رئيس «شئون البيئة» الأسبق: مصر من أكثر الدول تعرضاً لـ«تغير المناخ» وارتفاع منسوب البحر يهدد 6 ملايين فى الدلتا والإسكندرية بالتهجير
صلاح حافظ
طالب صلاح حافظ، رئيس جهاز شئون البيئة الأسبق، نائب رئيس هيئة البترول للاستكشاف والاتفاقيات الأسبق، بضرورة تحرك جميع أجهزة الدولة لمواجهة الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
وأكد أن «مصر من أكثر الدول عُرضة لمخاطر هذا التغير، وستتأثر سلبياً بسبب ارتفاع سطح مياه البحر عن الأرض، خاصة فى محافظات الدلتا والإسكندرية، وسينتج عنه تصحر الأراضى وانخفاض جودتها وإنتاجها الزراعى، وظهور أمراض مثل الملاريا».
وقال «حافظ» فى حواره، لـ«الوطن»، إن هناك دراسة تشير إلى أن ارتفاع سطح مياه البحر نصف متر سيساهم فى غرق الدلتا ويؤدى لتهجير أكثر من 3 ملايين مواطن، ولو ارتفع هذا المنسوب إلى متر سنضطر لتهجير 6 ملايين.
وأضاف أن حل أزمة القمامة فى الاعتماد على القطاع الخاص والمجتمع المدنى، والاتجاه نحو «الحوكمة» بأن يكون الموضوع محكوماً، وتعمل عليه جهة واحدة فقط، وليس موزعاً بين هيئة النظافة الجديدة والمحليات ووزارات أخرى عديدة، الأمر الذى سيتسبب فى تعطيل حل الأزمة.. وإلى نص الحوار.
ما تأثير تغير المناخ على مصر، خاصة فى الدلتا، وكيف نواجه هذا الخطر؟
- تغير المناخ أزمة «كونية»، ويعنى أن درجة حرارة الكوكب السطحية تزداد، وهو الأمر الذى يتسبب فى زيادة درجة حرارة المياه ويجعلها تتمدد وتعلو، ويتسبب ذلك فى ذوبان الجليد على اليابسة، وهذا الأمر يجعل المياه ترتفع عن مستوى سطح الأرض وتؤدى لغرق مدن ودول كثيرة وتتسبب فى أضرار جسيمة.
«حافظ» لـ«الوطن»: نمط المعيشة وسوء الاستهلاك سبب انتشار القمامة.. ويجب تكليف جهة واحدة بعلاج المشكلة
وبالمناسبة هناك دول ستعانى من هذا التغير وأخرى ستستفيد منه، فمثلاً ستتمكن أوروبا من زراعة محاصيل لم تكن تزرعها من قبل، لكون هذه الزراعات تحتاج لدرجة حرارة عالية نوعاً ما، وهو الأمر الذى سيساهم فى تطور الزراعة فى أوروبا بدلاً من استيرادها من شمال أفريقيا.
كما أن منطقة الشرق الأوسط أكثر المناطق التى ستتأثر بتغير المناخ بالسلب، وتأتى مصر فى أول هذه الدول، ولكن هذا لا يعنى أن أوروبا ستستفيد فقط، بل أيضاً ستتأثر بالسلب، وسوف تتغير مسارات هجرة الطيور والأسماك وتغادر أوروبا بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وهو الأمر الذى سينعكس على باقى العالم بالسلب.
وسوف تتأثر مصر سلبياً بكل المقاييس فى حال تغير المناخ بسبب ارتفاع سطح مياه البحر عن الأرض، خصوصاً فى الإسكندرية والدلتا، وسيتسبب ذلك فى التصحر، ونعنى بالتصحر أن جودة الأرض فى الإنتاج الزراعى ستقل، كما ستظهر أمراض مثل الملاريا، وسيتأثر التنوع البيولوجى بالسلب.
وهناك دراسة تشير إلى أن ارتفاع سطح البحر نصف متر سيساهم فى غرق الدلتا وتهجير أكثر من 3 ملايين مواطن، ولو ارتفع سطح البحر متراً فقط سنضطر لتهجير 6 ملايين مواطن.
