مر عام على رحيل الكاتب والمفكر الإسلامى المرحوم حسام تمام.. الذى جمعتنى به صداقة كبيرة.. إذ رأيت فيه شهامة الصعيدى ورجولته، ورقة الإسكندرانى وعطفه.. حيث نشأ فى الصعيد وعاش فى الإسكندرية.
ورغم أن المرحوم حسام تمام كان يصغرنى سناً.. فإننى ما قابلته يوماً إلا واستفدت منه علماً أو فكراً إسلامياً حديثاً يجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الواجب الشرعى والواقع العملى والرؤية الشاملة لمعانى الحضارة الإسلامية بآفاقها التى تسع الدنيا كلها بكافة أجناسها وأديانها.
لقد كان المرحوم حسام تمام يحلم بإنشاء مدرسة حديثة مستقلة وقوية لدراسة الحركات الإسلامية فى العالم تعتمد المنهج العلمى الرصين أسلوباً وطريقة دون أن تتأثر بهذا أو ذاك.. وحاول أن يكون مجموعة من تلامذته وحوارييه لهذا الغرض.. ولكن المرض عاجله قبل أن تكتمل هذه المدرسة.. ولكن القدر كان كريماً معه إذ تركه حتى شهد بنفسه ثورة 25 يناير 2011 وشارك فيها وساهم فى فعالياتها رغم شدة مرضه.. فقد كان يحمل نفس ثائر وقلب طفل رقيق وعقل مفكر مبدع.
لقد كانت هناك ثلاث مدارس لدراسة الحركة الإسلامية قبل حسام تمام هى:
1 - مدرسة التحليل المعملى: وهى التى تدرس الحركة الإسلامية من برج عاجى انطلاقاً من كتبها وأدبياتها دون أن تتعرف عليها على الأرض أو تحتك بها.. أو تقترب من قادتها.. وهذه المدرسة فشلت فشلاً ذريعاً.
2 - مدرسة التوظيف الأمنى والسياسى: وهى التى درست الحركة الإسلامية انطلاقاً من التقارير الأمنية.. أو توظيفاً لدراساتها لخدمة الجانب الأمنى أو السياسى.. وهذه المدرسة كانت تذكر عيوب الحركة الإسلامية وتتغافل عمداً عن إيجابياتها.. وتتلقف أخطاءها وتضخمها.. وتهمل حسناتها ودورها فى الحفاظ على هوية المجتمع من الذوبان والتغريب ودورها فى النواحى الاجتماعية والدعوية.
3 - المدرسة الأيديولوجية: وهى تلك المدرسة التى تدرس الحركة الإسلامية من زاوية أيديولوجية.. إما مدحاً مطلقاً إن كان من أبنائها.. وإما ذماً مطلقاً إن كان من خصومها.. دون أن يكون هناك وسط بينهما.
وقد رفض المرحوم حسام تمام هذه المدارس ونأى بنفسه عنها.. واختط لنفسه أن يدرس الحركة متجاوزاً الموقف الأيديولوجى سواء مدحاً أو قدحاً.. وبعيداً عن التوظيف الأمنى أو السياسى.. وبألا يكتب عن شىء حتى يقابل أصحابه ويطلع على وثائق الأمر.. حتى أصبح لديه الحس القوى فى معرفة صحة أو خطأ نسبة هذا الكلام إلى صاحبه من قادة الحركة الإسلامية لفرط معرفته بهم فكرياً ً وإنسانياً ومعايشته الكثيرة لهم فكراً وسلوكاً.. حتى إنه كان حريصاً دوماً على ألا ينفصل أبداً عن الحركة الإسلامية.
وكان يردد دائماً «لا يمكن أن تحكم على الحركة الإسلامية من أدبياتها فقط».. وذلك لأن كثيراً من هذه الأدبيات عادة ما تكون متأخرة عن السلوك السياسى والاجتماعى للحركة الإسلامية التى يدخلها عادة التطور والمراجعة.. وإن لم تصرح بذلك أو تكتبه.
واختط المرحوم حسام لنفسه خطاً متميزاًً يجعله دوماًً على مسافة متساوية من كل الحركات الإسلامية من خلال منهج اجتماعى يدرس الحركة الإسلامية من خلال المنهج الاجتماعى.
وقد عايش بنفسه جميع الحركات الإسلامية واقترب منها وتواضع للجميع ولم يجعل حاجزاً بينه وبين أحد رغم اعتداده بنفسه وحفاظه على كرامته.