أخصائية نفسية تكشف: 90% من أيتام «إنقاذ الطفولة» تعرضوا لاعتداءات جنسية.. والإدارة ترد بفصلها
طفلة فى أحد دور الأيتام
كشفت أخصائية نفسية فى جمعية «إنقاذ الطفولة» بعين شمس، التى تضم أكثر من 140 طفلاً، عن وجود انتهاكات جنسية صارخة فى الدار تتجاوز الـ90%، نتيجة تعنت الإدارة ورفضها فصل الأطفال الأكبر سناً عن الأطفال الأصغر سناً، كما كشفت فى بلاغ قدمته للنيابة، عن مستندات تتعلق بتقديم أخصائيين نفسيين سابقين ومشرفين فى الدار، شهادات عن تعديات جنسية على الأطفال بتواريخ بين 2012 و2014، وسط تجاهل متعمد من الإدارة، لافتة إلى أنها رفضت السكوت على تلك الانتهاكات وقدمت بلاغات بشأنها، وكان مصيرها هو «الطرد» من الدار.
«صفاء»: قدمت أدلتى للنيابة.. وأخصائيون سابقون حرروا محاضر باعتداءات مماثلة منذ 2012
صفاء صالح، الأخصائية النفسية بـ«إنقاذ الطفولة»، شاهدت تجاوزات فى كثير من دور الأيتام التى عملت بها، وكان رد فعلها دائماً هو الاستقالة والرحيل عنها، ولكن مع تلك التجاوزات التى شهدتها فى جمعية «إنقاذ الطفولة»، قررت عدم الاكتفاء بالرحيل فى صمت، فى ظل الحالة البشعة التى يعيشها الأطفال، خصوصاً الأصغر سناً، قالت لـ«الوطن»: «بدأت عملى كأخصائية نفسية فى الجمعية يونيو 2016، وعملت لمدة 3 شهور، ثم حصلت على إجازة وضع، وعدت لعملى بداية شهر يناير الماضى، ومع عودتى أبلغتنى إحدى المشرفات عملت حديثاً فى الدار، بأن أحد الأطفال لم يتجاوز عمره الـ9 سنوات، يعانى من آلام شديدة فى فتحة الشرج وبه إصابات واضحة، وتمكنت من إجراء كشف طبى عليه من قبل طبيب فأكد وجود تهتك تام لتلك العضلة، نتيجة حوادث هتك عرض متتالية».
وأضافت: «قمت بعملى كأخصائية نفسية، وعقدت عدة جلسات مع الطفل، فسرد كافة تفاصيل الاعتداء عليه، والشخص القائم بفعل ذلك منذ عدة شهور، وتوالى الأمر بصفة يومية مستمرة، وبالفعل أبلغت الإدارة بتلك التجاوزات وقدمت محاضر الجلسات التى قمت بكتابتها وتسجيلها مع الطفل، لكنى صدمت من تعنت الإدارة وعدم وجود أى رد فعل منها، والأكثر أننى اكتشفت وجود محاضر لأخصائيين نفسيين سابقين، يوضحون ما يتعرض له أطفال من اعتداءات وممارسات جنسية منذ عام 2012».
أكدت «صفاء» أنها عقدت جلسات استماع لعدد كبير من الأطفال الموجودين فى الدار، واكتشفت أنهم يقومون بممارسات جنسية بصفة مستمرة، سواء بالرضا بين بعضهم البعض، أو بالتطرق إلى عنابر الأطفال الأصغر سناً وإجبارهم على الرضوخ لتلك الاعتداءات، وعندما تواصلت مع مدير الدار وأبلغته أنه ليس من المفترض ترك أطفال ذكور فى أعمار مختلفة تبدأ من ابتدائى حتى ثانوى فى عنابر متقاربة من بعضهم البعض، جاء رده برفض اقتراحها ولم ينتبه له.
