أستاذ فلسفة الأديان: الكلمات المقدسة انتهت باكتمال القرآن .. والتطرف سبب زيادة الإلحاد
الدكتور محمد عثمان الخشت، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب وأستاذ فلسفة الأديان
قال الدكتور محمد عثمان الخشت، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب وأستاذ فلسفة الأديان، إن الخطاب الدينى الحالى غير قابل للترميم أو التجديد ولكننا فى حاجة إلى خطاب جديد بشكل كلى يتناسب ولغة العصر. وأشار «الخشت»، فى حواره لـ«الوطن»، إلى أن الكلمات المقدسة انتهت باكتمال نزول القرآن الكريم، لافتاً إلى أنه ليس كل الأحاديث النبوية ثابتة اليقين، وأن علماء الحديث بذلوا جهداً ضخماً لتنقيتها، كما لفت إلى أنه أصدر معجماً للأديان العالمية يحتوى على رسالة مهمة، وهى عدم ادعاء الحقيقة المطلقة وقبول الآخر، مطالباً الإعلام بالقيام بدوره المهم نحو خطاب دينى جديد.. وإلى نص الحوار..
■ ما تقييمك للخطاب الدينى الحالى فى مصر؟
- الخطاب الدينى الموجود فى مصر والعالم الإسلامى كله خطاب لا يصلح للتجديد لأنه خطاب قديم، والبناء القديم الذى يرمم يناسب عصره ويصبح أثراً من الآثار، فالبناء القديم الذى بنى فى عصور سابقة يرمم فقط لكنه ليس مبنى معاصراً، ونحن فى حاجة لتفكيك الخطاب الدينى القديم لأنه خطاب بشرى، وبناء خطاب دينى جديد بكلمات ومفاهيم جديدة وبتغيير لرؤية العالم لدى المسلمين، فالمسلمون يعانون من مشكلة كيف ينظرون إلى الله وإلى الوجود والناس والمجتمع، الرؤية التى لا تزال مسيطرة على المسلمين هى الرؤية السحرية للعالم بمعنى أنها تسير بالتواكل وعدم الأخذ بالأسباب وتسير بكلمات من قبيل «سيبها على الله» فهى لا تأخذ بالقوانين مع أنها رؤية تختلف مع الإسلام الذى يقدم رؤية علمية للعالم، فيقول المولى عز وجل «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»، وقدر هنا تعنى «قانون»، فالأقرب إلى الخطاب الإسلامى هم علماء الفيزياء والكيمياء وعلماء النفس لأنهم يتعاملون مع الوجود والإنسان باعتباره خاضعاً لقوانين هى التى تحكم كل شىء.
■ وما معالم الخطاب الدينى الجديد من وجهة نظرك؟
- أهمها أن نعى أن الكلمات المقدسة اكتملت باكتمال القرآن الكريم، فالقرآن بدأت كلماته بـ«اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ»، وانتهت بقوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»، هنا انتهت دائرة الكلمات المقدسة، كل ما جاء بعد ذلك من أقوال العلماء والفقهاء هى أقوال بشرية قابلة للصواب والخطأ، فأنْ يزعم البعض أنه يملك الحقيقة المطلقة فهذا ليس صحيحاً، فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة سوى الله سبحانه وتعالى والرسول؛ لأن ربنا قال: «لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ».
■ قلت إن الكلمات المقدسة انتهت بـ«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ».. فماذا عن الأحاديث الشريفة؟
- ما جاء عن الرسول يمكن تصنيفه عدة تصنيفات باعتبارها وحياً مثل أقوال التشريع والأحاديث القدسية الصحيحة والثابتة ثبوتاً يقينياً، وليست كل الأحاديث ثابتة ثبوتاً يقينياً، فصحة الحديث درجات، وهناك الحديث الصحيح لذاته والصحيح لغيره والحسن لذاته والحسن لغيره، وهناك أحاديث الآحاد والغريب والمشهور والمتواترة والمؤنن والمعنن والمعلق والموقوف، كلها أحاديث لا يعرفها الناس ولا يؤخذ بها كلها ولكن فقط الثابت ثبوتاً يقينياً عنه.
