نادى الرئيس «مرسى» خلال زيارته للعريش بــ«العبور الثالث»، وقصد بذلك العبور نحو التنمية والاستقرار، مستلهماً فى ذلك روح أكتوبر، وعبّر الدكتور محمد البرادعى عن مسيس حاجتنا إلى استدعاء قيم أكتوبر حتى نستطيع النهوض. ما أشبه الليلة بالبارحة!، ففى كل ذكرى لانتصار أكتوبر -حتى أيام المخلوع- كان يثور السؤال: كيف يمكن أن نستعيد روح أكتوبر؟، تماماً مثلما يتكرر الحديث فى كل عيد أضحى عن قصة الذبح العظيم التى افتدى به المولى عز وجل نبيه إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
ولا يختلف من يبحثون عن روح أكتوبر اليوم عن هؤلاء الذين يحلمون بإنتاج عمل غنائى فى قامة «إنت عمرى» لكوكب الشرق. كيف يمكن وليس لدينا «أحمد شفيق كامل» ليكتب، وعبدالوهاب ليلحن، وأم كلثوم لتغنى؟. المسألة لا تعدو الحلم. تريدون استعادة روح وقيم أكتوبر.. إذن ائتونا بـ«أنور سادات» جديد، ومشير جديد فى تفانى وإخلاص «أحمد إسماعيل على»، وجندى باسل فى قامة هؤلاء الجنود الذين عبروا فى أحلك الظروف، وهزموا عدوهم بسلاح يحمل الإسرائيليون ما هو أفضل منه. لقد حكى لى أحد الضباط الميدانيين الذين شاركوا فى نصر أكتوبر أن العسكرى المصرى كان يرى أن الحرب نزهة، قياساً إلى ما كان يلاقيه من إرهاق فى الإعداد والتدريب.. ائتونا بضابط مهندس مصرى قبطى فى ذكاء «باقى زكى يوسف» الذى اقترح تحطيم خط بارليف بفكرة غير مسبوقة، من خلال استخدام مضخّات المياه.
ائتونا بموسيقار فى حجم «بليغ حمدى» ليلحّن، وشاعر فى مستوى «عبدالرحيم منصور» ليكتب: «بسم الله، الله أكبر بسم الله أذن وكبر.. نصرة لبلدنا بإيدين ولادنا.. وأدان ع المدنة.. بيحيى جهادنا».. أو شاعرة فى إبداع «علية الجعار» التى سطرت بعد سويعات من بدء المعركة «وسمينا وعدينا.. وإيد المولى ساعدتنا».. إنها أغانٍ وطنية تتحدث عن النصر بأعمق المعانى الدينية، دون أن يكون الرئيس من المتحدثين بـ«قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم»، ودون أن يكون رئيس الوزراء «ملتحياً»، ودون أن يذهب المحافظ إلى مبنى محافظته بـ«جلباب» أبيض، ودون أن يكون لدينا حزب اسمه «الحرية والعدالة» وآخر اسمه «النور»، وتيارات شعبية وجبهات مدنية!.
أنّى لنا أن نستعيد روح أكتوبر؟.. لقد قال الشاعر قديماً: ومكلّف الأيام ضد طباعها.. مستوجب فى الماء جذوة نار.لو أمكن لهؤلاء إشعال ماء البحر بعود كبريت، فإننى أستطيع القول بقدرتنا على استعادة روح أكتوبر.. روح أكتوبر ولّدها موقف عظيم، وقيم أكتوبر أنتجها بشر استثنائيون.. عندما تتلبس أرواحهم من يعيشون فوق هذه الأرض كمجرد أجساد قد يختلف الأمر.. وإلا قابلونى فى أكتوبر الجاى!.