كوباية شاى من إيدين «نعمة» تعدل مزاج السواقين: بينى وبين ربنا عمار
«نعمة» مع أحفادها وأطفال المنطقة
دكان صغير أشبه باستراحة لسائقى التوك توك والميكروباص، ومكان يشرب فيه المارة كوب شاى، وهم واقفون، تقدمه لهم نعمة السيد، 61 عاماً، وهى جالسة على كرسى خشبى، لا تقوم من عليه منذ جلوسها صباحاً وحتى رحيلها فى المساء، بجانبها براد وأكواب شاى، أحياناً تجلس بجانبها إحدى بناتها لتتحدث معها فى أمور الحياة، بينما يلعب أحفادها والعشرات من أبناء المنطقة حولها.
لا تقدم للمارة سوى الشاى، وهو مصدر رزقها منذ 37 عاماً، منذ توفى زوجها فجأة تاركاً لها 4 بنات منهن واحدة أنجبتها بعد الوفاة بثلاثة أيام فقط: «قبل موت جوزى كنت قاعدة فى البيت، فجأة كل حاجة اتغيرت، الأيام تعبتنى، كنت كل يوم أفكر أروح ببناتى فين، لحد ما علمتهم وجوزتهم من عمل الشاى».
يقف سائق توك توك، يناديها بـ«يا أمه»، ثم يطلب منها كوب شاى، تتحدث معه عن حاله وتطمئن عليه وهى عادة تقوم بذلك مع كل زبائنها: «كلهم ولادى وبيقولوا لى يا ماما والكبار بيقولوا لى يا أختى، الناس لسه حلوة وبتحب بعض، وحنينين على بعض».
تعلمت «نعمة» الكثير من الحياة، وكل ما تعلمته تعلمه لبناتها وأحفادها: «عرفت إن آخرة الصبر خير، وإن الواحد لازم يشقى ومايزعلش من التعب، كل حاجة بتمشى». كوب الشاى بجنيهين فقط، تضعهما فى درج بجانبها وتقول «الحمد لله فضل ونعمة»، تنظر لأحفادها وهم يلعبون حولها، تبتسم: «الحياة فيها حاجات حلوة، إحنا اللى مش واخدين بالنا غير من الوحش، حلوة وجميلة وبناكل وبنشرب وراضيين».
عادة تحرص عليها «نعمة» كل مساء قبل موعد نومها، وهى حديثها لمدة 10 دقائق إلى الله: «بشكى له همى وأعيط، بحس إنه قريب منى، وبينى وبينه عمار، بقالى 37 سنة بقول يا رب، وبيسمعنى وبيهوِّن عليّا».