدة، إلى البرلس، إلى الضبعة، بل امتدت إلى صور أخرى من توليد الطاقة، بلغنا فيها رقماً قياسياً كأكبر محطة طاقة شمسية فى أسوان، إلى أكبر محطة طاقة رياح فى جبل الزيت بأسوان.
وماذا لو أكملت مصر مشروعها للطرق الذى يفتح شرايين الحركة فى كل الاتجاهات ولكل الأسباب، ليس للتنمية وحركة النقل والأفراد والسلع فحسب، وإنما الحركة من الشرق إلى الغرب والعكس لاعتبارات الأمن القومى بأسرع وقت وأسهل حركة!
وماذا لو حيدت وحلت مصر مشكلة التكدّس العمرانى داخل الوادى الضيق إلى آفاق أوسع وأرحب بطول البلاد وعرضها فى العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة إلى جبل الجلالة، إلى ناصر بأسيوط، إلى قنا الجديدة، إلى ملوى الجديدة، إلى توشكى، إلى الفشن الجديدة، إلى نجع حمادى الجديدة!
وماذا لو أكملت مصر وستُكمل رؤيتها الاستراتيجية للجيش المصرى العظيم، وامتلك أفضل وأحدث أسلحة العالم وأصبحت قواته الجوية ذات تصنيف دولى متميز، وكذلك قواته للدفاع الجوى، وكذلك قواته البحرية، وباقى أفرع القوات المسلحة العظيمة!
وماذا لو أكملت مصر خطتها لاستنهاض صناعة النسيج فى خطة كبيرة وطموحة بدأت بالفعل، سبقتها خطة استنهاض شركة «كيما أسوان» وسبقتهما شركات «سيماف» وترسانة الإسكندرية و«حلوان» للصناعات الهندسية و«حلوان» للصناعات المعدنية، ومعها استعادة مكانة صناعة الدواء المصرى، وصولاً إلى اكتفاء ذاتى، كما كانت فى الستينات!
وماذا لو نجحت مصر فى تحجيم أزمات مزمنة ظلّت تؤلم الجسد المصرى كله سنوات طويلة فى العشوائيات والبطالة والتضخّم والفساد الذى يُبذل لمواجهته جهد خارق بسبب تفشيه طوال أربعين عاماً بلا رادع حقيقى وفعال، خصوصاً أن خطوطه وخيوطه تمتد خارج البلاد ومافيا استنزفت شعبنا سنوات طويلة واعتدت على ذلك بسبب غياب المواجهة الحقيقية، فكوّنت مراكز ضغط قوية وكبيرة وفجأة وجدت نفسها أمام حرب شرسة بعد أن منح الرئيس السيسى الضوء الأخضر لوقف كل هذه الفوضى الفاسدة المفسدة التى عملت فى كل شىء من التهريب إلى الممنوعات إلى أغذية وسلع فاسدة، بما فيها قطع غيار الأجهزة المختلفة والسيارات، ولا يمكن أن تستسلم ويضيع نفوذها وتضيع أرباحها ومكاسبها ومصالحها!
الآن بعد استعراض سريع وبخطوط عريضة وعناوين عامة نسأل وبجدية: كيف سيكون شكل مصر إذا تم إنجاز ذلك كله؟ هل يمكن لقوة أن تضغط على يدها الموجوعة (سيناء)؟ هل يمكن أن تبقى مصر كما كانت طوال نصف القرن تقريباً، لا هى على قيد الحياة، ولا هى فى عداد الموتى، وإنما جسد منهك على الدوام، يعانى كل أمراض الدنيا؟
وإذا كانت مصر بذلك ستكسر القيود التى فُرضت عليها وستتجاوز معادلة الشر التى كتبت لها طوال تاريخها، فهل سيتركونها فى حالها؟ وإذا كان كل ذلك بناه الرئيس السيسى لشعبنا، فهل سيقبل شعبنا أن يفشل كل ذلك؟ أو أى من ذلك؟! أو حتى هل يقبل شعبنا أن يتوقف كل ذلك أو بعض منه؟! أم سيدافع عنه ويحميه ويلتف حول قيادته لإكماله وإنجازه؟
هل سيقبل أن تتوقف التنمية الهائلة كما حاولوا وقفها فى الستينات بعدوان يونيو؟ أم استفدنا من الدرس ولن يتكرر مرة أخرى أبداً؟
الإخوان عملاء أعداء مصر وخدمهم لن تكون رسالتهم المجرمة هى رغبتهم فى منع تقدم مصر، وإلا رفضهم الناس أو من تبقى منهم. وإنما ستكون رسائلهم عن معاناة هنا أو قرار هناك.. وأعداء مصر لن يقولوا أيضاً إنهم ضدنا للأسباب ذاتها.. وإنما مرة سيحركون أزمات إقليمية ضد مصر.. مرة فى الشرق ومرة فى الغرب ومرة فى الجنوب.. أما ملف حقوق الإنسان فهو الملف الدائم الجاهز ليفتح فى أى لحظة.. وبالطبع ليس الغرب حريصاً على حقوق أى إنسان وهم يقتلونهم فى أماكن كثيرة من العالم، وقتلوهم فى السابق فعلاً.
السؤال الآن وإذا كانت على شعبنا مسئوليات، فعلى مؤسسات الوطن أيضاً مسئوليات.
نحن فى احتياج شديد إلى ما يوحّدنا جميعاً الفترة المقبلة.. نحن فى غنى عن أى قرار لم يستوفِ الدراسة المطلوبة ولم تتم مناقشته جيداً على جميع مستويات النقاش الممكنة.. ونحن جميعاً فى غنى عن أى ارتباك يطال جبهتنا الداخلية.. لا نحتاج إلا جبهة واحدة تشمل الجميع حتى المعارضة الوطنية المصرية التى تختلف على السياسات ولا تختلف على الوطن.. المعارضة الحريصة على لعب دورها فى الرقابة والتصحيح الدائمين.. المعارضة التى لا تعرف التمويل الأجنبى ولا امتدادات لها خارج الوطن.
كل ذلك يحتاج إلى مناقشات وتصورات تضع مصر الآن على المسار الصحيح.. الذى نريده وندعو إليه.. مجتمع واحد متماسك وقد صمّم على استكمال مشواره إلى تحقيق أحلامه.. وأحلامه كلها كاملة مكتملة.. لا يمنعه مانع ولا توقفه سدود مصطنعة.. يحتشد خلف قيادته ومعها نحو الوطن الذى نريد!