تتضمن رؤيتى لمصر التى فوق السحاب موضوعاً مهماً يتعلق بإعادة الاعتبار لرموز الدولة المصرية الحديثة، إلى جانب الاعتزاز بالحضارة المصرية العريقة منذ عصر الفراعنة العظام. تكمن نقطة البدء من تأسيس الدولة المصرية الحديثة على يد محمد على، الذى نقل مصر من ولاية عانت كل صنوف التخلف خلال قرون السيطرة العثمانية إلى دولة عظمى بمعايير النصف الأول من القرن التاسع عشر. لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لجميع رموز الدولة المصرية الحديثة دون استثناء، ودون التأثر بالأهواء السياسية. يجب أن يعلم كل طفل وفتى مصرى وكل طفلة وفتاة مصرية ما قدمه الآباء المؤسسون للدولة المصرية الحديثة، من محمد على وإبراهيم باشا وسعيد باشا والخديو إسماعيل والخديو عباس حلمى الثانى والملك فؤاد والملك فاروق؛ ورفاعة الطهطاوى وعلى مبارك؛ ومحمود سامى البارودى وأحمد عرابى وعبدالعال حلمى وعلى فهمى؛ ومصطفى كامل ومحمد فريد؛ وسعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى وعدلى يكن وعبدالخالق ثروت ومحمد محمود وإسماعيل صدقى ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وأحمد ماهر ومحمود فهمى النقراشى؛ وأحمد لطفى السيد ومحمد حسين هيكل والعقاد وطه حسين وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم. لقد قدم كل من هؤلاء وغيرهم من الحكام وزعماء الأحزاب السياسية ورموز الحركة الوطنية المصرية والمفكرين والأدباء والشعراء، إسهاماً يعتد به فى ترسيخ أركان الدولة الوطنية المصرية. وبالطبع، فقد تفاوت حجم الإسهام نتيجة اختلاف قدرات ورؤى كل منهم، وتباين البيئات المحلية والإقليمية والدولية المحيطة بهم. ولا ريب أن مصالحة تاريخية مع الحقب السابقة، وتقديم تاريخ مصر الحديث والمعاصر للنشء وللشباب باعتباره سلسلة ممتدة متصلة حلقاتها، كفيل بأن يرسخ لديهم الاعتزاز بالانتماء للوطن المصرى. ليس من المتوقع من دولة عريقة وشعب أبى احتفيا منذ أيام بأروع صورة ممكنة بما يليق بحضارة أجداده الفراعنة العظام، أن يغفلا الاحتفاء برموز الدولة المصرية الحديثة. إذا كان محمد على قد أسس مصر الحديثة، وأرسل البعثات إلى الدول الأوروبية، وأنشأ المدارس العليا «الكليات» فى الطب والهندسة وغيرها، وشيد القناطر الخيرية، فماذا يضير أن نعيد إليها اسمها السابق «قناطر محمد على»؟ وإذا كان إبراهيم باشا قد أسس أول جيش مصرى من أبناء الفلاحين وحقق به أعظم الانتصارات وأذل الجيش العثمانى عدة مرات، وضمت الدولة المصرية بفضل انتصاراته مصر والسودان وشبه جزيرة العرب وبلاد الشام ونصف تركيا الحالية، أفلا يستحق أن نعيد تسمية الميدان الذى يزينه تمثاله الشهير باسمه؟ وإذا كان الخديو إسماعيل قد سعى لتكرار تجربة جده محمد على فأرسل البعثات إلى أوروبا، وأعاد إحياء الجيش المصرى، وأنشأ دار الأوبرا المصرية، ودار الكتب، وكوبرى قصر النيل بأسوده الشهيرة، أفلا يستحق أن نعيد اسمه إلى الكوبرى؟ هذه مجرد أمثلة على إعادة الاعتبار لرموز الدولة المصرية. ويرتبط بما سبق أن تركز المقررات والدراسات الاجتماعية والتاريخ على تاريخ مصر القديم والوسيط والحديث، دون غيره من تاريخ دول أخرى فى المنطقة أو خارجها. ويجب أن يحصل التلاميذ والطلاب المصريون فى مرحلتى التعليم الأساسى والثانوى على جرعة يعتد بها حول أهم مراحل التاريخ المصرى الفرعونى والمسيحى والإسلامى والحديث والمعاصر. وقد يكون من الملائم البدء فى تدريس مبادئ اللغة الهيروغليفية فى المدارس، كى يكون المصريون قادرين فى المستقبل القريب على قراءة ما كتبه أجدادهم على جدران معابدهم الخالدة. آن الأوان كى تتوجه كل الجهود نحو كل ما يؤدى إلى إعلاء اعتزاز المصريين بكل مراحل تاريخهم التليد دون استثناء.