2018 رحلة الفرعون..«مومو» من دورى المدارس بالغربية إلى عرش المجد فى قارتى أفريقيا وأوروبا
محمد صلاح
بدأ محمد صلاح مشواره مع كرة القدم، باللعب فى شوارع مدينة بسيون، مسقط رأسه فى محافظة الغربية، كغيره من عشاق ممارسة اللعبة، وشارك فى دورى المدارس عندما كان عمره 12 سنة عام 2004 وخطف أنظار جميع المدربين الذين تابعوه، ونال إعجاب واحد من أشهر كشافى لاعبى الكرة فى مصر، الكابتن رمضان الملاح الذى توقع له أن يكون نجماً بارعاً فى سماء الكرة المصرية، بسبب تميز قدمه اليسرى، وخطفه من بين كل الموجودين وتعاقد معه وضمه لصفوف فريق مقاولون طنطا.
وعلق «صلاح» على هذا الأمر بالقول: «وقعت فى حب كرة القدم منذ بلوغى السابعة أو الثامنة، أتذكر متابعتى لمباريات دورى أبطال أوروبا بشكل دائم ومحاولة تقليد رونالدو البرازيلى وزيدان وتوتى حينما ألعب فى الشارع مع أصدقائى، أحببت هذه النوعية من اللاعبين، الذين يؤدون بشكل ساحر»، وأضاف: «اعتدت على لعب الكرة مع شقيقى، لكنه لم يكن جيداً بالشكل الكافى، وكان لدىّ أصدقاء أمارس معهم كرة القدم دائماً، صديق أكبر سناً منى كان دائماً يقول لى إننى سأصبح لاعب كرة قدم كبيراً يوماً ما، وحتى الآن هو صديقى المقرب».
وفى نهاية عام 1995، أسس الكابتن ممدوح عقاب، مدرسة الموهوبين لكرة القدم ببسيون، والتحق بها «صلاح» بعدما خرج حاملاً موهبته من مركز شباب قرية نجريج، ومدرسته الابتدائية، التى كان نجمها الأوحد، الذى يتهافت زملاؤه على اللعب بجواره.
يقول «عقاب» إن موهبة صلاح كانت فريدة من نوعها، وفى أول اختبار له بمدرسة الكرة، استطاع «تنطيق» الكرة أكثر من 50 مرة بقدميه اليسرى واليمنى أمام عدد من القيادات التنفيذية فى محافظة الغربية، وبعدها استمر اللاعب فى إبهار جميع من يراه أو يشاهده وهو فى الملعب، بالإضافة لتميزه بعدم الانفعال والهدوء والاجتهاد فى التدريب، الأمر الذى دعا كافة متابعيه للتأكيد على أن هذا الطفل سيصبح يوماً ما أحد رموز الكرة العالمية قبل المصرية.
وأشار «عقاب» إلى أن أول تعاقد تم بين مدرسة الكرة وبين والده «صلاح غالى» كان بقيمة 10 آلاف جنيه فى حالة الاستغناء عن نجله، أو الانتقال إلى أى ناد آخر.
تحدى الصعاب فى «المقاولون» ثم انتقل لـ «بازل» و«تشيلسى».. وجلس على عرش روما.. وتوهج فى ليفربول
أما حمادة العش، أحد مدربى نادى الاتحاد، فاعتبر أن بداية تألق صلاح كانت خلال فترة تدريبه بنادى المقاولون فى طنطا، حيث كان يشرف على تدريبه الكابتن مصطفى القرنى، الذى نجح فى تصعيده إلى نادى المقاولون العرب بالقاهرة برفقة نجله اللاعب أحمد العش، لاعب نادى وادى دجله الحالى، وفى المقاولون العرب كانت مباراته الأولى مع الفريق أمام ناشئى حلوان فى دورى الناشئين، لمحافظة القاهرة، وقدم انطلاقة قوية ومثيرة فى مسيرته وتعملق فيها ليثبت نفسه لكل مدربى قطاع الناشئين، وحظى بقبول مسئولى قطاع الناشئين بقيادة الكابتن ريعو، وفرضت عليه الظروف السفر يومياً، لمدة 5 أيام فى الأسبوع لحضور المران لمدة عامين فى القاهرة، بصحبة والده الذى وثق فى قدراته وأراد مساعدته على تحقيق حلمه، وقدم أداء مميزاً وتم تصعيده من فرق الناشئين إلى فرق الشباب،
ورغم عدم وصوله للسن المحددة، بدأ فى فرق الشباب تحت قيادة سعيد الشيشينى، رئيس قطاع الشباب وقتها، وكان يلعب فى مركز الظهير الأيسر ويجلس على دكة البدلاء لكل من على فتحى، وشريف علاء، ومع تولى محمد رضوان، القيادة الفنية للفريق موسم 2010، تم تصعيده للفريق الأول، وخاض أول مباراة له مع الفريق الكروى الأول بالمقاولون العرب وهو فى الثامنة عشرة بالدورى الممتاز، يوم 3 مايو 2010، أمام نادى المنصورة، وشارك بديلاً خلال اللقاء الذى انتهى بالتعادل بهدف لمثله.