■ وكيف يعرف المرء ما إذا كان الحديث ثابتاً ثبوتاً يقينياً أم لا؟
- بالرجوع لكتب تخريج الأحاديث، وفى الماضى كانت تأخذ منا وقتاً كثيراً، ولكن الآن الكتب تحولت إلى برامج إلكترونية يسهل معها معرفة درجة صحة الحديث وهو ما يبين مدى التقصير الذى وقعت فيه المؤسسات العلمية لأن علماء الحديث بذلوا جهداً ضخماً فى تأصيل الأحاديث النبوية، ماذا قال وماذا لم يقل وبأى درجة، لكن هذه التحقيقات لسيدنا رسول الله متناثرة فى كتب التراث، فالمطلوب من المؤسسات العلمية أن تقوم بعمل حصر كامل لجميع الأحاديث وبيان مدى صحتها وجواز الاستدلال بها على الأحكام، فعلى سبيل المثال هناك أحاديث صحيحة كأحاديث الآحاد ولكنها ظنية الثبوت حسبما قال علماء الحديث، فكيف آخذ دينى عن شىء ظنى الثبوت.
■ وما أحاديث الآحاد؟
- هى الأحاديث التى جاءت من طريق واحد أو من طريقين أو ثلاثة، وفى الحالة الأخيرة تصل تلك الأحاديث إلى درجة المشهور، والطريق يعنى «سند فلان عن فلان أو فلان»، ولكى يصل لدرجة اليقين يجب أن يكون هناك 10 أسانيد متواترة، وفى هذا اختلف العلماء ما بين 10 و40 طريقاً لكى يكون الحديث صحيحاً ويقينى الثبوت، بما يعنى أن الحد الأدنى 10 طرق أو أسانيد.
■ هل لديك حصر بالأحاديث الثابتة يقينياً؟
- الأحاديث الثابتة يقينياً هى الأحاديث المتواترة، واختلف العلماء فى عددها لأن منهم من يعتد كما أسلفت بـ10 أسانيد، وآخرون يشترطون 40 سنداً، لكن فى كل الأحوال لا يقل عدد الأحاديث ثابتة اليقين عن 100 حديث وهو عدد معقول يؤخذ به فى العقائد والتشريعات بالطبع.
■ وما دور مشيخة الأزهر فى هذا الصدد؟
- مؤسسة الأزهر تمثل مرجعية دينية بالغة الأهمية فى العالم العربى والإسلامى والعالم كله، والأزهر بتاريخه وعلمائه ينتظر منه أن يقوم بالكثير من أجل تجديد العلوم الشرعية، وهذا لن يتم إلا من خلال جهود علمية منظمة.
■ و«الأوقاف»؟
- تقوم بدور كبير جداً، بالإضافة إلى حفظ أوقاف المسلمين وصرفها فى مصارفها الشرعية، لكن لها دوراً كبيراً فى إحكام وانضباط المساجد، وهى تقوم بهذا الدور، فضلاً عن انضباط الخطاب الدينى داخل المساجد.
■ قامت «الأوقاف» بعمل خطبة موحدة منذ فترة.. ويتساءل البعض كيف نسعى لتجديد الخطاب الدينى ويتم تعميم خطبة على أئمة المساجد.. فما رأيك؟
- الخطبة الموحدة فى ضوء الظروف الحالية التى نمر بها مقبولة تماماً لأننا عندما نعانى من عشوائية فى الخطاب الدينى لا تحدثنى عن خطاب دينى جديد ولكن حدثنى عن ضبط هذه الحالة العشوائية، فهناك من يصعد المنبر غير متعلم وغير حاصل على مؤهل عالٍ، فقط يحفظ بعض الأحاديث ويخطب فى الناس، وأتذكر أن هناك بعض أمراء الجماعات فى فترات معينة يعتمدون على حديث لرسول الله يقول «بلغوا عنى ولو آية»، فيعتمد عليه فى أن يعطى له الحق فى شرح أحكام الدين وتعليمه للناس، وبالتالى فالخطبة الموحدة فى ضوء هذه الظروف العشوائية للخطاب الدينى هى إجراء محمود جداً، لكن عندما تنضبط هذه الحالة العشوائية نبدأ فى الحديث عن الوضع المثالى، وفى النهاية كلها اجتهادات فى كيفية التصرف وهى اجتهادات بشرية قابلة للصواب والخطأ.
