«أنطونيادس».. متنفس طبيعى على أرض «بارون يونانى»
تمثال أنطونيادس
«أعمدة ومسلات وتماثيل يونانية تجسد آلهة الإغريق».. هذه هى أبرز معالم حديقة «أنطونيادس» الواسعة ذات الأشجار النادرة، التى ارتبطت فى أذهان أهالى الإسكندرية بأنها متنفس له طابع خاص ويحمل عبق التاريخ اليونانى العريق، وهى تعبر عن فخامة العصور التى مرت على مصر والإسكندرية، حيث يرجع تاريخ إنشائها إلى العصر البطلمى، وكان يملكها أحد الأثرياء اليونانيين، ثم انتقلت ملكيتها إلى محمد على باشا، وأنشأ الخديو إسماعيل قصراً خاصاً له فيها على الطراز الفرنسى، وزاد مساحتها بعد تطويرها لتصل إلى 50 فداناً، وأضاف إليها أشجاراً ونباتات نادرة.
وترجع تسمية حديقة أنطونيادس بهذا الاسم إلى صاحبها البارون اليونانى جون أنطونيادس، الذى عاش فى الإسكندرية وكان من أكبر رجال الاقتصاد ومن أشهر تجار الأقطان فيها، وتعد تحفة معمارية رائعة تعبر عن حضارات البحر المتوسط.
وورث القصر وحدائقه «أنطونى أنطونيادس» ابن التاجر «جون أنطونيادس»، وتبرع به للحكومة المصرية، بناء على وصية والده قبل وفاته عام 1917، وانضم القصر إلى بلدية الإسكندرية، ثم إلى وزارات الزراعة والرى، ثم إلى ديوان عام محافظة الإسكندرية، ثم إلى وزارة الزراعة مرة أخرى، وفى عام 2004 كُلفت مكتبة الإسكندرية بإحيائه من جديد.
مسلات وأعمدة وتماثيل نادرة لـ«فاسكو دى جاما وكولومبس وفينوس إلهة الجمال» تستقبل الزوار
ويروى «عم أحمد»، أقدم حراس الحديقة، 72 سنة، على المعاش، لـ«الوطن»، تاريخ حديقة أنطونيادس بقوله إنها من أعرق حدائق العالم وليست مصر فقط، واستضافت الكثير من ملوك العالم أثناء إقامتهم فى الإسكندرية، مثل ملوك فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا، وشهد القصر بداية زواج شاه إيران محمد رضا بهلوى بالأميرة فوزية وأمضيا به شهر العسل، مشيراً إلى أن الحديقة تحتوى على أكثر من 14 تمثالاً، بينها تماثيل للمشاهير مثل تماثيل لفاسكو دى جاما وكريستوفر كولومبس، وبعض التماثيل النادرة كاملة الحجم المصنوعة من الرخام لشخصيات أسطورية وتاريخية، منها تماثيل فينوس إلهة الجمال، وتماثيل ترمز للفصول الأربعة.
وأوضح «أحمد» أن الحديقة تضم داخلها 3 حدائق أخرى هى ماجلان والنزهة والورد التى تبلغ مساحتها 5 أفدنة، وبها نافورة وتمثال من الرخام وتحتوى على الكثير من الزهور والورود النادرة، مضيفاً أن تصميمات الحديقة تشمل كل الطرز والتصميمات للحدائق النباتية مثل الطراز العربى الإسلامى واليونانى والفرنسى والإيطالى وتحتوى على الكثير من النباتات النادرة والمعمرة.
ويقول الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة الحفاظ على التراث بالإسكندرية، إن قصر أنطونيادس يُعد شاهداً على الأحداث والفعاليات العلمية والثقافية والسياسية التى جمعت بين مختلف دول العالم، خصوصاً ثقافات البحر المتوسط، مشيراً إلى أنه سيتم بناء مسرح مكشوف فى الحديقة لاستضافة العروض المسرحية والحفلات الموسيقية، بالإضافة إلى متحف مقتنيات أسرة أنطونيادس ومنها الأثاث والفضيات والسجاد، وبعض المقتنيات المعمارية القيمة، مضيفاً أنه تم وضع استراتيجية للتطوير تضم مبانى للعرض التاريخى والمتحفى لحضارات دول حوض البحر المتوسط وقاعات للمؤتمرات ومكتبات تغذى ثقافة الطفل والباحثين الأكاديميين.
وأضاف الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، لـ«الوطن»، أن أعمال الترميم ستتم فى قصر وحدائق أنطونيادس خلال الفترة المقبلة، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية لإحياء المجد الثقافى للمعالم والتراث اليونانى والانفتاح على العالم، مؤكداً أن هذه الأعمال ستكون من خلال التعاون بين مكتبة الإسكندرية ومجموعة «أوناسيس» اليونانية العالمية التى تحمست للمشاركة فى إحياء قصر أنطونيادس، كجزء من التراث الثقافى اليونانى المصرى، ورمز للعلاقات بين الإسكندرية ومدن البحر المتوسط.
وعلى مر العصور التاريخية شهد قصر أنطونيادس الكثير من الأحداث فى مصر، وأقيم بالحديقة عدد من حفلات «أضواء المدينة».