وفى موسم 2010 - 2011، تطور أداؤه بشكل كبير وفرض نفسه على التشكيل الأساسى لذئاب الجبل، وسجل أول أهدافه يوم 25 ديسمبر 2010 أمام الأهلى، خلال المباراة التى انتهت بهدف لكل فريق، وفرضته قدراته وسرعته العالية على اهتمام كل أندية القمة فى مصر، وبالفعل دخلت أندية الأهلى والزمالك والإسماعيلى، فى مفاوضات قوية لضمه، وكان الأبيض قريباً من ذلك، لولا رفض رئيس النادى حينها ممدوح عباس، صغر سنه وقلة خبرته وتواضع مستواه.
وعن هذه المرحلة قال «صلاح»: «مع بلوغى عامى الرابع عشر قمت بتوقيع أول عقد لى مع المقاولون العرب لتبدأ مسيرتى الاحترافية، ولكنه كان وقتاً صعباً للغاية، كنت فى البداية ألعب لفريق يبتعد عن مسقط رأسى بسيون قبل أن أنضم لناد فى طنطا يبعد ساعة ونصف الساعة عن منزلى، انتقلت بعدها إلى المقاولون العرب فى القاهرة التى تبعد عن بسيون مسافة أربع ساعات ونصف وكنت أذهب للتدريب خمسة أيام فى الأسبوع»، وتابع: «لم تكن هناك وسيلة مواصلات مباشرة من بسيون للقاهرة، كان علىّ ركوب ثلاث حافلات أو أربع وأحياناً خمس من أجل الوصول للتدريب والعودة للمنزل، كانت فترة صعبة للغاية، ولكننى كنت صغيراً وكنت أرغب فى أن أصبح لاعب كرة قدم، كنت أريد أن أكون كبيراً، وأن أكون شيئاً مميزاً.
وخاض المنتخب الأولمبى مباراة ودية أمام بازل السويسرى بعد أحداث بورسعيد، فى مباراة خيرية، وتألق صلاح فى المباراة وسجل هدفين وأصبح محط أنظار بازل، وفى أبريل عام 2012، وصل إلى نادى المقاولون عرض رسمى من النادى السويسرى يطلب ضمه، وتمت الصفقة بين الطرفين، بعقد يمتد لمدة أربع سنوات مقابل مليونى يورو، بالإضافة إلى حصول ذئاب الجبل على نسبة إذا ما قرر بازل بيعه مستقبلاً، وتمكن من تسجيل أول أهدافه فى الدورى أمام فريق لوزان، وساهم فى حصد فريقه لقبى الدورى والكأس السويسرى، وتم اختياره أحسن لاعب أفريقى صاعد عام 2012، وكأحسن لاعب فى الدورى السويسرى عام 2013، وخاض مع فريقه خلال موسم ونصف 79 مباراة أحرز خلالها 20 هدفاً.
وحول انتقاله إلى أوروبا قال الفرعون صلاح: «لم أكن أعلم شيئاً عن سويسرا، لم أستطع فهم اللغة لأننى لم أكن قادراً على معرفة الإنجليزية أو الألمانية، انتقلت إلى هناك وعشت بمفردى، كان وقتاً صعباً لأننى لم أكن أعلم ما يتعين علىّ فعله، عقب انتهاء التدريب يكون أمامى 15 ساعة من ضمنها 10 ساعات للنوم حتى موعد التدريب المقبل، لهذا كنت أتجول سيراً فى الشوارع لساعات قبل أن أعود مجدداً للفندق، كنت بمفردى ولكننى طيلة الوقت كنت أفكر فى كيفية التطور ومحاولة أن أكون مختلفاً عن باقى اللاعبين، بدأت تعلم الإنجليزية لأتمكن من التواصل.