■ هل لديك اقتراح لمعالجة الحالة العشوائية كما ذكرت فى الخطبة تحديداً؟
- أقترح أن يكون هناك مرجع للخطب يلتزم به الخطباء، فهناك مثلاً كتاب للشيخ الغزالى، عليه رحمة الله، عن خطب الجمعة، فما المانع أن تعد وزارة الأوقاف مجلداً من الخطب النموذجية وتعمم على كل الأئمة كمرجعية للأزهر والأوقاف يختار منها الخطيب ما يشاء كحل وسط ومعقول بدلاً من الخطبة الموحدة.
■ لماذا نحتاج خطاباً دينياً جديداً وليس تجديد الخطاب الحالى؟
- الخطاب الدينى التقليدى أولاً هو خطاب بشرى نتيجة اجتهاد العلماء القدامى ومن تبعهم من المعاصرين فما كان مناسباً لهذه العصور قد لا يكون مناسباً لعصرنا.
■ مثل ماذا؟
- مثل اللغة والفكر والتصورات والمفاهيم، فبخصوص اللغة، لغة الخطاب الدينى الآن قديمة لا تناسب العصر كما أنها إنشائية وعظية تعتمد على الأفكار السحرية، إما قريبة من لغة الشارع أو لغة مقعرة اصطلاحية ليست قريبة من الناس، لذا نحتاج لغة جديدة، وعلى سبيل المثال، أحد أسباب نجاح الشيخ محمد متولى الشعراوى، عليه رحمة الله، أن مفردات لغته كانت جديدة حينها، ولذلك لم يأت شعراوى آخر ولكن أتى نسخة من الشعراوى القديم مع أننا نحتاج الجديد ونأخذ الشعراوى فقط قدوة فى التجديد، فما أوصله للناس أشياء عديدة جداً من أهمها اللغة، كما أن الخطاب الدينى القديم به مشكلة المفاهيم المبنى عليها لأنه مبنى على النقل والتسليم والحفظ ونحتاج لخطاب يعتمد على لغة عقلية نقدية.
■ فيم يكون التجديد بالضبط، خاصة أن هناك ثوابت لا يجوز الاقتراب منها؟
- التجديد يكون فى استنباط الأحكام، فالدين واحد وهو القرآن والأحاديث الثابتة يقيناً عن رسول الله، هذا الدين يُفهم بطرق متعددة ولذلك يصلح لكل زمان ومكان، ولو كان جامداً لن يكون صالحاً لكل الأزمنة، فما استنبطه من أحكام فى هذا العصر استنبط أحكاماً أخرى فى عصر آخر، ولذلك هناك نصوص قطعية الدلالة وهى التى لها معنى واحد فقط «مثل أقيموا الصلاة».. ونصوص أخرى ظنية الدلالة تحتمل أكثر من معنى، هذا من مميزات القرآن العظيمة أنه كتاب به جانب مرن ويظهر ذلك فى آيات عديدة منها محكمات ومنها متشابهات، والأخيرة تعطى احتمالات فى الفهم، والناس تبحث عن الحقيقة الواحدة وهذا خطأ.
■ صف لنا كيف استنبط أئمة المذاهب الأحكام الشرعية وفق العصر الذى كانوا يعيشونه؟
- الإمام الشافعى على سبيل المثال له مذهبان فى الفقه، عندما كان يعيش فى العراق أسس الفقه الشافعى، وعندما أتى مصر عمل فقهاً جديداً، فى نفس العصر والزمن لكن تغير المكان، لأنه مدرك أن الشريعة يجب أن تلائم الزمان والمكان، كما أن الإمام أحمد بن حنبل، الذى يتهمه البعض زوراً وبهتاناً بالتشديد، والذى يعتمد على النقل، له فى معظم المسائل الفقهية ثلاثة آراء وليس واحداً فقط، وهذا ثابت فى كتاب «المغنى» لابن قدامة فى الفقه الحنبلى.
لنذهب إلى الإمام مالك، فهارون الرشيد عندما أعجب بمذهب الإمام مالك وكتابه «الموطأ» طالب بتعميم كتابه ومذهبه وتوحيده على كل المسلمين، ورفض ذلك الإمام مالك بنفسه قائلاً إن صحابة الرسول تفرقوا فى الأمصار، وكل منهم لديه علم عن الرسول، كما أن أصح كتاب فى السنة لأحاديث الرسول هو كتاب الإمام مالك وليس البخارى، فالبخارى كُتب فى القرن الثالث الهجرى لكن أصح الأسانيد فى الأحاديث مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبى، خاصة أن «مالك» أخذ علم الحديث من أهل المدينة وسلسلة السند قصيرة.