إذاً ما الحل؟
- هناك حلول كثيرة بالتأكيد، ومنها أنه يجب أن نستخدم بعض الزراعات التى بها نسبة «النتح» أعلى من الطبيعى، ونعنى بالنتح أن هذه الزراعات تستهلك المياه الجوفية بنسب كبيرة، وهذا الأمر مفيد جداً فى مواجهة تغير المناخ، إلى جانب استخدام وسائل لحماية الشواطئ وتصريف المياه الجوفية المتداخلة من مياه البحار.
20% من مساحة سيناء «محميات طبيعية» تحتوى على 23 نباتاً نادراً على مستوى العالم.. والمجتمع المدنى ذراع الدولة للحفاظ عليها
وأعلم أن كل هذه الأشياء مكلفة ولكنها ضرورية، كما أننا يجب أن نعمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وأعتقد أن ابتكار الحلول لمواجهة هذه الأزمة ضرورى، ويجب أن تبدأ الدولة فى التحرك فى هذا الاتجاه من الآن.
كيف تقيّم إعلان الرئيس الأمريكى عدم الالتزام باتفاقية باريس لتغير المناخ رغم خطورة هذا الأمر على الولايات المتحدة نفسها التى ستغرق مدنها الساحلية؟
- من المهم أن نعرف أن اتفاقية المناخ تم توقيعها فى 1992، وحينها كانت الصين تنتج انبعاثات نسبتها 4% من معدل غازات الاحتباس الحرارى على مستوى العالم، وأمريكا تنتج 30%، ولكن فى الوقت الحالى أصبحت الصين تنتج انبعاثات تبلغ 26% من نسبة الغازات، ونسبة أمريكا أصبحت أقل من الصين. وبالمناسبة «ترامب» أعلن أنه لن يلتزم، ولكن عملياً هو ملتزم ببنود هذه الاتفاقية.
وأعتقد أن الحرب التى يشنها الرئيس الأمريكى على هذه الاتفاقية أساسها الصراع والحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين، حيث إن «ترامب» يرى أنه من المفروض أن تفرض الاتفاقية مزيداً من الضغوط على الصين لأنها أصبحت مركزاً اقتصادياً عالمياً وأقوى من أمريكا اقتصادياً، والرئيس الأمريكى لا يستطيع أن يحاصرها اقتصادياً، فلديه رغبة فى حصار الصين عن طريق اتفاقية المناخ وإلزامها بتقليل الغازات بشكل كبير للغاية، مما يقلل من معدل النمو الاقتصادى والصناعى للصين، ولكن النسب التى فرضتها الاتفاقية على الصين غير مرضية بالنسبة لأمريكا.
كيف نحافظ على المحميات الطبيعية فى سيناء ونعمل على تنميتها فى المستقبل؟
- 20% من مساحة سيناء محميات طبيعية، ويجب تسجيل هذه المحميات فى اليونيسكو، وهى تضم نباتات غير موجودة فى العالم كله، ولا يقل عدد هذه النباتات عن 23 نوعاً، كما أن هذه النباتات بها صفات وراثية مختلفة، ولو درسنا هذه الصفات من الممكن أن تساهم فى زيادة نوع زراعة معين، والشُعب المرجانية جزء من هذه المحميات، وهناك محميات طبيعية جبلية، والحفاظ على هذه المحميات وتطويرها يجب أن يكون من خلال السكان المحليين الأصليين ومنظمات المجتمع المدنى، فمثلاً نمتلك فى سيناء نبات الشورى الهام الذى يمتلك صفات وراثية ويُزرع فى المياه المالحة، ومن الممكن أن نأخذ منه جينات بالهندسة الوراثية ونزوجه لنباتات أخرى حتى تنمو أيضاً فى مياه مالحة، فعلينا أن نوضح للسكان الأصليين أهمية مثل هذه النباتات وكيف يحافظون عليها ويستغلونها.
