خبير علاقات دولية: الرئيس الأمريكى أخطأ عندما ركز على المهاجرين.. و«أوباما» كان نقطة قوة لدى الديمقراطيين
الدكتور أيمن سمير خبير العلاقات الدولية
وصف الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، نتائج انتخابات التجديد النصفى لـ«الكونجرس» الأمريكى، التى أُجريت مساء أمس الأول، بنصف الانتصار ونصف الهزيمة لكلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى، بعد حفاظ الأول على أغلبيته فى مجلس الشيوخ، واستعادة الثانى السيطرة على مجلس النواب.
أيمن سمير: ما حدث نصف انتصار ونصف هزيمة للجمهوريين والديمقراطيين
وأرجع «سمير»، فى حوار لـ«الوطن»، السبب الرئيسى لفقدان «الجمهوريين» أغلبيتهم فى «النواب» إلى تركيز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حديثه على قضية الهجرة والمهاجرين، على حساب قضايا أكثر أهمية كقضية البطالة. وأكد «سمير» أن الديمقراطيين لن يستطيعوا عزل الرئيس الأمريكى، على خلفية قضية التدخل الروسى فى الانتخابات، لكن من الممكن اتخاذ مثل هذا الإجراء للتشويش على «ترامب»... وإلى نص الحوار:
هل كانت خسارة الجمهوريين مجلس النواب أمراً متوقعاً؟
- من الواضح أن الأمريكيين أرادوا ألا يكسروا عادتهم، لأنه دائماً الحزب الذى منه الرئيس يخسر مجلس النواب، وهذا حصل مع الرئيس الأسبق باراك أوباما والرئيس الأمريكى الأسبق أيزينهاور الرئيس التاريخى للولايات المتحدة. هى ليست هزيمة بل هى نصف هزيمة ونصف انتصار، حتى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه وصف النتائج بـ«النجاح الهائل»، لكن الأمور لن تكون كما كانت على صعيد العلاقة بين «البيت الأبيض» و«الكونجرس».
ما الأخطاء التى فعلها الرئيس الأمريكى على نحو جعل حزبه يفقد أغلبيته؟
- الخطأ الذى ارتكبه الرئيس الأمريكى كان فى تركيزه على قضية الهجرة والمهاجرين، رغم أن لديه نقاط قوة أخرى كان يجب عليه التركيز عليها، ويأتى على رأسها معدل البطالة الذى انخفض إلى نحو 3%، فى حين أن تركيزه على المهاجرين كان خطأ، وخاصة أن حوله الكثير من المهاجرين.
الديمقراطيون قد يلجأون لإجراءات عزل «ترامب» لمجرد التشويش عليه قبل انتخابات 2020.. لكنهم لن يتمكنوا من عزله
ما الذى تغيَّر على صعيد دعم الجمهوريين منذ 2016؟
- علينا أن نرى أن ما حدث اليوم فى مجلس النواب بدأ منذ انتخاب الرئيس الأمريكى نفسه، لأن «ترامب» فاز من خلال المجمع الانتخابى، لكنه لم يفُز فى 2016 بالأصوات الشعبية، فى حين حصلت هيلارى كلينتون على الأصوات الشعبية، وهذا ما يقاس عليه فى انتخابات النواب التى تعتمد على العدد. والأمر الثانى نحن فى مشهد انتخابى منذ 2016 وحتى الآن، قضية التدخل الروسى فى الانتخابات جعلت بعض الكتل المترددة أو الحرجة مالت بعض الشىء إلى الديمقراطيين. ثم أتى دخول المرأة والفئات الشبابية إلى التصويت بكثافة ومشاركة قياسية فى هذه الانتخابات، وفى الغالب المرأة وجيل الناخبين حتى سن الـ40 يصوّتون للديمقراطيين.
ما السبب فى استنفار العناصر النسائية والشباب؟
- أولاً القيم، المجتمع الأمريكى مجتمع قائم على القيم، والبعض استخدم ألفاظ «ترامب» ليظهر أنه ضد القيم وضد الملونين وضد السود وضد المرأة، وقضية فصل الأطفال عن أمهاتهم عند حدود المكسيك، وكيف يفكر فى إرسال جيش إلى الحدود لمنع المهاجرين من القدوم، وهذا عكس القيم الأمريكية، الشعب الأمريكى مرحب بالمهاجرين واللاجئين، يكفى أن زوجة ترامب نفسها قدمت إلى الولايات المتحدة عام 2006.
لكن هل هناك نجاحات تحققت بالنسبة للجمهوريين كما تحدث «ترامب»؟
- نعم، ففوز الجمهوريين بمقعد إضافى فى مجلس الشيوخ نجاح، ونجاح كبير، ما يعنى أن شعبية الرئيس لا تزال كما هى، ولا يمكن من خلال هذه النتائج الحكم على موقع الرئيس ترامب من الانتخابات التى ستجرى فى 2020، لا يزال مبكراً الحكم بفشل الرئيس، خاصة إذا تم التركيز على بعض المسائل كمسائل الاقتصاد والمسائل الخارجية التى يتخذ فيها قرارات جيدة، فمن الممكن أن يستعيد الجمهوريون الأغلبية التى فقدوها مرة أخرى فى انتخابات 2020.
ما نقاط الضعف التى تراها عند الديمقراطيين؟
- هناك نقطة ضعف مهمة لدى الديمقراطيين، وهى أنه إذا لم يختَر الديمقراطيون زعيماً جديداً، أعتقد أنهم سيفشلون فى انتخابات 2020 فشلاً كبيراً، لأن نانسى بيلوسى، زعيمة الديمقراطيين، شخصية كلاسيكية بالنسبة للمجتمع السياسى الأمريكى.
وما نقاط القوة التى كانت لديهم فى هذه الانتخابات؟
- باراك أوباما، لأول مرة فى أمريكا نجد رئيساً سابقاً يشارك فى هذه الانتخابات ويحشد لحزبه، ومن الواضح أن الرئيس السابق باراك أوباما لا يزال له شعبيته فى الشارع الأمريكى، وخاصة أنه غادر «البيت الأبيض» قبل عامين فقط.
ما توقعاتك بشأن العلاقة بين الرئيس والكونجرس فى ضوء هذه النتائج؟
- أعتقد أنها لن تكون على ما يرام، لأنه حتى فى الوقت الذى كانت فيه هناك سيطرة من الجمهوريين على المجلسين كانت هناك معارضة من الداخل الجمهورى نفسه، لكن الآن بالنسبة للقضايا الكبيرة للرئيس «ترامب» مثل قضايا الضرائب والإنفاق على الصحة والمهاجرين سيكون هناك صدمة أو صدام كبير فى الكونجرس بخصوص هذه الأمور. لكن من وقت لآخر تحدث فى الولايات المتحدة فترة تسمى فترة التعايش، والتى تعنى التوافق على بعض القوانين، وإرجاء بعضها إلى الانتخابات المقبلة.
هل فى ضوء هذه النتائج، مسألة عزل الرئيس التى ترددت كثيراً ستتم إعادة طرحها مرة أخرى على خلفية قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية 2016؟
- الديمقراطيون لا يستطيعون عزل الرئيس، لكن مجرد البدء فى إجراءات عزله هذه ستشوِّش عليه وستأخذ وقتاً كبيراً من الرئيس، وبالتالى من الممكن أن ينشغل فى بعض القضايا على حساب بعض القضايا الأخرى، وبالتالى يعد ذلك بمثابة إفشال له يمهِّد لانقضاض الديمقراطيين على البيت الأبيض.