خبراء الطب النفسى: التنمية الاقتصادية الشاملة هى العلاج
إيجاد فرص عمل للشباب إحدى الخطوات لعلاج «جنون العظمة»
يرى أساتذة الطب النفسى أن عملية التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة للأفراد وإيجاد فرص عمل، هى خطوات العلاج الحقيقى لمرض «جنون العظمة» المنتشر فى المجتمع المصرى، وقال الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر، أن السبب الرئيسى وراء الإصابة بمرض جنون العظمة، يرجع إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم سوء الأحوال المعيشية للأفراد، الأمر الذى يدفع بهم إلى التشبث بالنجاحات والإنجازات التى تمت فى الماضى ولم تعد صالحة للوقت الحالى، مثل «إحنا الفراعنة، والمصرى جدع ورجولة، وإحنا اللى علمنا الدنيا كلها»، وأضاف قائلاً: «عندما يقوم الشخص المعتدل بمراجعة موقف المريض الذى يتحدث أمامه، يجد أن كلامه لا يلامس أرض الواقع، وأن ثمة فروقاً كبيرة بين حقيقة وضعه الحالى وما يقوله، ومن هنا تبدأ مراحل الانقسام فى شخصية المريض، حيث يرى نفسه فى مكانة غير حقيقية، فيتحدث بما يليق بها ويخدم فكرته، وهذه هى الخطوة الأولى فى طريق الإصابة بالمرض».
«بحرى»: الثقافة المصرية آخر 100 سنة مشوهة.. و«مجدى»: الاقتصاد أحد عوامل الإصابة بـ«جنون العظمة»
ويتابع دكتور «بحرى»: «الثقافة المصرية فى الفترة ما بين آخر 50 إلى 100 عام اتسمت بأنها مشوهة، وأثرت بالسلب على نفسية المصريين، خاصة من عاش منهم زمنين مختلفين، أحدهما به حضارة وتعليم وإنتاج وتقدم فى مختلف المجالات، والآخر سيطر عليه أنصاف المواهب وتدهورت فيه الأحوال بشكل كبير ملحوظ، الأمر الذى يتطلب احترام المستوى الإنسانى للأفراد، والعودة بهم إلى زمن الحضارة والإنجازات، من خلال رؤية اقتصادية متكاملة، تساعد فى تحسين مستوى الدخول، وتوفير فرص عمل لائقة بالمؤهلات الدراسية، واعتماد نموذج تعليمى محترم يعلو بالثقافة العامة للأفراد، بجانب ضرورة انخفاض الأسعار لكى يشعر المواطنون بآدميتهم التى يفقدون أجزاء منها عندما يصطدمون بواقع حياتهم المرير».
واتفق الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، مع سابقه، فى أن الظروف الاقتصادية تعتبر أحد العوامل الرئيسية فى الإصابة بالمرض فى حالتين، الأولى تتمثل فى شخص نشأ منذ ولادته فى ظروف اقتصادية مرتفعة، لذا فهو يصعب عليه التعامل مع من هم أقل منه، نظراً لنشأته الثرية التى أتاحت له تلبية كافة طلباته، أما الثانية فيكون المصاب بها بدأ حياته فقيراً ووجد صعوبات وعراقيل كثيرة جداً أثناء رحلة صعوده، لذلك فهو يتعامل مع المحيطين به بقدر عالٍ من البارانويا، وأحياناً كثيرة يفقد الرغبة فى التعامل معهم، أو الرد على استفساراتهم، لاعتقاده بأنهم أقل منه وليس من حقهم استجوابه، لذلك يفضل العزلة، وعدم الاختلاط.
«ضلالات» العظمة كما يطلق عليها الدكتور «مجدى»، لا يتم التخلص منها بين يوم وليلة، على حد تعبيره، لأنها تحتاج تضافر جهود عديدة، بداية من الشخص المصاب، مروراً بعائلته والمحيطين به، وانتهاءً بطبيبه المعالج، من خلال إقناعه بأن أفكاره غير صحيحة وأن ما يقوله ليس بالإمكان تنفيذه، ولكن دون أن يشعروه بالحرج حتى لا يتسبب ذلك فى إصابته بمرض آخر، مع ضرورة مراجعة كل ما يقوله من عبارات غير منطقية، وعدم الإيماء له بتصديقها، حتى لا تكون برهاناً له يستخدمها أمام أشخاص آخرين مستخدماً عبارة «حتى اسألوا فلان».
وأضاف أستاذ الطب النفسى قائلاً: «علاج المرض لا يرتبط بشهر رمضان، لأن الشخص المصاب يلجأ فى بعض الحالات لعمل مائدة إفطار كبيرة تحمله فوق طاقته المادية، ويملأها بأفخم الأطعمة، حتى يتباهى بها وسط الناس فيما بعد بقوله (الفطار بتاعى السنة دى كان مكلفنى شىء وشويات)، لأن المريض لا يعلم حقيقة إصابته، فقط يحاول تجميل صورته معتقداً فى تصديق المحيطين له، الأهم من ذلك أن الفترة الزمنية اللازمة للعلاج تستلزم مدة زمنية طويلة».