خريجو «علوم سياسية وأصول دين وزراعة» يعملون فى الكافيهات.. زمن كليات القمة انتهى يا قبطان
صورة أرشيفية
حالة من التوتر والقلق والغضب أثيرت فى الشارع المصرى بعد حادث مقتل شاب عقب مشاجرة «المنيمم تشارج» التى وقعت بينه وبين عامل الكافيه، الجهات الرقابية بدأت فى غلق العديد من الكافيهات المخالفة، والمواطنون ثاروا على فكرة فرض حد أدنى للطلبات وطالبوا بمنعها، فيما بقى الشباب العاملون فى تلك الكافيهات يحاولون رفع وصمة «البلطجة» عن أنفسهم بعد هذه الواقعة، رافضين أن يتم تعميم الفكرة عليهم جميعاً، «أصحاب» التقت بعض عمال الكافيهات بعضهم من خريجى كليات القمة.
كريم ضياء، خريج كلية الزراعة قسم الهندسة الزراعية، ويعمل الآن بأحد الكافيهات الموجودة بحى الدقى، اعتاد الشاب العشرينى أن يعتمد على نفسه مادياً منذ كان عمره لا يتجاوز 12 عاماً، يقول «كريم» من زمان وأنا بحب فكرة أنى أعتمد على نفسى وبرغم أن أهلى بيدونى مصروفى فإننى بحس بسعادة كبيرة لما أروح لأمى بفلوس من مرتبى حتى لو هى مش محتاجاها».
رفض والد «كريم» عمله فى البداية، ولكن إصرار الشاب على العمل اضطر والده أن يوافق عليه بشرط أن يعمل فى كافيهات أصدقائه خوفاً من أن يتعرض لأى معاملة غير لائقة، وبالفعل تمكن «كريم» أن يوفق بين عمله فى الكافيه وبين دراسته فى الجامعة.
«سيد» حصل على المركز الأول فى الخطابة و«البقشيش» هو راتبه.. و «فهد» يتقن الإنجليزية والفرنسية ويعمل بأحد كافيهات 6 أكتوبر
يقول كريم «بالرغم من أنى ماكنتش بحضر المحاضرات، بس كنت بذاكر وأنجح بتقديرات عالية، والمرتب اللى باخده من الكافيه مش بيكفى حاجة ويا دوب بيكفى اللبس والشياكة، لكن فى المقابل كسبت خبرة وعلاقات كويسة مع كل الناس»،
ويضيف «باشتغل هنا بشكل مؤقت لأنى حابب أشتغل فى مجال دراستى، ولو مالقيتش الوظيفة اللى بحبها هشتغل غيرها وعمرى ماهفكر أسافر، الشغل مش عيب والشاب المجتهد يشتغل فى أى مكان».
أما سيد الجعفرى، صاحب الـ32 عاماً، فقد جاء من أسوان بعد حصوله على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر بتقدير عام جيد جداً، بحث كثيراً عن وظيفة بشهادته، ولكن محاولاته كلها باءت بالفشل، ولم يشفع له كونه حاصلاً على المركز الرابع فى الخطابة الدينية على مستوى محافظات الوجة القبلى، وأيضاً المركز الأول على مستوى الكلية.
«سيد» يعمل الآن بأحد الكافيهات بدون راتب شهرى، فالمسئولون عن الكافيه وافقوا أن يعمل معهم بشرط أن يكون «البقشيش» الذى سيحصل عليه من الزبائن هو الراتب الذى سيتقاضاه منهم.
يقول سيد «مفيش وظايف وآخر مسابقة قدمت فيها كانت فى 2008 كانوا عايزين خطيبين مسجد من كل مركز، ومواصلاتى رايح جاى من العبور بتكلفنى 20 جنيه يومياً، وأنا دلوقتى أب ومسئول عن طفل ومصاريف المدرسة 750 جنيه ده غير الإيجار ومصاريف البيت، فكان لازم أقبل بشغل بعيد تماماً عن مجال دراستى عشان أقدر أصرف على أسرتى».
تنقل «فهد الناصرى» كثيراً خارج مصر، فسافر العراق وكندا، خاصة أن والدته عراقية الأصل، وبالرغم من استقرار والدته وإخوته الصغار فى كندا إلا أنه وشقيقه الأكبر فضلا الاستقرار فى مصر، «فهد» تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويتقن الإنجليزية والفرنسية، وهو يعمل الآن مع شقيقه فى أحد الكافيهات بمدينة 6 أكتوبر.
يقول فهد: «بعد ما جيت مصر كان لازم أدوَّر على مصدر رزق أصرف منه على نفسى ودراستى، فبحثت كثيراً، ولكنى لم أجد وظيفة فى مجال دراستى، فقبلت العمل مع أصدقائى فى أحد الكافيهات».
أما محمد على عليوة، خريج كلية الآثار، فقد اعتاد العمل فى الكافيهات منذ أن كان عمره لا يتجاوز الـ16 عاماً، كان العمل يوفر له احتياجاته أثناء الدراسة، وكان يعتبر العمل فى الكافيه خطوة مؤقتة، وقرر أن يعمل بشهادته بعد التخرج، إلا أن الأزمات المتعاقبة التى نالت من السياحة فى مصر منعته من تحقيق حلمه، فلم يجد أمامه إلا أن يستمر بالعمل فى الكافيهات.
يقول «محمد»: «فى الظروف دى ماحدش بيلاقى وظايف بسهولة وأى شاب مضطر يشتغل فى أى مكان علشان يوفر احتياجاته اليومية البسيطة لحد ما الفرج ييجى، لكن المشكلة إنى لما باتقدم لخطوبة واحدة وأهلها يعرفوا أنى بشتغل فى كافيه بيرفضونى، مش كده وبس، لا ده كمان مش عاجبهم شغلى».
بعد أن تخرج أحمد محمد أحمد، فى كلية السياحة والفنادق حرص على أن يحصل على دورات فى اللغة، وهذا ما أهله أن يعمل فى العديد من الأماكن السياحية، لكن أزمة السياحة جعلته ينتقل للعمل فى أحد الكافيهات الشهيرة مع أصدقائه.
يقول محمد «الناس بيعاملونى كأنى عملت جريمة يعاقب عليها القانون وإنى شخص بلطجى مش عارف ليه، لكن أنا بصراحة قررت ما أركزش فى ده وقررت كمان أنى أكمل فى شغلى ودلوقتى بتعلم لغات تانية زى الألمانى عشان أقدر أشتغل بشهادتى لما تيجى الفرصة».