فاصل طويل من «العك الفضائى»
محمد سعد وأمانى الخياط وتوفيق عكاشة وائل الإبراشى
ضاربين بميثاق الشرف الإعلامى عُرض الحائط أمام الكاميرات، ينطلق اللسان دون رادع، تتحول الشاشة الصغيرة إلى منصة قضاء، ويتحول المذيع إلى قاضٍ يُصدر أحكاماً مُطلَقة دون التفات إلى دوره كمذيع فى إبراز القضايا ومناقشتها بشكل حيادى أو حتى فى إعلام المواطنين بما هو دقيق وصحيح.
الإعلامى بين «وهم الزعامة» و«عته الشهرة» يقف عدد لا بأس به من المذيعين.. تجدهم يتسببون فى أزمات أخلاقية.. ودبلوماسية أيضاً.. وبعدها يستمتعون بـ«نشوة» الجلوس على خراب المجتمع
لم تخلُ السنوات الماضية من سقطات الإعلاميين على اختلاف منابرهم الإعلامية، كانت أقلها هى تلك المعلومات المغلوطة التى يخرج بها المذيع على مشاهديه باعتباره منفرداً بها، ثم يتبين أنه أخطأ وأسهم فى نقل معلومات مغلوطة للمواطنين، مروراً بانسحاب الضيف من حلبة المناقشة أو حتى طرده لتصبح تلك التفاصيل أمراً شبه عادى على تلك الشاشات، ويصبح فيها حكم المذيع نهائياً، بل وتطور الحال إلى تطاول المحاور على الضيوف أو على الطرف محلّ النقاش بألفاظ خارجة دون اهتمام بحقوق المشاهدين أو ما يجب عليه فعله على الهواء.
كان للإعلامى أحمد موسى، المذيع على قناة «صدى البلد»، نصيب الأسد من تلك السقطات التى تدرّجت بين نقله معلومات مغلوطة باعتباره صاحب انفراد، ونشره لقطات خارجة لا يجوز نشرها على المواطنين، وانتهاء بطرد الضيف الذى يجادله بصورة لا تعجبه، على حد تعبيره.
فى 12 أكتوبر من العام الماضى أذاع «موسى»، عبر برنامجه «على مسئوليتى»، مقطعاً مصوراً للعبة شهيرة، مدَّعياً أنه تسجيل من هجمات الجيش الروسى على معاقل تنظيم «الدولة» فى سوريا، معلقاً بقوله: «روسيا مابتهزرش، أمريكا هى اللى كانت بتلعب»، فيما سخرت منه جريدة «الواشنطن بوست» إذ علَّقت قائلة: «هذا مرعب حقاً، لكن ليس تبعاً لاعتقادات موسى».
«عكاشة» صاحب الرصيد الأكبر من الجدل.. و«الخياط» و«بدوى» تشعلان أزمات دبلوماسية.. و«هايدى» تتهم المصريات بخيانة أزواجهن.. و«موسى» يذيع مقاطع لـ«لعبة» على أنها هجمات لروسيا ضد «داعش».. و«الإبراشى» لا تخلو حلقاته من «المعارك»
وفى التاسع من أغسطس عام 2015 فتح «موسى» النقاش حول ما إذا كانت شهادات استثمار قناة السويس نوعاً من الربا أم لا، بعد ما أشيع عن أن الدعوة السلفية أشارت إلى كونها نوعاً من الربا، واستضاف الشيخ عماد رفعت متحدثاً عن موقف الدعوة السلفية من تلك الفتوى، وحينما اشتد الجدل فى الحوار حاول «موسى» وقف الداعية عن تلك الآراء بيديه تارة وبصوته العالى تارة أخرى، لكن الضيف أبى إلا أن يلوِّح فى وجه الإعلامى «موسى»، ليردّ بقوله: «أنت مُعِدّك اتحايل عليّا عشان أطلع معاك»، فيوقفه المذيع قائلاً: «مولانا، الحوار انتهى، اطلع فاصل»، فيقوم الضيف عن طاولة النقاش قائلاً: «مايشرفنيش أكون معاك فى حوار كده»، فيردّ الآخر: «ولا أنا».