■ وماذا عن الإمام أبى حنيفة؟
- «أبوحنيفة» من أعظم الفقهاء فى كل التاريخ، والفقه الحنفى له طابع مميز لأنه يسمى فقه أهل الرأى، خاصة أن نسبة مساحة الاستنباط الحنفى مرتفعة، وبه مرونة الشريعة الفائقة، وهو من أكثر المذاهب شيوعاً فى العصر الحالى، خاصة فى الدول التى تلقت تعليماً متقدماً، فـ«أبوحنيفة» يتميز بأنه من أهل الرأى ونحن فى حاجة إلى ذلك.
■ وهل يوجد فقهاء أو مذاهب أخرى غير الأربعة المعروفة؟
- نعم، فأصحاب المذاهب عشرات ولكن ما ذاع منها وانتشر بين الناس أربعة فقط، مثل المذهب الظاهرى ومن أعلامه أبوداوود الظاهرى وابن حزم الأندلسى، وهناك مذهب مصرى فى الفقه وهو مذهب الإمام الليث بن سعد، وكان أفقه من الإمام مالك، وقال عنه الإمام الشافعى «الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به»، بمعنى أن تلاميذه من المصريين لم يروّجوا لمذهبه «وهذه عادتنا كمصريين».
■ أعددت معجماً للأديان العالمية.. فماذا يعنى هذا المعجم؟
- هو موسوعة شاملة لكل الأديان من أول البشرية حتى الآن تضم كل الأديان، سواء السماوية أو الأرضية أو المختلقة، وتضم كل الأساطير الدينية والمذاهب والفرق والطوائف، وهذه الموسوعة تم عملها بالرجوع للنصوص الأصلية للديانات والكتب المقدسة والمرجعيات الأوروبية والعربية والإسلامية والآسيوية، وهى تعرف بكل الأديان والمذاهب حسب الترتيب الأبجدى، وهى تفرق بين المعلومات والآراء، فيتم سرد معلومات كل ديانة ثم يأتى رأى المؤلف مثلما يحدث فى الصحافة من فصل الخبر عن الرأى للحفاظ على حيادية الصحافة.
■ وما الرسائل التى يحملها هذا المعجم؟
- أهمها رفض فكرة امتلاك الحقيقة المطلقة.
■ هل تعنى هذه الرسالة عدم وجود دين حق؟
- لا.. هناك دين حق وهو ديننا، بحسب ما نؤمن، ولكننا لا ننكر حق الآخر فى الاعتقاد فى أن دينهم حق، ولا ننكر حقهم فى ادعاء امتلاك الحقيقة، يقول المولى عز وجل «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ»، فنحن نؤمن بالتنوع ومن حق كل إنسان أن يعتنق ما يشاء، فالتعددية سنة إلهية وكونية، «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً»، ومن هنا أطالب بحرية الاعتقاد وحرية ممارسة الشعائر والعبادات لكل الطوائف والحق فى اتباع التشريعات الخاصة بكل ملة.
■ كيف تتم الدعوة إلى الله فى ظل قبول الآخر؟
- الدعوة إلى الله لا تتعارض مع قبول الآخر، ولكل واحد الحق فى التعبير عن رأيه ولا يحقر من آراء الآخرين: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ»، ولا يصح أن تبدأ الدعوة من نقطة خلاف جذرية، فالأفضل البداية من النقاط المشتركة.
■ على هامش قبول الرأى الآخر.. ما رأيك فيما طرحه إسلام بحيرى؟
- إسلام بحيرى كثير الخطأ كثير الصواب، من أهم جوانب الصواب دعوته للاجتهاد وإعمال العقل كمبدأ، أما أخطاؤه فتكمن فى تحقير التراث كله، فالتراث به السمين والغث، والمنهج العلمى لا يعتمد على التحقير أو الاستهجان أو الإيمان المطلق، ولكن للنقد العلمى، و«بحيرى» يركز على قاع التراث ويعممه.
■ البعض اتهم دعوات تجديد الخطاب الدينى بالتسبب فى حالة الانفلات الأخلاقى لدى البعض.. فما تعقيبك؟
- كل تطرف يطرح تطرفاً نقيضاً، فالمتطرف فى الخطاب الدينى رد الفعل العكسى يكون متطرفاً أيضاً «زى اتنين بيشدوا الحبل، لو الأول ساب التانى يقع»، والدعوة إلى خطاب دينى جديد دعوة محمودة ونحتاج إليها منذ قرون، وبعض الناس التى أساءت فهم دعوة التجديد ليس عيب الخطاب الدينى ولكن عيب الممارسة، والضبط يحتاج جهوداً واجتهاداً، ومن رأيى أن ندع الناس تجتهد وتخطئ ثم تعود لتصوب خطأها.
