«حسنى» ومكنة الطعمية: لو بطلنا «نقلى» نموت
«حسنى» يواصل عمله فى المطعم
ماكينة طعمية قديمة يُقدر عمرها بعشرات السنين، تصدر ضجيجاً عالياً يغطى على جميع الأصوات الموجودة فى المكان، بينما يقف أمامها رجل تخطى السبعين من عمره، نحيف، بطىء الحركة لكنه نشيط، يتنقل بحماس بين الماكينة وزيت القلى داخل مطعم فى حارة «السقايين» بمنطقة عابدين.
حسنى أبوالسعود، يبيع الطعمية منذ سنوات طويلة تفوق الأربعين عاماً، لا يمنعه عنها سوى تعطل الماكينة القديمة، فيحاول إصلاحها بنفسه، ويواصل العمل مرة أخرة، متحدياً العمر والتعب: «مكنة أصيلة، شغالة رغم إنها قديمة جداً، وأنا ماقدرش أقعد من غير شغل، لو ريّحت وقعدت أمرض، وعندى واد وبنتين بيقولوا ليا ريّح يا بابا وبرفض».
مهمة صعبة يؤديها صاحب السبعين عاماً، فيستيقظ فى تمام السادسة صباحاً، ويواصل عمله حتى المساء، ولا يمل من طلبات الزبائن المختلفة: «كل واحد وطلبه، اللى يقولى زود الطعمية شوية، حط سمسم، عايزها سخنة، وماقدرش أرفض طلب لحد».
قبل عمل «عم حسنى» فى الطعمية كان يعمل فى الزراعة بمنطقة الوادى الجديد والواحات، ترك الزراعة مسافراً للقاهرة، بحثاً عن عمل يوفر له دخلاً أكبر، خاصة بعد زواجه فى ذلك الوقت، بالإضافة إلى تعبه من جراء عمله فى الأراضى، فقاده القدر إلى العمل بالمطعم بيومية تساوى 25 قرشاً فقط وقتها، وأخذت تزيد حتى تخطت الـ70 جنيهاً: «الربع جنيه كان مكفينى عن الـ70».
لا يندم «حسنى» من الرحيل للقاهرة، بسبب حبه لحارة «السقايين» وناسها وحبهم له، كما تعلق بمهنة الطعمية، وأكثر ما يسعده إشادة الناس بمذاقها الجيد: «زباينى من الجدود للأحفاد، وبفرح أوى بكلمة تسلم إيدك، أحلى نعمة فى الدنيا».