وخلال عملى فى رئاسة جهاز شئون البيئة قام الجهاز بتدريب هؤلاء السكان على نمط حياة المحميات وتعلموا كيف يحافظون عليها، وكيف يصنعون سفن الصيد بطريقة سليمة حتى لا تؤثر بالسلب على المحميات الطبيعية، وأعتقد أن منظمات المجتمع المدنى والإعلام، كجماعات ضغط، من الممكن أن تساهم فى تطوير المحميات والحفاظ عليها.
يجب استبدال «الشنط البلاستيك» بالورق لمواجهة الأمراض السرطانية.. وعزل المواد الصلبة عن القمامة حماية للمواطن من الفشل الكلوى
نعانى من انتشار القمامة فى كل المحافظات، كيف نتخلص من هذه الأزمة المعقدة؟
- يجب العمل على تغيير نمط المعيشة ونمط الاستهلاك فى مصر لأنه سيئ للغاية، فمثلاً فى الخارج ستجد المواطن يشترى كمية خضار على قدر استخدامه اليومى، بينما فى مصر يشترى المواطنون كميات كبيرة من الخضار والمنتجات المختلفة بدون أى سبب مقنع، ويُخلف ذلك فاقد استهلاك عالياً جداً، سواء فى الغذاء أو فى الصناعة.
كما أننا نستخدم البلاستيكيات والتى هى فى غاية الخطورة لأننا نضطر إلى التخلص منها عن طريق الحرق المفتوح، وعندما نقوم بحرقها يتسبب ذلك فى صعود غازات سامة كالدايوكسين الذى يتسبب فى الأمراض السرطانية، وهو الأمر الذى يكلف الدولة كثيراً فى الإنفاق على الصحة، بينما فى دول كثيرة متقدمة يُمنع استخدام البلاستيك ويُستبدل بالورق أو أن يصطحب المواطن معه عند شراء متطلباته شنطة من القماش، وفى بعض الدول إذا رفض المواطن الحصول على المنتجات فى شنطة من الورق يقوم بدفع ثمن الشنطة البلاستيك وتؤخذ هذه الأموال للإنفاق على جمع هذه الشنط البلاستيك والتخلص منها بطريقة صحية لا تضر البيئة أو الإنسان.
وأعتقد أننا فى حاجة لتوعية المواطنين، عن طريق منظمات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجال البيئة، بأن يقوموا بجمع القمامة ثم فرزها والفصل بين القمامة العضوية والصلبة والتخلص منها فى أماكن محددة، ثم تقوم الدولة عن طريق شركات القطاع الخاص بإعادة تدوير هذه القمامة، ويجب أن تكلف الدولة جهة واحدة فقط بحل هذه الأزمة، لا أن تتوزع المهام بين جهات عديدة مع الهيئة العامة للنظافة مثل المحليات وبعض الجهات الأخرى، ويطلق على ما قلته مصطلح «الحوكمة» أى أن يكون الموضوع محكوماً وتعمل عليه جهة واحدة فقط، ويجب فصل المعادن الثقيلة عن القمامة العادية قبل عملية التدوير حتى نستطيع أن نحول هذه القمامة، بعد إعادة التدوير، لأسمدة صحية تُستخدم فى الزراعة الحديثة، مثلما تفعل كل الدول المتقدمة، بينما لو اختلطت المعادن الثقيلة مع القمامة العادية فسوف يتسبب ذلك فى إنتاج محاصيل ومنتجات زراعية تحتوى على مواد صلبة لا تستطيع أن تهضمها الكلى، وسيتسبب ذلك فى انتشار الفشل الكلوى.
«العلمين الجديدة» توسع شرايين الدلتا.. ويجب حمايتها بيئياً.. وأوروبا ستستفيد من تغير المناخ بزراعة محاصيل مستوردة من شمال أفريقيا
كيف تقوم هيئة النظافة الجديدة بمهمتها على أفضل نحو؟
- لا بد أن تُفرض غرامات على كل من يُلقى القمامة فى الشوارع، وعلى المصانع التى تصرف مخلفاتها فى أماكن تلوث البيئة، وعليهم أن يقوموا بنشر مفتشين فى كل المحافظات لمواجهة كل ما يُعاقب عليه القانون، كما أطالبها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجال البيئة وتوفر منحاً من الجهات المانحة لرفع وعى المواطن الخاص بالتعامل مع القمامة وتغيير أنماط استهلاكه وتحذيره من استخدام البلاستيك بسبب مخاطره الجسيمة.
