أتعجب كثيراً من المواقف الأخيرة لبعض الكتاب المصريين والعرب بشأن سوريا. هؤلاء، وهم خليط من القوميين ومؤيدى الإسلام السياسى وكذلك بعض مدعى الليبرالية، ناصروا طويلاً ديكتاتورية الأسد فى سوريا وحذروا ما إن بدأت ثورة سوريا من «خطر إسقاط الأسد» لأنه حتماً سيعنى تفكيك سوريا، واتهموا الثوار بالعمالة، والغرب بالتواطؤ ضد الحاكم العربى الأخير المعادى لإسرائيل.
والآن وبعد أن تغير الموقف على الأرض فى سوريا وبات الأسد فى مأزق حقيقى، بدأ هؤلاء الكتاب فى التحول عن تأييد الأسد ومطالبته بالرحيل والتنديد بالجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها جيشه. هكذا وكأن الجرائم هذه لم تقع قبل الأيام الأخيرة وكأن قمع الأسد وذبحه لشعبه لم يكن جلياً منذ أن بدأت الثورة السورية.
مع هؤلاء الكتاب دخلت فى سجالات كثيرة خلال السنوات الماضية تعلقت بالموقف من نظام الأسد وحركات المقاومة كحزب الله وحماس وبتقييم فعلهم السياسى والعسكرى (إن وُجد). وكان رأيى أن الكثير من أحاديث الصمود ومواجهة إسرائيل القادمة من دمشق ليس إلا للاستهلاك السياسى الداخلى والإقليمى ولتجميل وجه نظام ديكتاتورى يقمع حقوق الإنسان منذ عقود. وفى حالة حزب الله وحماس تحول جزء من فعل المقاومة إلى ممارسة تسلط على الداخل اللبنانى والفسلطينى وانفصلت المقاومة (خاصة فى حالة حماس) عن الكثير من الحسابات الإنسانية المطلوبة (بدايات حرب غزة 2008). جلب لى موقفى هذا تخويناً من مدّعى الصمود والتصدى الذين أرادوا إغماض الأعين عن الطبيعة الديكتاتورية لنظام الأسد ولحزب الله وحماس وتجاهل ممارساتهم.
الآن، وهؤلاء يسجلون كتابة تحول مواقفهم وتبدلها ويستخدمون من العبارات ما يهين ذكاء القراء من شاكلة أن العالم بدأ يدرك الآن أن ما يحدث فى سوريا هو قمع أو أن الأسد لم يعد يستمع إلى صوت العقل أو أن السوريين يذبحون والعالم يتفرج، وغيرها، عليهم بداية الاعتذار للسوريات والسوريين عن الوقوف طويلاً بجانب الديكتاتور وتجاهل حقوق الإنسان والتخاذل عن نصرة الثورة السورية. فليفعلوا هذا قبل أن يملأوا الدنيا صخباً باستنتاجات تحدثنا عنها منذ ربيع 2011 وليدركوا أن الانتصار للديمقراطية.. وللحق لا يمكن المساومة عليه بادعاءات صمود وتصدى واهية أو بفعل مقاومة يمهد للسلطوية والقمع.