«عاشور»: كل من «هب ودب» يتحدث فى الدين.. وخطاب التيارات «كارثى»
الشيخ محمود عاشور
قال الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن التيارات الدينية ساهمت بشكل كبير فى تفشى ظاهرة «التدين الشكلى»، لافتاً إلى أن التدين الحقيقى ليس تقصير ثياب أو إطلاق اللحى، لكنه كما قال رسول الله: «ما وقر فى القلب وصدقه العمل». وأكد «عاشور» أن التيارات الدينية مارست الكذب والتضليل ولعبت على وتر الدين، ما أساء للدين ونفّر الناس من دينهم، وإلى نص الحوار:
وكيل «الأزهر» الأسبق: الإخوان كانوا يتشدقون بالشريعة كلما خرجت مظاهرات ضدهم.. ونظامهم ابتعد عن الحكم «بشرع الله»
■ كيف ترى ظاهرة التدين الشكلى؟ ومن المسئول عن انتشارها؟
- التدين ليس تقصير جلباب أو إطلاق لحية، فالتيارات الدينية ساهمت بشكل كبير فى تفشى ظاهرة التدين المظهرى وهذا أساء للدين بشكل كبير، ونفّر الناس من دينهم، وسار الغالبية على هذا النهج، فرغم مظاهر التدين زاد الغش والكذب والنفاق والخداع، والإيمان صار هشاً لدى الناس، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل»، فالمسألة لا تتعلق بالأشكال والصور، وقد حذر الرسول من ذلك بقوله: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»، حتى إن البعض يتباهى بأنه أدى كذا عمرة وأكثر من حجة، ويقومون بنشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعى خلال أداء المناسك.
■ هل توجد علاقة بين تولى الإخوان السلطة وتلك الظاهرة؟
- نعم، انتشر النقاب بين الفتيات ووجدنا أناساً يطلقون لحاهم رغم أن اللحية ليست شرطاً من شروط الإيمان، وكثرت مظاهر التدين وفى ذات الوقت زاد الفساد. والتيارات الدينية مارست الكذب والتضليل ولعبت على وتر أن المصريين متدينون بطبعهم، واستغلوا ذلك لجذب الشباب والفئات الأخرى بالمجتمع لتحقيق مآربها وأطماعها الدنيوية، وبالتالى تاجروا بالدين.
■ كيف تقرأ خطاب التيارات الدينية؟
- الخطاب الصادر عن بعض رموز التيارات الدينية كارثى ويكشف عن جهل ولا ينبغى لجاهل أن يحدث الناس فى أمور دينهم، وليس أدل على ذلك مما شاهدناه فى الفترات الماضية من تصريحات وفتاوى لهم حول الآثار والسياحة وغيرها، فهذا يؤكد أنه خطاب غير عالم وغير مسئول وأن هؤلاء ليسوا أكثر فقهاً فى الدين من عمرو بن العاص عندما فتح مصر ولا من الإمام الشافعى وغيره من الأئمة الذين عاشوا فى مصر ولم يتحدث أحد منهم حول الآثار أو المساس بها.
■ هل التيارات الدينية وحدها سبب شيوع التدين الشكلى؟
- بالطبع، التيارات الدينية، علاوة على الفضائيات الدينية التى انتشرت فى وقت من الأوقاف ورسخت مفاهيم مغلوطة عن الدين على يد مشايخ ينتمون لتلك التيارات.
■ ماذا تقول لهؤلاء؟
- أقول لهم اتركوا الدين لأهل الاختصاص والعلم، فالدين ليس تجارة، والأزهر هو مرجعية المسلمين، فلا يصح لكل من هب ودب أن يتحدث فى الدين ويفتى بغير علم، فى حين يتم احترام التخصصات الدنيوية الأخرى من الطب والهندسة، وعلى هؤلاء إدراك أن الدين ليس فيه فرقة ولا تنابز ولا تقاتل ولا تكفير ولا تفسيق لمسلم ولا اتهام لمسلم بالبدع، الإسلام يجمع ولا يفرق، فالإسلام يربط بين الناس جميعاً ولكن نرى فئات لها هدف دنيوى.
حتى من يدعون أنهم متدينون ليسوا كذلك، فمن يحاول أن يجرى وراء مغانم الدنيا بعيدون عن الدين، وقد وصف الله تعالى المسلمين الأوائل فى قوله تعالى: «لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ».
■ ولكن التيارات الدينية ترفع شعار «تطبيق الشريعة» وتغازل به الجميع؟
- أتذكر أن الإخوان كانوا يتشدقون بالشريعة كلما حدثت تظاهرات مناهضة لحكمهم، وأعتقد أن نظام الإخوان ابتعد عن الحكم بما شرعه الله وليس أدل على ذلك من حالة الفرقة والتشرذم التى دبت فى صفوف الشعب المصرى بسبب سياسة الإخوان.
يتم استخدام الدين فى غير ما شرع له، فبعض المنتسبين للدين يأخذون الإسلام سلماً أو ذريعة للصعود إلى الحكم، ولا يتم تطبيقه ويتم نسيانه ثم نتكلم عن الشريعة والشرعية، فى حين أن الشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه يريدون تطبيق الشريعة ولكن شريعة من؟ هم يريدون تطبيق شريعة الله وليست شريعة الإخوان ولا السلفيين أو من على شاكلتهم.
■ يصل الأمر لحد تكفير بعض المنتمين للتيار الليبرالى والعلمانى من قبل بعض المنتسبين للإسلام، فما رأيك؟
- لا يملك أحد تكفير الناس ولا يصح تكفير الليبراليين والعلمانيين، وأنا كنت من أشد الرافضين لبث قنوات فضائية دينية تبث أفكاراً وتجاوزات لشيوخها بالسب والقذف على عكس ما أمرنا به ديننا.
■ هل توجد ظواهر أخرى تكشف بروز ظاهرة التدين الشكلى؟
- نرى من يخرج علينا من تلك التيارات ويفتى بلا علم ويستغل الأمية الدينية لدى المواطنين، ويؤكد أن النقاب فريضة على سبيل المثال ويقولون كلاماً غير مسئول، ويتحدثون باسم الدين، غير مدركين أن هناك مؤسسة الأزهر الشريف بما لها من باع كبير فى العالم الإسلامى كله وليس فى مصر فقط، فلا ينبغى لشخص أو فصيل من مواليد امبارح وأطلق لحية أو لبس جلباباً قصيراً أن يقدم نفسه على أنه وصى على الدين الإسلامى، أقول لهؤلاء هناك مؤسسة إسلامية دينية مرجعية للعالم الإسلامى كله هى الأزهر الشريف ينبغى أن نعود إليها جميعاً.
■ بم تنصح تلك النماذج؟
- الله سبحانه وتعالى لم يعط توكيلاً لأحد ليتحدث باسمه ولم يعط توكيلاً لأحد حتى يقول إن فلان مسلم وفلان كافر وفلان كذا وأنا المؤمن الوحيد وغيرى كافر، هذا كلام لا ينبغى ولا يصح ولا يجوز على الإطلاق، وما يحدث الآن وما نراه على الساحة تنبأ به الرسول عليه الصلاة والسلام حينما أخبرنا بقوله: «تفترق أمتى إلى ثلاث وستين فرقة أو إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار إلا فرقة واحدة».