وكانت الواقعة الأشهر التى دفعت كثيرين من الإعلاميين إلى انتقاد «موسى»، وبلغ بينهم الحوار أشده حينما عرض لقطات من فيديو جنسى فى يوم 14 ديسمبر مدَّعياً أنه يخص النائب البرلمانى المخرج خالد يوسف، يعرض الصور العارية متأسفاً، لافتاً إلى أنه حاول أن يدارى كثيراً منها حتى يتمكن من عرضها، ويكشف عن حسن نيته بقوله: «أنا لا أتهم خالد ولا أتجنى عليه، ولكنه على المحكّ أمام 24 ألفاً أو 25 ألف مواطن من أهالى دائرته التى انتخبته ليؤكّد لنا إن كان ذلك يخصه أم أنه مفبرك».
تلك القضية التى أثارها «موسى» أثارت غضب كثيرين ممن تعاطفوا مع المخرج خالد يوسف، لتبدأ سلسلة من التجاوزات على مسامع وأعين المشاهدين، فكان ردّ «موسى» على هجوم الإعلامى خالد صلاح، رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع»، ووجّه تحذيراً إلى موقع اليوم السابع الذى هاجمه بعد نشر الصور قائلاً: «انتم أكتر ناس متعورين وعندكم قسم فى الموقع عن تدريس الجنس وملفات عن تدريس الجنس، انتم فاكرين هتركبوا الموضوع على حسابى؟».
وأضاف: «أحمد موسى ماحدّش معلّم عليه فى مصر كلها.. وقسماً بالله لو فتحت النار هخلّى ناس تعرف حدودها.. وهقول مين باع مين ومين سلّم مين. من إمتى وانتم شرفاء طاهرين انتم أو غيركم؟»، متابعاً: «اللى هيعمل شريف طاهر يلزم حدوده، لو فتحت النار هعوّر ناس كتير.. أنا مش عايز أعمل كده.. لكن لو اضطريت هقلب الترابيزة على الكل وعلى اللى مشغلينهم، واعتبروا ده تحذير».
لكن «صلاح» لم يصمت أمام أسلوب «موسى»، فبدا الأمر أشبه بنوع جديد لم يشهده المواطن من قبل أقرب ما يكون إلى الردح الإعلامى، فيقول له: «أملك معلومات خطيرة جداً تضرّ الإعلامى أحمد موسى، وإذا وصل به مستوى التدنى إلى مهاجمتى لاستضافة خالد يوسف فاعلم أننى سأقف لك بالمرصاد.. وافتكر لما كنت بتيجى تعيط لنا علشان تتصالح مع أسامة الغزالى حرب، علشان ماتتحبسش، افتكر كنت بتعيط إزاى وطلعناك إزاى»، مضيفاً: «رفضت عرض نشر تطاول عدد من الإخوان على موسى بعد ما ضربوك على قفاك، وعيب علشان انت مش قدى». مستوى التدنى فى الحوار لم يكن العلامة البارزة فى الفضائيات المصرية، إذ باتت صلاحيات المذيع أقوى من القضية التى يطرحها، وكانت أبرز القضايا التى أطاحت بشعبية ريهام سعيد ونجوميتها الواقعة المعروفة باسم «فتاة المول» عندما قامت بنشر صور فاضحة للفتاة.
اتضح فيما بعد أن فريق الإعداد الخاص بريهام سعيد هو من قام بسرقة الصور من على هاتفها الشخصى حينما كانت الفتاة فى استضافة «سعيد» من أجل مناقشة ما تعرضت له فى واقعة التحرش والصفع على وجهها من قبَل الشاب الذى تحرش بها، فتخرج ريهام سعيد يوم 27 أكتوبر العام الماضى بصور خاصة بالفتاة، اكتُشف فيما بعد أنها قامت بسرقتها من هاتفها الشخصى دون علمها، وعرضتها على الهواء لتدين الفتاة فى تلك الواقعة، إذ قالت: «زى ما فيه متحرشين فى الشارع فيه بنات زودتها أوى فى الشارع، لموا بناتكم وحافظوا عليهم مش هيحصلهم حاجة».
