فهل تحمل الأمانة؟

أسامة كمال

أسامة كمال

كاتب صحفي

أتعجب من تصريحات السفير البريطانى جون كاسن الذى يغازل عموم الشعب بتدويناته الساحرة فى شتى أمورنا، من احتراف رمضان صبحى وحتى عربة الفول على باب السفارة التى تخنق شوارع جاردن سيتى مع جارتيها الأمريكية والكندية؛ لأنهم يخشون أى عملية إرهابية تجاههم.. عملية إرهابية كتلك التى استهدفت شيخاً مسالماً لا يملك إلا الحجة والكلمة وهو د. على جمعة، مفتى مصر السابق، فحاول ستة إرهابيين مدججين بالسلاح قتله، ولكن رحمة الله كانت غالبة فخاب سعيهم..

بعد فشل محاولة الاغتيال خرج السفير البريطانى ليهنئ الشيخ على سلامته، واصفاً إياه بالصديق «الذى يقف معنا من أجل السلام والعدالة وفهم الآخرين وضد من ينشرون الكراهية».. تعجبت من كلام السفير الذى تزامن مع تقرير للحكومة البريطانية يمنح جماعة الإخوان حق اللجوء السياسى فى بريطانيا.. وهو حق لا يمنح إلا لبرىء يخشى بطش نظام مستبد.. فهل ترى بريطانيا أن مصر يحكمها نظام مستبد يبطش بالأبرياء؟ لو كان هذا هو رأيها فلتعلنه وننهى مسرحية «ندعم مصر اقتصادياً وسياسياً وأمنياً ونساعدها فى التغلب على الإرهاب»..

هل تفعل بريطانيا ما يقوله المحللون وهو إمساك العصا من المنتصف خشية بطش الجماعات المتطرفة التى تعشش داخلها وانتقامها؟ شخصياً انخدعت بموضوع دعم بريطانيا لمصر التى قالها رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، وحين أرسل أحد المقربين له سفيراً فى مصر.. استبشرت خيراً به بعد سلفه الذى كان يقدم معلومات مغلوطة للخارجية البريطانية، وبالتالى البرلمان البريطانى -باعتراف وحسب شكوى بعض أعضائه- عن مصر فى أواخر أيامه فى بلادنا..

نعم.. استبشرت خيراً بجون كاسن حين التقيته لبضع دقائق يوم الإعلان عن مدرسة بريطانية جديدة فى مصر وتبادلنا أطراف الحديث.. ولكن الأيام أثبتت خطأ حدسى فيما يتعلق بكل من السفير ورئيس الحكومة، كما ظهر للجميع يوم وصول الرئيس السيسى لبريطانيا.. السفير الذى حاول منع أعضاء مجلس العموم البريطانيين خلال زيارتهم الأخيرة لمصر من الذهاب إلى شرم الشيخ حتى لا تبدو المدينة التى تصفها بريطانيا بأنها خطر داهم وكأنها آمنة..

يقول السفير إننى مناهض لبريطانيا، وهذا غير صحيح، فأنا أعتبرها أفضل مقصد سياحى وعاصمة الثقافة فى أوروبا.. ولكنه يخلط عمداً بين رفضى لكل من يسىء لبلادى مصر ويضر بمصالحها عن عمد، وبين موقفى من بلد تعاطفت مع أهله حين واجه الإرهاب، وحين قرر نصف سكانه الخروج من الاتحاد الأوروبى وما يمكن أن يتعرض له من أزمات بسبب هذا القرار..

تحدثت بالفعل عن كل ما سبق فى برنامجى التليفزيونى، ولكنى أردت أن أوثق موقفى كتابة فى واحدة من أوسع صحف مصر انتشاراً واحتراماً: «الوطن» حتى تصل الرسالة لرئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماى، لتعلم أن هناك فى مصر من يرفض كلاً من مواقف سفيرها وتقارير مغازلة الذين يستهدفون بالقتل علماء بلادى الذين ينشرون صحيح الإسلام الذى قالت عنه، وهى وزيرة للداخلية، مستشهدة بآيات من القرآن الكريم: «الإسلام دين السلام ولا صلة له بأفكار أعدائنا»..

السيدة تيريزا ماى، إن أصحاب الفكر الذى دافعت عنه يتعرضون للقتل وأنتم تمنحون القتلة حق اللجوء السياسى.. لقد تواصلت مع رئيس مصر وتعهدت بالوصول لحل لمشكلة السياحة البريطانية لمصر، بينما سفيركم يرفض حتى أن يزورها نواب شعبكم ولو لساعات للتأكد من تقاريره.. آن الأوان الآن لتثبتى لتسعين مليون مصرى أن أقوالك تصحبها الأفعال..

السيد السفير جون كاسن، أرجو نقل رسالتى بأمانة لرئيسة وزراء بلادكم، فهذا ليس رأيى وحدى ولكنه رأى عموم المصريين.. فهل تحمل الأمانة؟