كان صلاح قريباً من الانتقال إلى صفوف ليفربول ولكن مكالمة البرتغالى جوزيه مورينيو حولته من الأنفيلد إلى ستامفورد بريدج، مقابل 11 مليون جنيه إسترلينى، ولكنه وجد صعوبة فى التأقلم مع فريقه ولم يوجد بشكل مستمر، فى ظل وجود هازارد وويليان وأوسكار.
فطلب من ناديه الموافقة على إعارته لنادى فيورنتينا الإيطالى، لمدة 6 أشهر فى فبراير 2015، كجزء من صفقة انتقال خوان كوادرادو من فيورنتينا الإيطالى إلى تشيلسى الإنجليزى مع أحقية التجديد لموسم آخر.
وعن هذه الفترة الصعبة قال صلاح: «حينما انضممت لتشيلسى كنت فى الحادية والعشرين من العمر، كنت شاباً وكانت خطوة كبيرة فى مسيرتى، حاولت دائماً أن أتعلم كل يوم من اللاعبين، من المدرب، من الجميع، تعلمت أن أكون أكثر احترافية».
وتوهج الفرعون المصرى مع «فيورنتينا» فأصبح نجماً لمدينة فلورنسا، وصار معشوق الجماهير، بعدما سجل 6 أهداف فى 7 مباريات.
وعن هذه الفترة الرائعة تحدث صلاح قائلاً: «قضيت 6 أشهر جيدة بالنسبة لى وللفريق فى فيورنتينا وظهرت بمستوى جيد ولعبنا بشكل جيد فى الدورى الأوروبى والدورى الإيطالى.
انتقل «صلاح» لصفوف روما فى صيف 2015، وعانى فى البداية من تراجع فى المستوى، لكنه سرعان ما استعاد بريقه وافتتح سجله مع الفريق تهديفياً فى 20 سبتمبر 2015 بواحد من أجمل أهدافه طوال مسيرته الكروية عندما صوب كرة «على الطائر» من خارج منطقة الجزاء لتسكن شباك ساسولو، وأحرز «مومو» ثنائيته الأولى فى الدورى الإيطالى على الملعب «الأولمبى» أمام باليرمو، وخلال موسمه الأول رفقة ذئاب روما أمام كبار أوروبا، خاصة ريال مدريد وبرشلونة، وأرهق دفاعاتهم وبات من الركائز الأساسية فى فريق روما وأصبح من أفضل لاعبى الدورى الإيطالى.
ومع تولى الإيطالى سباليتى قيادة فريق الذئاب، أظهر قدراته الحقيقية وأحرز 15 هدفاً ليكسر حاجز الـ14 هدفاً التى سجلها بموسم 2015-2016، وصنع 11 هدفاً بالكالتشيو لينهى الموسم فى وصافة الأفضل صناعة وبفارق هدف عن المتصدر الإسبانى خوسيه ماريا كاييخون نجم نابولى، وسجل هدفين بالكأس أمام الجار لاتسيو روما، وهدفين بالدورى الأوروبى.
وعن فترة وجوده مع روما يقول «صلاح»: «قضيت عامين سعيدين للغاية، روما ليست مكاناً من السهل اللعب فيه، هناك الكثير من الضغوط، والجماهير غير معقولة، كنت سعيداً داخل وخارج الملعب، فزت بجائزة أفضل لاعب فى موسمى الأول، وموسمى الثانى كان جيداً، والمدرب لوتشيانو سباليتى ساعدنى كثيراً، هو ذكى للغاية، كنت أتحدث معه دائماً عقب التدريب، «سيدى أريد أن أتطور فى هذا» أو «أريد أن أفعل هذا»، ولم يقل لى لا أبداً» وساعدنى على الصعيد الدفاعى.
«أعتقد أننى حينما ذهبت لإيطاليا، الجميع كانوا يقولون «ربما هو جيد وربما لا، إيطاليا ستكون صعبة عليه، هو لم يشارك مع تشيلسى»، ولكن عقب ستة أشهر، عام، عامين، أعتقد أن ما كان يدور فى أذهان الجميع قد تغير وأعتقد أننى نجحت فى تغيير نظرة الجميع لى خلال الفترة التى قضيتها مع فيورنتينا وروما».
وفى يوليو 2017، أعلن نادى ليفربول حصوله على خدمات صلاح بعقد طويل الأمد، ليرتدى المصرى القميص رقم 11.