■ وما دور الإعلام فى هذا الصدد؟
- تجديد الخطاب الدينى لن ينضبط إلا إذا انضبط الإعلام مهما جدد المجددون، فبعض وسائل الإعلام تطرح الأطراف المتناقضة.
■ هل توافق من يطالب ببسط مشيخة الأزهر هيمنتها على كل البرامج الدينية؟
- لا بد من ترك مساحة من الحرية وكل المطلوب من الإعلام انتقاء ضيوفه، وفى نفس الوقت حرية التعبير لا بد أن تكون منضبطة فلا أستضيف شخصيات شاذة بحجة حرية التعبير، ولا نركز طوال الوقت على الآراء الشاذة، والأزهر له دور كبير فى ضبط وانضباط الخطاب الدينى.
■ إذاً.. كيف يمارس الإعلام دوراً فى إرساء خطاب دينى جديد؟
- الإعلام هو مفتاح التجديد فى كل شىء ويتحمل المسئولية فى ذلك، كما أن عليه دوراً كبيراً فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتركيز على الأفكار البناءة ولا أقصد أن يكون دوره المديح وأن يقدم نماذج فى مختلف المجالات وليس بالتركيز على شخصيات فى قاع المجتمع.
■ هل يعنى ذلك أنك غير راضٍ عن أداء الإعلام خلال الفترة الحالية؟
- أنا غير راضٍ عن جزء كبير من وسائل الإعلام، لكن فى نفس الوقت هناك مساحات فى الإعلام ممتازة فى توصيل الرسائل الفنية للناس، كما أنه يتمتع بحرية بدليل أن كثيرين يعبرون عن آرائهم.
■ كيف تفسر تزايد حالات الإلحاد فى الفترة الأخيرة؟
- الإلحاد يتسبب فيه الخطاب الدينى المتشدد الذى يسىء إلى الرسول والإسلام والقرآن مثلما حدث فى أوروبا فى العصور الوسطى، حيث الخطاب الدينى المتشدد ومحاكم التفتيش ولذلك شهد عصر النهضة فى أوروبا إلحاداً، كما أن أحد أسباب الإلحاد غياب القدوة وغياب العلاقة مع الله، فالبعض يظن أن الله يلبى طلبات الناس فقط وهو أعلى وأنزه من هذا، والبعض يحمل الإيمان المشكلات الاجتماعية والأسرية.
■ حدثنا عن رؤيتك لتنظيم داعش الإرهابى وسبل مواجهتهم فكرياً؟
- «داعش» هو إنتاج غربى شرقى مشترك صنعه الغرب، ليقوم بدور ما يسمى كذباً «الفوضى الخلاقة» لتفتيت وتفكيك الدول العربية وصولاً للسيطرة على بترول العرب، وهو ما أدى إلى انخفاض سعر البترول وصب فى مصلحة الغرب، و«داعش» يعتمد على التطرف الدينى وتوصيل صورة الإسلام فى قاع التراث كما يناقض كل مواثيق حقوق الإنسان العالمية ويجب القضاء عليه، كما أنه مسئول عن الإلحاد لأنه يقدم صورة سيئة للإيمان، كما أنه صورة من «القاعدة» و«طالبان»، مثلما صنعت أمريكا تنظيم «طالبان» لضرب الاتحاد السوفيتى فى الحرب الباردة، والمسلمون حينها ظنوا أن ذلك جهاد، لكنه كان لمصلحة أمريكا التى أصبحت القطب الأوحد وفقد التوازن الدولى بتفكك السوفيت.
■ أخيراً.. ما الدور الذى يقوم به تنظيم داعش باعتباره صنيعة غربية كما ذكرت؟
- يقوم بدور كبير فى حروب الجيل الرابع من خلال تفكيك الدول العربية للسيطرة على نفطها، فهى ليست حرباً أيديولوجية ولا دينية ولكنها حرب اقتصادية، وكل ما يقال شعارات مؤدلجة لتحقيق أهداف الحرب الاقتصادية.