كان تعليق «سعيد» على واقعة التحرش بمثابة صفعة على وجه مشاهديها الذين دشنوا هاشتاج «موتى يا ريهام» على مواقع التواصل الاجتماعى، مهددين بعدم متابعة قنوات النهار جميعها، إلى أن تم إعلان الرعاة الرسميين للبرنامج عن وقف دعمها بعد إساءتها لفتيات مصر بهذه الطريقة. كانت تلك الواقعة بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، إذ إنها ساهمت بعرضها مشكلات الجن والجدل الذى أثير حولها بعد عرضها لتلك القضية، ثم تناولها لمشكلات اللاجئين السوريين فى 29 سبتمبر 2015، ومحاولة الحديث عنهم بطريقة أنهم يشحذون بعد ما حدث لهم من حروب، وأنه على المصريين أن يحمدوا الله على نعمة الجيش المصرى الذى حماهم من مثل هذا المصير، وهو ما أثار استياء الإعلامى يسرى فودة لتدخل فى صراع معه، وتحوِّل نافذتها الإعلامية إلى ساحة قتال بقولها: «انت اتشهرت على قفايا اليومين دول، ولو أعرف إنك بتشوفنى كنت ضربت نفسى بالنار».
الحديث عن الدول بشكل غير لائق كان بمثابة الحفرة التى أوقعت بالإعلامية أمانى الخياط التى خرجت على مشاهديها عبر برنامجها «صباح أون» الذى كانت تقدمه على قناة «أون تى فى»، بأن جانباً كبيراً من اقتصاد المغاربة قائم على الدعارة، الأمر الذى أثار الاستياء، شعبياً ودبلوماسياً.
وقدَّمت القاهرة اعتذاراً رسمياً، عبر وزارة الخارجية، إلى الحكومة المغربية، على ما بدر من أمانى الخياط، بعد مطالبة الخارجية المغربية مصر بالاعتذار عن الإهانة التى لحقت بهم، ثم اتخذت قناة «أون تى فى» ردّ فعل قوياً بمنعها من الظهور مرة أخرى.
لم تكُن أمانى الخياط وحدها من تَسبّب فى أزمة دبلوماسية بأسلوب غير لائق، إذ حازت الإعلامية رانيا بدوى على جانب من تلك الأزمات بإغلاقها الهاتف فى وجه السفير الإثيوبى محمود دربر عبر برنامجها «فى الميدان» الذى كان يُذاع على قناة التحرير يوم 19 يونيو 2014، حينما نشبت مشادة كلامية حول إدارة السدود، إذ قال لها: «أنت لا تفهمين فى السدود»، مما أثار غضب الإعلامية واضطرت إلى الرد عليه: «أنت تجاوزت حدودك وليس من حقك التعليق»، وأنهت الحوار بشكل غير لائق، مما دفع السفير إلى الاحتجاج لدى الخارجية المصرية، وهو ما تسبب فى النهاية فى فصلها من القناة.
لم تخلُ البرامج الرياضية أيضاً من تلك الأزمة، إذ سخر الإعلامى أحمد شوبير من شادى محمد لاعب النادى الأهلى السابق، والمتحدث الرسمى باسم قناة النادى الأهلى، عبر برنامجه الشهير «الكرة مع شوبير» على قناة صدى البلد، والذى قال عنه: «شادية إيه وقرف إيه؟ احترم مراتك، دا انت دبلوم صنايع».
ونال الإعلامى تامر أمين حظاً من تلك السقطات التى أسهمت فى سخرية عديد من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعى حينما خرج «أمين» على فضائية «روتانا مصرية» فى يوم 9 سبتمبر، متحدثاً عن وجود «مجلس أعلى للعالم» يمكنه التحكم عن بُعد فى إحداث براكين وزلازل فى دول معينة، وأنه قادر على تدمير دولة دون أن يدخل معها فى حرب، أو أن يرسل نيزكاً أو شهباً لتدمير الأراضى التى يريد تدميرها.
