فى 2 أكتوبر الحالى اجتمعت الحكومة وقررت زيادة أسعار الأسمدة بنسبة تتراوح بين 37.9% إلى 40.7% لتعويض مصانع الإنتاج عن زيادة أسعار الطاقة التى فعلتها الحكومة فى يوليو الماضى، وحضر ذلك الاجتماع وزراء الزراعة والتخطيط والاستثمار والمالية والصناعة، وكذلك رؤساء شركات الأسمدة كالدلتا وأبوقير والنصر وكيما، إضافة إلى شركات القطاع الخاص وهى المصرية والإسكندرية وموبكو وحلوان، باعتبارهم جميعاً ممن يتعلق بهم الموضوع. وبحسب المصدر الحكومى الذى أعلن عن الاجتماع فإن أسعار الأسمدة قد تُحول خسائر بعض شركات الأسمدة إلى أرباح فى نهاية العام المالى الحالى.. حسناً.
اجتمع هؤلاء بحكومتهم وقرروا معاً دون أن يستدعوا للاجتماع من يعنيه الموضوع أيضاً ويدفع وحده فاتورته، وهو الفلاح المتضرر من هذه الزيادة، لمعرفة آثار ومدى احتماله لمثل هذا القرار الآن، بعدما زادت أيضاً عليه مثل تلك الشركات الحاضرة أسعار الطاقة التى يستخدمها فى الحرث وتخطيط الأرض والرى والدرس والحصاد والنقل وحفر الترع والمصارف ومعظم العمليات الزراعية الأخرى، مما رفع أسعارها عليه أيضاً.
هذا التجاهل من الحكومة للفلاح ليس سهواً وإنما كان مقصوداً ومخططاً ألا يرد بجدول الأعمال، حسب المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه، بأن «الاجتماع الوزارى لم يناقش أى بدائل لتعويض المزارعين عن زيادة الأسعار التى طبقت فى 12 أكتوبر»! لماذا لم تفكر الحكومة فى ذلك وهى تعلم جيداً، حسب المفهوم من التصريح، أنها تعلم جيداً مدى الضرر الجسيم الواقع على المزارعين بعد زيادة أسعار كل ما سبق الإشارة إليه؟
يحدث ذلك لأنه ليس له فى مثل هذه الاجتماعات والجلسات ولا فى الشارع صاحب ولا ابن، بينما هو غارق فى الكدح والعمل. الضرر الواقع على المنتجين الزراعيين من زيادة الأسعار يضاف إليه انخفاض أسعار المحاصيل، التى تتسبب فيها الحكومة أيضاً بسياساتها وتوجهاتها الحكيمة المستمرة منذ عملها قبلاً مع مبارك العظيم! فعلى سبيل المثال قررت الحكومة شراء أردب القمح للموسم المقبل بسعر 420 جنيهاً، وهو نفس سعر العام الماضى والهدف تنفير المزارعين من زراعته وزيادة استيراده!
وبينما كان الفلاح يبيع الأرز الشعير فور حصاده (أغسطس/سبتمبر) العام الماضى بسعر 1400 جنيه للطن فإنه باعه هذا العام بين 1200 و1300 جنيه للطن، وكان المعزول د. مرسى قد أعلن تسليمه للمضارب وقت رئاسته بسعر 2000 جنيه بعد تجفيفه أى ما يعادل 1700 و1800 جنيه فور الحصاد. ويلحق بهذا التدنى فى الأسعار نسبة التضخم التى تعدت أكثر من 11% هذا العام فقط. خسائر مضاعفة. انخفضت الأسعار لأن الحكومة تمنع تصديره رغم أنه مكدس فى مخازن وزارة التموين بكميات كبيرة، حسب لجنة وزارية خاصة، اجتمعت مع مصدرين أخيراً وتوصلوا لتوصية بتصديره بعدما أخذوه بالحصار من الفلاح الحزين بالسعر البخس الذى يقل بنسبة 50% عن السعر العالمى، ولن يستفيد منه الكادح شيئاً بعدما دعم الجميع؛ الحكومة الرشيدة والمواطنين والتجار والمصدرين الذين يحضرون الاجتماعات والجلسات والحفلات النافعة المُربحة من عرق الكادحين المنتجين والأكثر عرضة للخسارة، سواء لظروف جوية أو نقص مياه الرى أو أمراض مختلفة تصيب النباتات أو بسبب المبيدات المغشوشة التى زاد غشها فى السنوات الأخيرة نتيجة فقدان الرقابة الجادة على بيعها وتصنيعها.
ولم أحدثكم عن القطن.
هل بمثل هذا ستنمو البلاد ويرتاح العباد؟!