بصورة شبه يومية يخرج تصريح على لسان أحد المسئولين الإثيوبيين يؤكد أن الملء الثانى للسد الإثيوبى سيتم فى موعده أول يوليو المقبل.
وزارة الرى المصرية أكدت فى أكثر من مناسبة أن إثيوبيا لا تنوى توليد الكهرباء حالياً من السد، وأشار المتحدث الرسمى باسمها، المهندس محمد غانم، إلى أن أديس أبابا لم تولد طاقة العام الماضى وبنسبة كبيرة لن تولد هذا العام، ولكنها تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع، وهو ما ترفضه القاهرة.
الحديث عن أن إثيوبيا تريد فرض سياسة الأمر الواقع ليس اكتشافاً، بل مسألة كانت واضحة منذ بدء رحلة المفاوضات بينها وبين مصر والسودان منذ عام 2015.
كما أن ما صرَّح به المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والرى لموقع مصراوى -يوم الأحد الماضى- حول استعداد مصر لأسوأ الظروف ليس مفاجئاً، فقد شرع يؤكد أن لدينا خططاً لتفادى خطر الملء الثانى، وتحدث عن مشروعات تبطين الترع وتشجيع المزارعين على طرق الرى الحديثة التى توفر فى المياه وغير ذلك.
نحن إذاً بصدد معادلة تتعامل فيها إثيوبيا بسياسة «فرض الأمر الواقع»، وتتعامل فيها مصر بمنطق «التعامل مع الواقع» ومحاولة تفادى المخاطر الناتجة عن الملء الثانى.
وقد ذكر سامح شكرى، وزير الخارجية، أمام مجلس النواب أن خطوات مصر القادمة مرهونة بمدى الضرر الذى يمكن أن يقع علينا نتيجة الملء الثانى.
موقف مصر يبدو غامضاً أمام الوضوح الإثيوبى الذى يصل إلى حد التبجح.
ففى الوقت الذى تتحدث فيه إثيوبيا عن فرض إرادتها على دولتى المصب، وتمرير عملية الملء الثانى، يتحدث المسئولون المصريون عن التعامل الواقعى مع المشكلة ومحاولة الحد من آثارها من خلال مشروعات الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها، وهناك فى المقابل تصريحات أخرى تتحدث عن أن كل الخيارات فى التعامل مع مشكلة السد مطروحة.
لقد وصفت مصر مفاوضات كينشاسا أوائل أبريل الماضى بمفاوضات «الفرصة الأخيرة».. والآن يتبقى على الملء الثانى للسد الإثيوبى أقل من شهرين.. فماذا تبقى لكى نبدأ التفكير فى الخيارات الأخرى للتعامل مع الأزمة؟
لست بحاجة إلى تذكيرك بكلام الكثير من الخبراء حول أن مرور إثيوبيا بالملء الثانى يعنى أن المسألة انتهت عند هذا الحد.. وعلى كل من دولتى المصب الرضاء بالمقسوم، بل وبما هو أسوأ، خصوصاً أن السيد سامح شكرى أكد أمام مجلس النواب أن هناك مشروعات أخرى على النيل الأزرق تقوم بها إثيوبيا، وهى مشروعات سدود جديدة.
الوقت يمضى.. ومنسوب القلق يزيد لدى المواطن المصرى، فنحن بصدد خطر سوف يعيد صياغة وقائع التاريخ، وخرائط الجغرافيا، ومعطيات الواقع الذى نعيش فيه.
ليس ذلك وفقط بل لقد انضاف عامل الغضب الشعبى من أسلوب التعامل الإثيوبى المتعجرف إلى جملة العوامل التى تحرك مشاعر المواطن العادى نحو قضية السد. فثمة حالة ضجر من التصريحات اليومية المستفزة التى تصدر عن أديس أبابا ويرى البعض أنها تستوجب الرد.
كل يوم يمضى من الآن فصاعداً وحتى أوائل شهر يوليو يعنى اقتراب الخطر.