فيما طردت الإعلامية رانيا محمود ياسين، مقدمة برنامج «صباح العاصمة» المذاع على فضائية «العاصمة»، ضيفها الملحد على الهواء بعد نشوب مشادة بينها وبينه بسبب إصرار الشاب على إنكار وجود القرآن وسيدنا محمد، قائلة: «بره يا كافر».
وفى إحدى حلقات برنامج «العاشرة مساء»، استضاف الإعلامى وائل الإبراشى مواطناً صوَّر طفلة وهى ترقص بسلاح أبيض، وألقى «الإبراشى» اللوم على أفلام السبكى، مما دفع المنتج أحمد السبكى إلى سبِّه على الهواء وذكّره بما فعله به الإخوان خلال زياراته الخارجية مع الرئيس السيسى، فردّ عليه الأخير قائلاً: «منتظر إيه من بلطجى فى ثوب منتج سينمائى؟»، واعتذر للمشاهدين عن الإساءة.
فيما أثار برنامج «نفسنة» المذاع على فضائية «القاهرة والناس» استياء كثيرين، بخاصة بعد خروج هايدى كرم، إحدى مذيعات البرنامج، على المواطنين بقولها: «هناك ستات كتير جداً بتخون أزواجها، والإحصائيات بتقول إن 40% من المصريات فى مصر خائنات لأزواجهن، ودى إحصائيات معمولة مش أى كلام دون خوف أو حياء، وإن الست بتخون لسبب مهم جداً إنّ هى بقت مش عايزة تخسر حاجة خالص، وعايزة تفضل مع الزوج اللى بيديها فلوس ويصرف عليها وعلى ولادها وهى حياتها مستقرة تماماً وماتغيرتش وفى نفس الوقت يبقى فيه الصاحب اللذيذ». وهو ما دفع المحامى سمير صبرى إلى رفع دعوى قضائية معتبراً أن هذا البرنامج يزيد إسفاف وتردّى المجتمع وتدمير الأسرة المصرية.
وكان توفيق عكاشة، صاحب قناة الفراعين، واحداً من أبرز الإعلاميين الذين اعتادوا الوقوع فى مثل تلك السقطات حتى إنه تسببت فى أزمة دبلوماسية مع دولة العراق، بعدما وجّه إهانة صريحة إلى الشعب العراقى، فحسب ما قاله «عكاشة» فى برنامج «مصر اليوم» على قناة «الفراعين»، يناير 2015: «الشعب العراقى.. انتو هتفضلوا بهايم لغاية إمتى؟ هتفضلوا حمير لغاية إمتى؟ هتفضلوا بغال لغاية إمتى؟ إفهم يا واد انت وهو، لا بد من أن تتحد، إفهمى يا ولية يا عراقية جبتو لى المرض. المرض عندى بدأ من العراق. اليهود ركبوكوا ودلدلوا رجليهم»، متجاوزاً جميع العلاقات التى تربط بين مصر والعراق.
وخرج الإعلامى شريف مدكور منفعلاً خلال إحدى حلقات برنامجه «ساعة مع شريف» بسبب انتقاد جمهوره للحكومة والرئيس على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ووجّه رسالة إلى إحدى الفتيات، قائلاً: «هو انتى متربية؟ اتعلمتى فى أى صفيحة زبالة؟ أهلك ربّوكى إزاى وعلموكى إيه؟»، ولآخر يُدعى محمد المغربى، قال: «ربنا ياخدك انت وأهلك».
سقطات الإعلاميين لم تنتهِ لدرجة أن برنامج محمد سعد الجديد بدأ أولى حلقاته بعبارات خادشة للحياء، والتمادى فى التجاوز فى حقّ السيدات وإهانتهن ووصفهن بأوصاف غير لائقة تغزُّلاً فى هيفاء وهبى، وتصرفات لا تخرج من رجل إعلامى.