كهرباء الضغط العالى تهدد أرواح الآلاف من أهالى الغربية
ارتفعت صرخات وآلام الآلاف من سكان ما يزيد على 5 قرى بمحافظة الغربية، إثر مرور خطوط كهرباء الضغط العالى، التى امتد طولها إلى عشرات الكيلو مترات فوق أسطح وداخل منازل قرى شبرا النملة وسبرباى ونواج ومنشأة الأوقاف التابعة لمركز طنطا وقرى العلو ومحلة أبوعلى والمعتمدية وكفر دمتنو التابعة لمركز المحلة، وقرى بنوفر والدلجمون التابعة لمركز كفر الزيات، بسبب وجود كابلات الضغط العالى، التى تبث إشعاعات كهرومغناطيسية تمثل خطراً كبيراً يهدد أرواح أهالى تلك القرى.
وأكد مصطفى النمر، أستاذ دكتور بقسم الطبيعة بكلية العلوم بجامعة طنطا، أن الدراسات العلمية أثبتت أن مولدات وكابلات الضغط العالى يصدر عنها مجال مغناطيسى ذو تردد منخفض تزداد قوته طردياً كلما ارتفعت شدة التيار الكهربى، وذلك فى ظل سحب تيار كهربى كبير، حيث لا يستطيع أهالى القرى العيش بدون كهرباء أثناء ارتفاع وسخونة الجو فى فترة شهور الصيف، محذراً من بناء وحدات سكنية ومساكن أسفل خطوط الضغط العالى، كون شبكات الضغط تعمل بطريقة شبه إلكترونية قد تولد صعقات كهربائية تسبب اشتعال الحرائق بها لمرور تيار يتخطى حاجز الكيلو فولت.
أصيبت حالات بشرية من أهالى القرى بأعراض من الأمراض والإصابات المزمنة، وعلى الرغم من ذلك تقاعست الجهات التنفيذية بالمحافظة عن التصدى للكارثة، بل عجزت عن وضع أسس وحلول بديلة لتوزيع خطوط شبكات الكهرباء بموجب نصبها فى أماكن تبعد عن منازل وبيوت أهالى القرى المشار إليها.
ففى قرية شبرا النملة التابعة لمركز طنطا يعيش البسطاء وذوو الطبقة الكادحة من أهليتها تحت خطر ومصيبة حقيقية، وهى الحياة وسط انتشار خطوط الضغط العالى داخل غرف النوم وبين منازل القرية على أعمدة خشبية لا يتجاوز ارتفاعها 3 أمتار فوق مستوى سطح الأرض، مما أصاب أهالى القرية بحالة من الخوف والفزع الشديد خشية ملامسة أسلاك وكابلات كهرباء الضغط المكشوفة للمنازل، مما ينذر بتهديد أرواح الآلاف من الأهالى، حيث يبلغ عدد سكان القرية ما يقرب من 20 ألف نسمة يمارسون حياتهم اليومية تحت مظلة خطر ألغام الضغط العالى ومقابر مفتوحة جماعية لهم.
التقت «الوطن» بعدد من أهالى القرية الذين كشفوا عن تهالك شبكات الكهرباء ووجود أسلاك مكشوفة شبه متآكلة منذ عشرات السنين، معلنين عن لجوئهم إلى المسئولين والجهات المعنية بشركات كهرباء جنوب الدلتا وكهرباء الريف والجهات المعنية بديوان عام محافظة الغربية للمطالبة بتعديل مسار انتشار خطوط الكهرباء بعيداً عن منازلهم ولكن لم يتحرك أحد لإنقاذهم من مخاطر مرور كابلات الضغط فوق منازلهم.
أصبحت العادة التى اتسم بها مسئولو المحافظة الصمت وعدم التحرك إلا بعد حدوث الكارثة المؤلمة التى من الممكن أن توجع قلوب أمهات نحو ما يزيد على 500 أسرة من أهالى القرية وسط صرخات البسطاء والعجزة والمرضى من سكان القرية وغيرها من القرى، التى يعيش فيها سكانها تحت خطر الضغط العالى وبين صمت مسئولين يدركون حجم الكارثة ولا يملكون آليات تفاديها، تأخذ المشكلة كل يوم أبعاداً أشد خطورة.
وقال إيهاب فتح الإله سلامة، من سكان منطقة خلوة الأعرج التابعة للقرية، لـ«الوطن»: إننا نعيش فى خطر داهم بين عشية وضحاها بسبب أبراج الضغط العالى التى تخترق المنازل وأصبحت قنبلة موقوتة تهدد أرواح الصغار قبل الكبار خشية الإصابة بأمراض خطيرة عديدة من بينها سرطان الدم، خاصة أن معظم منازل المنطقة تقع بالقرب من خطوط الضغط العالى والتى سميت بأمراض العصر نتيجة لارتفاع ذبذبات الإشعاع الناتج عنها.
ولفت سلامة إلى أن أهالى القرية قد تقدموا بالعديد من الشكاوى والفاكسات لمسئولى شركة كهرباء جنوب والمحافظين المتعاقبين بالغربية لضرورة بحث المشكلة وتغيير خط مسار الكابلات والأسلاك بعيداً عن الكتلة السكنية حرصاً على أرواح الأهالى خاصة بعد تعدد الحوادث الناتجة عن وجود الأسلاك وآخرها تهتك ذراع الطفل محمد توفيق شعبان، والذى يبلغ عمره 12 عاماً بسبب اقترابه من سلك محاط بشرفة أقاربه وما زال التجاهل مستمراً لصرخات الأهالى من أبناء القرية قبل تفاقم الكارثة اليومية المنتظرة، إلا أنه كان مصيرها صندوق المهملات، والمصيبة الكبرى أنهم يحملون الأهالى مسئولية الكوارث المتلاحقة لوجود أخطار من الضغط العالى.
ويضيف إبراهيم أبوالروس، أحد سكان المنطقة، أن وجود المحول الخاص بالضغط العالى الخاص بإنارة القرية تسبب فى حدوث العديد من المخاطر الكثيرة، منها على سبيل المثال نشوب حرائق التهمت العديد من المنازل، مبيناً أنه حان الوقت لإعادة النظر من قبل المسئولين عن شركة الكهرباء للواقع المؤلم الذى نعيشه يومياً بسبب تساقط الأسلاك فوق الأسطح وفوق غرف تربية المواشى أثناء سيرها بشوارع القرية.
وصرحت الدكتورة أميمة حلمى، بكلية التربية جامعة طنطا لـ«الوطن»، أنه من الواجب على الأجهزة التنفيذية بمديرية الصحة والإسكان والكهرباء التابعة للمحافظة، أن تتكاتف لمواجهة تلك الكارثة الموجعة والتى تتفاقم يوماً بعد يوم فى ظل تجاهل تام، لافتة إلى أن تعرض الطفل خلال مراحل نموه الأولى عقب ولادته لموجات كهرومغناطيسية إشعاعية بصفة مستمرة ينذر بواقع أليم فى السنوات المتعاقبة من عمره فقد يؤدى ذلك إلى ظهور أعراض انطوائية تؤثر على علاقته بمن حوله فى ظل توقع إصابته لضعف مناعته بأمراض خبيثة يصعب علاجها فى حالة تأخر الرعاية الصحية له.