خبير في قضايا الإرهاب لـ"دويتش فيله": مواقع التواصل الاجتماعي "منبرا" للجماعات المتطرفة
في القرن الواحد والعشرين، استبدلت البندقية بـ"فيس بوك" والدبابات بـ"تويتر"، فالحروب فقدت عناء صعود الجبال، أو التدريب لسنوات لتحقيق استقلال ما، أو الاستيلاء على أرض الغير، فالكلمة على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تؤدي إلى الحق، مثلما حدث في "الربيع العربي"، أو بمثابة رصاص تستخدمه الجماعات المتطرفة، وأصبحت تشكل إحدى الوسائل التي تستخدمها تلك الجماعات المتنامية النفوذ، من أجل الترويج لخطاباتها واختراق عقول الشباب وبالتالي لاستقطابهم إلى صفوفها.
في هذا السياق، أوضح موقع التليفزيون الألماني "دويتش فيله" أن هناك صورًا وفيديوهات وأخبار لا متناهية وبمحتويات قاسية، تلقى لدى عدد من الشباب، كثيرًا من الإعجاب والتعليقات المؤيدة، فـ"المجاهدون" ينشرون مقاطع ومشاهد عن تنفيذ عملياتهم "البطولية" ويدعون الشباب فيها إلى الهجرة من أجل الجهاد.
الصحفي المغربي، الخبير في مجال التواصل والإعلام، محمد أحمد عدة، يعبر عن اعتقاده أن تلك الجماعات وجدت في المواقع الاجتماعية، مجالًا خصبًا لنقل صورها ورسائلها، لأن مراقبة تلك المواقع، على عكس الوسائل التقليدية، أمر صعب، كما لا يمكن ضبطها بسبب انتشارها الواسع.
ويوضح الخبير محمد عدة، في حوار مع "دويتش فيله"، أن الوسائل التقليدية التي كانت تستخدم في الماضي، لاختراق أفكار الشباب لم تعد متاحة اليوم، ولم يعد ممكن القيام بذلك في الخفاء، في السابق كانت تلك الجماعات تستغل التجمعات والمساجد والولائم وغطاء الجمعيات لنشر خطاباتها واختراق أفكار الناس، غير أنه مع تزايد الرقابة عليها وانتباهها للإمكانيات الكبيرة التي تتيحها تلك المواقع فقد أصبحت تعتمد عليها الآن بشكل كبير.
كذلك، يعتبر حسن أبو هنية، الخبير الأردني في قضايا الإرهاب، أن عددًا من المواقع تحول بالفعل إلى "منبر" لتلك الجماعات في السنوات الأخيرة، واعتبر أن إمكانية الدخول السهلة إلى تلك المواقع وسهولة التعامل معها، بالإضافة إلى ظهور جيل جديد من الجهاديين الذين يتقنون التعامل مع الأساليب والتقنيات الإلكترونية الجديدة، يساهم في هذا التطور بشكل قوي.
بالنسبة للخبير الأردني، رأى في حواره لـ"دويتش فيله"، أن هناك ثلاث مراحل في "المراحل الجهادية العالمية"، أولها "جهادية أفغانستان" و"مرحلة 11 سبتمبر" ثم مرحلة" ما بعد الثورة السورية"، ويلاحظ أبو هنية، وجود تطور في استخدام الوسائل الهادفة إلى استقطاب الشباب ابتداء من الوسائل التقليدية ومرورًا بالوسائل الإلكترونية المحدودة لتصبح المواقع الاجتماعية الآن الأكثر تأثيرًا بعد الثورة السورية.
وعن تقييم هذه الجماعات للمواقع الاجتماعية بهدف اختراق عقول الشباب، يقول الخبير المغربي في مجال التواصل والإعلام: "إن هذه الجماعات وجدت في المواقع فضاء لممارسة الاقتداء، فعندما يصل أحد "المجاهدين" إلى عين المكان تُنشر صوره وهو ينفذ عمليات أو يلتقي قيادات يعتبرها البعض رموزًا، أو يحصل على الغنائم والأموال بعد تنفيذ العمليات، فيشكل ذلك إغراء لمن لم ينضموا بعد".
وحسب رأيه، فإن ما تقوم به الجماعات هو "إثارة مشاعر الشباب الذي يعاني من الفقر المادي والمعرفي ومن تدني الوضع الاجتماعي".
وأشارت "دويتش فيله"، إلى أن هناك حديث في بعض التقارير الصحفية عن وجود شباب بمستويات تعليمية عالية بين "المجندين الجدد"، وهو ما يشير إليه الخبير أبو هنية الذي أوضح "كنا نلاحظ في أفغانستان أن معظم الجهاديين ينتمون إلى طبقات متدنية، أما الآن فقد تغيرت تركيبتهم فأصبحوا من جميع المستويات التعليمية والثقافية".
"لا أعتقد أن هذه الجماعات تضم أطرًا عليا، وقد لا تعدو أن تكون متوسطة المستوى وحتى إذا وجدت فيها أطر عليا، فلا شك أن ذلك يقوم على فقر روحي، تغذيه أفكار، مثل دخول الجنة وملاقاة الحوريات هناك وغيرها من الأفكار التي تروجها الجماعات بهدف الاستقطاب"، كما يرى الخبير المغربي محمد عدة.