مبادرات شبابية لاستعادة "روح" الشهر الكريم
تتوالى البروموهات فى جلسته أمام التليفزيون، التى لا تصادف وقتاً طويلاً، تباغته الجولة التى يقوم بها عبر الريموت كنترول بكم هائل من الإعلانات عن مائدة رمضان التى تم إعدادها على مدار العام، المائدة عامرة بكل ما لذ وطاب من دراما وبرامج وأعمال فنية تحقق ما يبتغيه من تسلية وترفيه، لكنها لا تكمل الغرض من الشهر الكريم، يأتيه صوت مقبل من أعماقه، مستفهماً متسائلاً: وماذا عن الحسنات التى يمكن أن تحصدها صلاة وذكراً وقراءة قرآن فى هذا الشهر؟، فيعاود النظر إلى شاشته المكتظة ببرامج ودراما ليكتشف أن المعادلة غير متوازنة، وأن الحسبة منقوصة.
لم تعد أخلاقيات رمضان تبهرنا مثل الماضى، مساوئ طرأت على الشهر الكريم، تتنافى مع الصيام والعبادة والصلاة، تراجع أخلاقى لا يخطئه عقل، مهازل طالت الأسرة المصرية بكل أفرادها، يعيشونها بصورة يومية، يكفى أن شاشة الشهر الكريم أصبحت مجالات لمسلسلات صنفت مشاهديها بعبارة «للكبار فقط» نظراً لحجم المشاهد الخارجة والملابس العارية والمحتوى الذى لا يناسب الصغار ولا الشهر الكريم، الأمر الذى توقف عنده عدد من الشباب بمبادرات عاجلة، استحضروا فيها أفكاراً تناهض مهازل رمضان وتسعى لتغيير سلوكيات باتت متغلغلة فى المجتمع المصرى.
«محمود رفاعى» أحد هؤلاء الشباب، ثمة تغيير طرأ على شخصيته خلال عام واحد، فارق كبير بين رمضان مضى وآخر مقبل بعد ساعات: «كنت بهتم فقط بقراءة القرآن دون تلاوته أو تجويده أو تفسيره»، أسباب كانت تضطر الشاب العشرينى إلى تلاوة القرآن سراً لعدم قدرته على نطق بعض الكلمات «عمرى ما عرفت القرآن غير فى حصة الدين، ووقت قدوم رمضان أختم المصحف بصورة سريعة على مدار الشهر».
إجادة تلاوة القرآن، أكثر الأشياء التى كان يفتقدها: «إزاى معرفش أقرأ القرآن جهراً رغم أن خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، سريعاً أنهى استعداداته لإقامة دروس رمضانية من طابع خاص: «بجمع أصحابى كل رمضان، علشان أمحو ظاهرة قراءة القرآن دون فهم وتفسير، أحاول استيعاب معانيه على يد الشيوخ فى المسجد القريب من منزلى، وأطلقت مبادرة لشباب فى مثل عمرى للالتحاق بأقرب مسجد لتعلم القرآن».
«محمود» أطلق مبادرة بعنوان «كمل رمضانك معانا لتلاوة وحفظ القرآن» لاقت نجاحاً مذهلاً عبر صفحات «فيس بوك»: «أكتر من 20 ألف قرروا السنة دى يحفظوا ويتلوا أجزاء القرآن بالتجويد، ويفهموا التفسير من خلال مجموعات لتفسير القرآن وحفظه، بعد تناول الفطار وأثناء ساعات النهار».
قبل قدوم شهر رمضان، ينتظر كغيره من المصريين مواعيد عرض المسلسلات الدرامية، يكون شغوفاً بمتابعتها وإهدار وقته فى تصنيفها وترتيبها، وإعداد جدول لها، أمور اعتاد عليها «خالد أمين» وأسرته منذ نعومة أظافره: «كنت بهتم بالنجوم وأعمالهم الجديدة وطلتهم فى رمضان، وبقيّم الأعمال دى من وجهة نظرى».. «خالد» قرر لعامه الأول أن يدعو الناس من خلال مبادرته إلى الإقلاع عن هذه العادة السيئة: «ليه أشوف مسلسل ما دام ممكن أزور حد من عيلتى؟!».
أول شىء يرد على ذهن «محمد خيرى» عقب تناول الإفطار هو المكوث على المقهى لفترات طويلة، برفقة أصدقاء وزملاء المدرسة، ساعات الدردشة تطول، والأوقات تحلو بعد ملء المعدة بما لذ وطاب».
«خيرى» لم يعد راضياً عن ساعات تهدر دون داع، لن تعوض من الشهر الكريم: «قررت أكون عملى، عملت دورة رياضية لكرة القدم بمجهود ذاتى، بينى وبين أهالى منطقتى، عممت الفكرة، معظم الشباب والصبيان قرروا يشاركونى، ومدربين تطوعوا أيضاً».. الدورات الرمضانية ليست بأمر جديد على هذا الشهر، لكنه أمر فرضه على نفسه الشاب العشرينى للانتهاء من إهدار وقته فى الذنوب: «تفريغ طاقة الشباب فى أمور روحانية ورياضية أهم الأشياء اللى ممكن نخرج بيها من الشهر ويمكن تستمر بقية العام».