عندما يشعر الإنسان بالوحدة والخوف والقلق لأى سبب فإن أول ما يتذكره ليدعم به نفسه ويقويها وليسند ظهره حتى لا ينهار أو يسقط خاصة إن كان ذلك الإنسان امرأة أو فتاة، لمسة يد الأب أو الحبيب وهى تقبض على كفه وكأنها تخفيها عن الجميع وعن الأقدار وقسوتها والأحلام والأمنيات الضائعة التى تفشل فى الوصول إليها أو تحقيقها، وكأنها تشدها لأعلى لترفعها بعيداً عن خطر السقوط أو الانزلاق.
والشد على اليد له معانٍ عديدة ومختلفة حتى إن علماء النفس قاموا بالعديد من الأبحاث والتجارب لترجمة جميع أنواع المصافحة التى كتب عنها الشعراء وغنى لها المطربون واعتبروها أرق تعبير عن الحب والرغبة والاشتياق ونادوا بها الأحباب.
وإذا أردنا أن نبحث ونفهم معنى المصافحة فلا بد أن نقرأ فى علم لغة الجسد والذى يعتبر من أقدم علوم الفراسة والتأثير بل من أهم لغات العالم التى تعكس ما يدور داخل عقل الإنسان نفسه وطبيعة تواصله اليومى مع الأشخاص وتعاطيه مع مواقف الحياة.
فقد أصبح حالياً من السهل على المتخصصين فى قراءة لغة الجسد معرفة الكثير من دون أن يخبرهم أحد بذلك من خلال عدة أمور تبدأ من تواصل العينين وتعبيرات الوجه وحركات أجزاء الجسد والهيئة الخارجية للشخص، وفى شرح لغة الجسد ركز الباحثون على الحركات الجسدية ومنها التواصل البصرى والابتسام والمصافحة.
ومن أبرز الحركات المؤثرة فى الخطاب حركة اليدين والأصابع التى تستطيع توصيل رسالات ضمنية مختلفة تصنع تأثيراً إيجابياً أو سلبياً.
وقد اهتمت الجامعات ومراكز الأبحاث بطرق المصافحة المختلفة ففى جامعة (ألاباما) تم إجراء بحث على عدد من المتطوعين عام 2000 لدراسة الانطباعات المختلفة عن طرق المصافحة حيث أثبتت نتائج ذلك البحث أن المصافحة القوية قد تشير إلى أن الشخصية تميل إلى الانفتاح على التجارب الجديدة، فى حين أن أولئك الذين لديهم مصافحة ضعيفة قد تشير إلى الخجل أو القلق.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك حيث أكدت معانى لغة الجسد أن مصافحة النساء أضعف بكثير من مصافحة الرجال لأنه من المعتاد أن تعبر قوة القبضة عن مدى قوة الشخصية، أما اكتمال القبضة أثناء المصافحة فتشير إلى الثقة بالنفس كما أن مدة المصافحة والتواصل البصرى تعتبر من إحدى العلامات التى تشير إلى قوة المشاعر وماهيتها التى يكنها الشخص، ويعتبر استخدام اليد اليمنى بشكل عام من العادات ومن آداب السلوك إلا أن المصافحة تختلف من ثقافة إلى أخرى ومن بلد لغيرها.
وقد عرفت الإنسانية المصافحة منذ تاريخ طويل حيث ظهرت إحدى أقدم الصور المعروفة الموجودة من نقش آشورى قديم من القرن التاسع قبل الميلاد حيث ظهر الملك الآشورى (شلمنصر الثالث) وهو يقوم بمصافحة يد الملك البابلى (مردوخ) لإبرام التحالف بينهما.
ويقول أستاذ علوم الاتصال وعلم النفس (روس باك) من جامعة (كونيتيكت) إنه إذا كانت لغة الجسد هى عملية اتصال بدون كلمات فإنه يمكن للمصافحة فقط أن تقول أحبك أو تقول أكرهك.
وحسب موقع فوكس فإن الدراسة التى قام بها باحثون أمريكيون توصلت إلى نتيجة مفادها أن المصافحة تعكس شخصياتنا أو بمعنى آخر (قل لى كيف تصافح أقل لك من أنت) كما أن طريقة المصافحة لا تتغير لأنها جزء من شخصية صاحبها.
ومن أجمل ما كتبه الشعراء عن المصافحة كلمات محمد حمزة التى لحنها بليغ حمدى وغنتها عفاف راضى فى الثمانينات «سلم سلم سلم سلم مد إيدك يا حبيبى وخد سلامى»، فهيا نمد أيدينا ونتصافح لنشعر بالأمان والحب والسلام.