وهناك شهادة حق يجب أن أقولها، وهى أن الحكومة تدعم أى رجل أعمال أو شاب ينشئ مصنعاً لإعادة تدوير القمامة، وتساعده فى إنجاز كافة التراخيص المطلوبة فى أسرع وقت ممكن، كما أن الدولة اشترطت على أصحاب مصانع الأسمنت أن يستخدموا 10% من الطاقة التى تأتى عن طريق إعادة تدوير القمامة إلى جانب استخدام 90% من الفحم والوقود الأحفورى، وإذا لم يستخدم المصنع الطاقة التى تخرج من إعادة التدوير بنسبة لا تقل عن 10% لا تسمح الدولة لأصحاب المصانع باستيراد الفحم.
ما أهمية أن تكون مصر مركزاً إقليمياً لتجميع الطاقة؟
- تمتلك مصر خطوط أنابيب موجهة للداخل والخارج، وصدّرنا الغاز للأردن وإسرائيل، وكان هناك خطوط غاز مقبلة من ليبيا إلى مصر، كما أننا نمتلك محطات تسييل ومحطات تغييز عائمة، وخزنا فيها الغاز وتم ضغطه 60 ضعفاً لكى يتحول لغاز مسال لنستطيع تصديره، وللأسف توقفت محطات التسييل فى مصر عن العمل بعد الثورة بسبب عدم تحريك سعر الغاز، وأصبحنا نستورده بعد أن كنا نصدّره، ولهذا السبب خسرنا قضيتَى تحكيم مرفوعتين من إسبانيا وإسرائيل، ولكن عندما نتحول لمركز إقليمى للطاقة سوف نُحيى البنية التحتية مثل محطات تسييل الغاز التى كان من الممكن أن نفقدها لعدم استخدامها، كما أننا سنتحول لمنطقة توزيع للغاز، حيث ترسله إلينا الدول المنتجة لتحويله إلى غاز مسال ثم يتم تصديره للدول الأوروبية المستخدمة للغاز، كما تحيط بمنطقتنا أكبر دول منتجة ومستخدمة للغاز، فمثلاً تُعد السعودية من أكبر الدول المجاورة التى لديها إمكانية إنتاجه، وتُعتبر الدول الأوروبية من أكثر دول العالم استخداماً للغاز، ومن الممكن تجميع الغاز السعودى فى الشبكة القومية بمصر ثم تصديره لأوروبا، وبالمناسبة نحن نستطيع استخدام الطاقة الزائدة بمنطقة التجميع وتحويلها لكهرباء وتصديرها لدول أخرى.
مطلوب تدوير «الزبالة» فى إنتاج الأسمدة.. والحكومة تشترط على شركات الأسمنت الاعتماد بنسبة 10% على الطاقة الناجمة عن التدوير
وباختصار شديد، سوف نستفيد من هذا المركز عن طريق الحصول على أموال من تسييل الغاز وأموال أخرى لمرور الغاز، وسوف يوفر هذا فرص عمل كثيرة للشباب، كما أننا سنحافظ على البنية التحتية لمصر وأبرزها مراكز تسييل الغاز، وسوف تمتلك مصر فائضاً كبيراً من الطاقة مما يساعدنا على تصدير الكهرباء لدول أخرى بعائد مادى كبير.
