■ «لا تحكم على الطريقة التى يتواصل بها الناس مع الله، فلكل امرئ صلاته الخاصة، إن الله لا يأخذنا بكلمتنا بل ينظر فى أعماق قلوبنا، وليست المناسك أو الطقوس هى التى تجعلنا مؤمنين».
هذه فلسفة التبريزى وقاعدة من قواعد العشق الأربعين التى ظل ينثرها كبذور الخصب أينما حلَّ فى ترحاله الطويل، الروائية التركية أليف شافاق لم تحافظ فقط على اللغة الصوفية المحلقة فى روايتها، ولكنها حافظت على البناء الصوفى العبقرى، تحس وأنت تنتقل بين فصولها برقصة الصوفيين الدائرية التى يشير فيها الراقص بأصابع يد إلى السماء وبأصابع أخرى إلى الأرض، التبريزى كان يبحث عن الله وعن صديقه المضبوط على نفس أوتاره الإنسانية وإيقاعه الروحانى، ظل يبحث إلى أن استقر فى دفء جلال الدين الرومى.
■ «إذا كنت تريد أن تعرف أين يقع عرش الله بالتحديد، يوجد فى مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه وهو قلب عاشق حقيقى».
الصوفى يكسر الحواجز ويتجاوز المألوف والبديهى لكى يتّحد بمحبوبه الذى يصادره قُساة القلوب جُفاة المشاعر غِلاظ الإحساس ممن يعتقدون أنهم حُماة الرب. انطلق التبريزى الدرويش الشفاف إلى حيث رفيق الدرب الرومى، قابل السكير والداعرة والمتسول الدميم، ذهب إلى الأول فى الحانة وإلى الثانية فى بيت البغاء والثالث فى الشارع، الإنسان عنده لا يقرأ ولا يطالع إلا بلحمه ودمه وخطاياه وليس بين صفحات الكتب أو على درجات سلم المنابر، ولكن إلى أى مدى ضحى الرومى وتألم؟