«الدار» سمحت بمبيت مشرفات فى غرف أولاد بمرحلتى إعدادى وثانوى
وتابعت الأخصائية النفسية: «توجهت إلى النيابة للإدلاء بأقوالى، وقدمت محاضر أخصائيين سابقين، عقدوا جلسات استماع للأطفال، ووثقوا تلك الانتهاكات، وجعلوا الأطفال يبصمون على اعترافاتهم، كأدلة لتقديمها للإدارة، إلا أنها لم تتدخل، وكل تلك المستندات قدمتها إلى النيابة، كما أدليت باسم وبيانات الطبيب الذى أجرى الكشف على طفل آخر فى الدار، تعرض أيضاً لانتهاكات جنسية صارخة، حتى يشهد الطبيب بنفسه على الحالة، خصوصاً أن الطفل كان يحتاج إلى إجراء عملية جراحية، لشدة التعديات الجنسية التى تعرض لها».
وعن بقية الأدلة الكاشفة لتلك الانتهاكات، أوضحت «صفاء» أنها قبل أن تتوجه إلى النيابة الإدارية، قدمت شكويين الأولى لوزارة التضامن، والثانية للمجلس القومى للأمومة والطفولة، وفى الشكوى الأولى جاءت وحدة التدخل السريع التابعة للوزارة إلى الدار، وعندها قدمت كافة الأوراق التى تثبت تعرض أطفال لانتهاكات جنسية، ورغم ذلك لم يصدر أى رد فعل من «التضامن».
أشارت «صفاء» إلى أن من الأوراق الموثقة التى قدمتها، أن الجمعية ملحق بها مدرسة تعليمية، وعندما لم يتدخل مدير الجمعية لوقف تلك المأساة، قام مدير المدرسة الابتدائية بإجراء الكشف الطبى على الأطفال، من خلال طبيب التأمين الصحى، فاكتشف وجود 34 حالة انتهاك جنسى لأطفال من ضمن 45 طفلاً فى المرحلة الابتدائية، وكتب تقريراً طبياً موثقاً بأسماء الأطفال المعتدى عليهم، ولكن تم التعتيم على ذلك الأمر، بعد حديث مدير الجمعية مع الطبيب، الذى لم يقدم بلاغاً لوزارة الصحة، ورغم ذلك توصلت إلى المستند وقدمته للنيابة.
وتابعت الأخصائية النفسية: «إهمال إدارة الدار كان متعمداً، حيث سمحت الإدارة بمبيت مشرفات سيدات فى غرف أولاد فى مرحلة إعدادى وثانوى، كما اعترف عدد كبير من الأطفال، ضحايا الممارسات الجنسية، أن المشرفة المسئولة عن الطعام، كانت تترك مفاتيح المطبخ للأطفال الأكبر سناً، ليقوموا بإطعام الأطفال الأصغر سناً، لذلك استغل الكبار هذا الأمر فى مساومة الأطفال على ممارسة الجنس مقابل الطعام، وعندما أبلغت مدير الدار بهذا الأمر أكثر من مرة رفض اتخاذ أى إجراء، وكان كل ما فعله هو فصلى من عملى».
وأشارت «صفاء» إلى أنها بعد شهادتها فى النيابة، توجهت عربة مجهزة من وزارة الصحة، تضم طبيباً جراحاً وطبيب تحاليل، وطبيب باطنة، لإجراء الكشف على جميع الأطفال فى جمعية إنقاذ الطفولة، توثيقاً لما قدمته من شهادات ووقائع، مضيفة: «أشعر بالفخر من رد الفعل السريع بعد شهادتى، ولا تزال تحقيقات النيابة مستمرة، فالمشرفون الرافضون للفساد أو الانتهاكات فى دور أيتام تستغل الأطفال، يتعرضون للتنكيل والفصل من عملهم، ولا يتبقى سوى المشرفين المتكتمين عن الانتهاكات أو المتورطين فيها».