العاطفة والبعد عن العقلانية مرض المصريين الذى لا خلاص منه
هارون
العقل والعاطفة عاملان مؤثران فى إدارة شئون الإنسان الحياتية، وقدرتان مهمتان فى تأمين سعادة الإنسان ورغده، ووجود كل منهما فى موقعهِ ضرورى ولازم، وهناك تباين بين العقل والعاطفة من حيث خصوصيات كل منهما ومجال عملهما.
د. أحمد هارون: العقل جزء من القلب وليس منفصلاً عنه والسيدات الأكثر تفكيراً واندفاعاً وراء المشاعر
يقول استشارى الصحة النفسية بمركز دراسات الطفولة جامعة عين شمس سابقاً، دكتور صلاح الدين السرسى: من مميزات الشخصيه العقلانية أنها تزن الأمور فى روية ومفهومية، فعقله من يحكّمه، (غير متسرع) وهذه من أجمل مزاياه، يحب أن يستمع أكثر من أن يتحدث، وقراراته دائماً مبنية على الخصوصية، فيخصص مثلاً ما يقوله للشخص ذاته لا يحب أن يعمم وأن يخوض فى التفاصيل، الشخصية العقلانية «واضح مع نفسه ومع الآخرين»
وإذا أحبك من الممكن أن يتحملك أكثر من العاطفى مهما جرحته. فهنا تكمن العقلانية، ذلك أن العقل هو مصدر المعرفة البشرية ومركز التفكير، والعقلُ يعتمد دائماً أساس المنطق والاستدلال ويحكم فى مختلف القضايا وفق معايير وحسابات صحيحة.
أما العاطفة فلا شأن لها بالمنطق والاستدلال ولا تولى أدنى اهتمام للمعايير والحسابات، بل إن هدف الدوافع العاطفية والأحاسيس هو الإثارة والتحريك وبلوغ النتيجة المرجوة سواء جاءت مطابقة للمنطق والمصلحة أم منافية للاستدلال والمصلحة.
ورغم أهمية العقل والعقلانية فإن له عيوبه ذلك أن العاطفة هى التى تدفع بالإنسان إلى سلوك طريق الخير أو الشر، فالميول العاطفية والرغبات النفسية هى التى تحرك الإنسان، وتارة تراها تنصاع لنداء العقل وتنقاد إلى طريق الخير والصلاح وأخرى تتمرد عليه فتؤدى بصاحبها إلى طريق الشر والوقوع فى الأخطار. ورغم أن العقل هو الذى يمكننا من التحكم فى ظواهر الطبيعة واستغلالها لصالح الإنسان، لكنه جاف وبارد لا يمنح الحياة البشرية دفئاً أبداً ولا يساهم فى تجاذب الناس وتعايشهم بعضهم مع البعض الآخر، على عكس العاطفة تماماً المليئة بالوجد والدفء والنشاط، والدوافع العاطفية هى التى توثق أواصر الناس وتجعل فى نظرهم الحياة جميلة ومطلوبة.
وإن ما يدفع الإنسان إلى العمل هو العقيدة وليس المنطق، فالعقل لا يمكنه أن يمنحنا قوة العيش وفق منطق الأشياء، ولا يساهم فى دفعنا إلى الأمام بل يكتفى بإنارة الطريق لنا.
د. صلاح الدين: الشخصية العقلانية تزن الأمور دون تسرع ود. طه: العاطفى يتعامل مع المشكلة بشكل شخصى
على الجانب الآخر نجد الشخصية العاطفية تتميز بغلبة المشاعر على الفكر وتحرك هذه المشاعر نحو علاقات بالآخرين طبقاً للنبض المستمر للعواطف وبصورة إيجابية وفعالة.
صاحب هذه الشخصية يندفع وراء تقلب مزاجه وعواطفه أكثر من اندفاعه وراء حكم العقل والمنطق وحسابات الربح والخسارة، هى شخـصية سريعة التأثر، سهلة الإثارة والاستثارة، حساسة وشاعرية وحالمة، خيالية، سرعان ما تغضب، تُعرف بسرعة الانفعال والتفاعل، وبأنها دائماً متأججة المشاعر متوهجة الوجدان، ولذلك فهى تستسلم لهوى التقلبات المزاجية وعدم تقدير الأمور بمنطق العقل وتتصف بسرعة انفلات الأعصاب وفقدان التحكم فى الذات، هـذا وقد تبدو هذه الشخصية أحياناً ضعيفة عاجزة عن الدفاع عن نفسها.
يستكمل أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة مصر دكتور طه أبوالحسين: أى إنسان توجد لديه العاطفة والعقلانية، والعاطفى عندما يرغب فى اتخاذ قرار فإنه فى الغالب يتعامل مع المشكلة بشكل شخصى، ويستخدم القيم الإنسانية والأخلاق، والشعور بالحب أو الكره، ويقدم قلبه على عقله لاتخاذ القرار.
يتخذ العاطفى القرار بهدف تحقيق الموازنة، التوافق بين الأطراف، ومحاولة إرضاء الجميع، أما العقلانى عندما يرغب فى اتخاذ قرار فإنه فى الغالب يتعامل مع المشكلة بشكل غير شخصى ويبحث فى الحيثيات والنتائج والمنطق والأسباب، ويؤمن العقلانى بأنه من المهم جداً التعامل مع الأمور بالعدل، ويقول دكتور طه إن العاطفة والفشل طريق واحد «التعلق بالعاطفة خطأ جسيم يرتكبه الإنسان فى حق نفسه، لا بد أن يقود العقل العاطفة، لأن العاطفة والعقل لو اتحدا لا بد أن يتقدم العقل وتتأخر العاطفة»، وهذه المشكله تواجه الشعب المصرى، لأن معظم المصريين يتعاملون بالعاطفة، وذلك يؤثر بالسلب عليهم ولا توجد حلول للمشاكل بل تزداد وتتراكم، ولكن إذا تعامل الشعب المصرى بشكل عقلانى، تتوازن مشاكله وتوجد الحلول بشكل سليم ومنظم.
ويستكمل مستشار العلاج النفسى وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية دكتور أحمد هارون، «لا يوجد شىء يسمى العقل والقلب، العقل جزء من القلب وليس شيئاً منفصلاً العقل مقره فى جسد الإنسان داخل القلب»، وتوجد دراسة مستدلة من عملية لرجل زكى وطموح وتوجد فيه صفات عديدة تميزه، هذا الرجل توفى وتم نقل قلبه لشخص آخر، وتم اكتشاف هذه الصفات المميزة فى الرجل الذى تم نقل القلب له، مع العلم أن هذا الرجل كانت لا توجد هذه الصفات فيه من قبل، فهذا يوضح أن العقل موجود فى القلب وليس فى رأس الإنسان، ويوجد فى الإنسان ما يسمى «طرح المشاعر» وهو مادة لزجة جداً، تخرج من الإنسان بطريقة مندفعة، والسيدات تقع فيه أكثر من الرجال لأنها تفكر بطريقة لا شعورية.