ولكن روسيا ربما تغضب، خاصة أنها تعتمد على تصدير الغاز لأوروبا باعتبارها أكبر دولة منتجة للغاز الطبيعى فى العالم؟
- روسيا لديها 6 أنابيب داخل أوروبا، ولديها أنابيب جنوبية فى أوكرانيا تصدّر من خلالها الغاز لأوروبا أيضاً، ولن يؤثر دخول مصر كمنافس على روسيا، لأن حجم الإنتاج المصرى أو حجم التصدير سيكون أقل من الحصة الروسية بكل المقاييس، ولكن روسيا شعرت بالخطر بعد الثورة الأوكرانية، وبعد الإطاحة بالسلطة هناك، حيث إنها توقعت أن السلطة الجديدة ستوقف الأنابيب الروسية من جهة أوكرانيا التى تصدّر عبرها الغاز لأوروبا بتكلفة أقل من أنابيب الشمال، كما أن توقف تصدير الغاز الروسى لأوروبا سيجعل أمريكا قادرة على تصدير الغاز الصخرى لأوروبا والتقليل من نسب تصدير روسيا الغاز لأوروبا.
وكان هناك خط أنابيب باسم «نيبوكو» لنقل الغاز من قطر وإيران وبحر قزوين إلى الأسواق فى الشرق والغرب، ولكنه توقف لأسباب سياسية. وبالمناسبة لن نكون مركز تجميع افتراضى للطاقة مثل إنجلترا وهولندا، فتلك الدولتان تبحثان للدول عن أماكن إنتاج البترول ومحطات التسييل والتغييز، ثم تضعان بعد ذلك أسعاراً للغاز، ولكنهما لا تمتلكان خطوط أنابيب أو تسييل أو تغييز مثل مصر، وبالطبع يجب علينا فى مصر أن نقدم شفافية فى الأسعار وإلا سوف نفقد ثقة السوق.
البعض يشكك فى أهمية الاتفاقيات التى عقدتها مصر مع شركات الاستكشاف البترولية ويقللون من نسبة مصر، ما ردك؟
- يُعد هذا التشكيك غريباً جداً، خاصة أن هذه الشركات تحصل على نسبة من الغاز مقابل ما أنفقته من أموال كبيرة جداً على الاستكشاف نفسه والتنمية، لكونها تمتلك تكنولوجيا ومصادر تمويل لا تمتلكها مصر، إلى جانب أن هذه الشركات تأخذ المخاطرة الأولى، كما أنها تحصل على أرباح من خلال نسبة تقوم ببيعها متفق عليها مع الجانب المصرى، ونسبة مصر فى هذه التعاقدات جيدة جداً، وهذا أفضل من التوقف عن الاستكشاف.
وللحقيقة هناك ناس أسهل شىء عندها المعارضة، وأشبّههم بالسفسطائيين الذين ظهروا فى عصر من العصور، حيث كان شخص يقول رأياً ويرد عليه آخر برأى مخالف، ولا يصل أحد لنتيجة.
أمريكا تحارب اتفاقية «باريس» نكاية فى الصين.. وواشنطن أول المستفيدين من توقف تصدير الغاز الروسى إلى أوروبا عبر أوكرانيا
ما الاحترازات البيئية والهندسية التى يجب أن نتخذها حتى لا تتعرض المشروعات القومية لأى انتكاسة؟
- أود هنا أن أؤكد أن المشروعات العملاقة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى والقرارات التى اتخذها ممتازة للغاية، وستساهم فى تقدم مصر، وعلى رأسها قرار تعويم الجنيه ورفع الدعم والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وبقية المدن الجديدة أيضاً إلى جانب مشروعات الطرق والمليون ونصف المليون فدان، ولكن عندى بعض التخوفات التى أريد أن أشير إليها لحماية هذه المشروعات من أى انتكاسة فى المستقبل، فمثلاً يجب توفير موارد لصيانة الطرق حتى لا نخسر أموالاً طائلة، لا سيما أن بعض الطرق إذا أهملنا صيانتها فسوف نحتاج لأموال أكثر من الأموال التى أنفقت على بنائها لكى نقوم بصيانتها، كما أننا فى حاجة لأن نستعد لعمل مشروعات ضخمة لتحلية المياه لاستكمال مشروع المليون ونصف المليون فدان حتى لا يتعثر المشروع، وأعتقد أيضاً أن مدينة العلمين الجديدة التى ستوسع شرايين الدلتا لا بد أن نراعى فيها الجزء البيئى، فمثلاً مدينة العلمين لأنها فى مستوى أقل من سطح البحر ومبنية على صبغات، فيجب أن نحميها بيئياً، ولا أعرف إذا كان معمولاً حساب ذلك أم لا.
تعرضت لموضوع تجديد الخطاب الدينى فى صالونكم الثقافى، فما تعليقك على حديث الرئيس المتكرر حول هذا الموضوع وكيف يساعده المثقفون فى تحقيق هذا التجديد؟
- للأسف علماء الدين يرفضون أى إنسان خارج منظومتهم يتحدث فى الدين، رغم أنهم من أسسوا لـ«علم الرجال»، وكان المقصود منه أن من يتحدث فى الدين يجب أن يكون شخصية مثقفة ويعرف قدراً معيناً من الآيات والأحاديث ومتعلماً، فمثلاً أنا تعلمت من خلال التعليم المصرى وقرأت مكتبة جدودى وأصبح لدىّ رأى فى الدين من خلال مراجع دينية أبرزها صحيح البخارى وشرح البخارى للعسقلانى وتفاسير الزمخشرى والسيوطى وعشرات الكتب، فما المانع من التحدث فى الدين؟ كما أننا يجب أن ندرك أن القرآن نزل على الرسول فى 23 عاماً، والأحاديث جُمعت فى ثلاثة قرون والبخارى جمع الأحاديث النبوية بعد وفاة الرسول بـ«179» عاماً، وأعتقد أننا يجب أن نلتزم بالسنة فى مسألة العبادات والأخلاقيات بينما المعاملات الدنيوية فهذه مرتبطة بعصر وزمن معين ربما لا يتناسب مع عصرنا.
ويثير استغرابى أن العلماء يقولون «لا اجتهاد مع النص»، فكيف لا نجتهد والقرآن حمال أوجه، مثلما قال سيدنا على ابن أبى طالب؟ وللأسف الخليفة المتوكل فى القرن الثالث الهجرى أوقف الاجتهاد، وقصره على الأئمة الأربعة مالك وأبوحنيفة وابن حنبل والشافعى، وكفّر المعتزلة الذين كانوا يمتلكون فكراً متقدماً، وهو الأمر الذى تسبب فى عصرنا هذا فى أن أئمة كباراً يبيحون إرضاع الكبير على سبيل المثال.
وأعتقد أننا فى حاجة للاتفاق كأمة على علم وسطى جديد والأخذ بالسنة النبوية فى مسائل العبادات والأخلاقيات وما يقبله العقل ويتمشى مع الحداثة، وبقية الأحاديث الشريفة تُصبح تراثاً.
- الأحاديث النبوية:
كيف تكون كل الأحاديث النبوية مكمّلة للقرآن، وهناك حديث على لسان النبى مثلما يقول البخارى «إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه؛ فإن فى أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء»، ومعنى هذا الحديث أن الداء على أحد جناحى الذبابة والدواء على جناحها الآخر، فكيف نقتنع بهذا الحديث؟ طبعاً هذه خرافات، ويعلم العلماء أن الذباب يحتوى على أمراض خطيرة ولا يمكن أن يأكل الإنسان الذباب أو يحتوى على دواء للإنسان أو يغمسه فى الشراب، فعلى هؤلاء العلماء أن يقتنعوا أن هناك ضرورة لمناقشة مثل هذه الموضوعات، كما أننى قرأت كتاباً لابن حنبل حول الوضوء شعرت أن الإمام ابن حنبل «بيعمل دكتوراه» حول صحة الوضوء، وكأن ربنا خلقنا ليعذبنا، على حسب فهمه للدين.
- الناسخ والمنسوخ:
هناك أمر هام يجب أن نناقشه، وهو مسألة الناسخ والمنسوخ، فمثلاً المتشددون يقولون إن آية «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» تنسخ، أى تلغى آية «لكم دينكم ولى دين»، وهنا الفهم الخاطئ للناسخ والمنسوخ، لكونه يبيح القتل والتكفير لكل من هو خارج عن أصحاب هذه الأفكار، وهذا الأمر فى غاية الخطورة، وللأسف يقتنع بهذا الكلام بعض الشباب غير المحصن.