حوار| صلاح فضل: على الدولة الاهتمام بالأحزاب واعتبارها من ذوي الإعاقة
الدكتور صلاح فضل، أستاذ الأدب والنقد، عضو المجلس الأعلى للثقافة
أكد الدكتور صلاح فضل، أستاذ الأدب والنقد، عضو المجلس الأعلى للثقافة، أن الأحزاب دورها ضعيف في الشارع، لأن قنوات التواصل مسدودة ويجب فتح هذه القنوات مع ضرورة الرقابة عليها، فقط للأحزاب المدنية، وسد قنوات اتصال الأحزاب الدينية، لأنها يمكن أن تنتكس بمصر، كونها داعمة للإرهاب ومشجعة عليه.
وقال "فضل"، في حواره مع "الوطن"، إن الرئيس شديد الاهتمام بتحريك القوى الفاعلة فى المجتمع والنهوض بها، خصوصاً القوى التى تعانى مثل (ذوى الإعاقة والمهمشين)، وأناشده أن يعد الأحزاب فى مصر من المعوقين والمهمشين وغير القادرة أن تستجمع قواها بطريقة وطنية منظمة ورشيدة وبعيدة عن التيارات المغرضة، وطالب بإلغاء قانون ازدراء الأديان كخطوة لتجديد الخطاب الديني.. وإلى نص الحوار،،
* كيف ترى المشهد السياسي حاليا؟
- تعلقت آمال المثقفين وأصحاب الرأى والفكر منذ ثورة 25 يناير 2011 وإلى الآن بالقوى الوطنية الفاعلة فى الحقل السياسى المصرى، أملاً فى أن تستطيع حشد طاقتها لإجراء تحول ديمقراطى رشيد ومنظم بعيداً عن التيارات الإرهابية التى قفزت إلى السلطة بعد الثورة، وخرج الملايين فى 30 يونيو 2013 فى ثورة حماها الجيش، ورشد حركتها فى سبيل التنمية الديمقراطية فى مصر.
ومن الواضح أن هذه الديمقراطية لكى تأخذ حظها من تنمية مؤقتة أو مستدامة -حسبما يتاح لها- تحتاج إلى الاعتماد على الأحزاب، لأنه إذا تركناها لن تسير عجلة الديمقراطية.
حزب النور وإخوته شوهوا الدين والسياسة معا.. وإسكات قادته ضرورة لوقف الكراهية
* أين الأحزاب من الشارع المصري؟
- الأحزاب دورها في الشارع ضعيف جداً، لأن القنوات مسدودة، ويجب فتح هذه القنوات مع ضرورة الرقابة عليها، فقط للأحزاب المدنية، وسد قنوات اتصال الأحزاب الدينية كلها ضمانة للأمن القومى المصرى، لأنها هى التى يمكن أن تنتكس بمصر، كونها داعمة للإرهاب ومشجعة عليه.
* ما الذى يمكن فعله لفتح قنوات اتصال الأحزاب؟
- أن يسمح للأحزاب بعقد الندوات التثقيفية والمؤتمرات فى كل من الأحياء الشعبية والمحافظات لممارسة السياسة بحرية، إضافة إلى قبول الرأى الآخر وتشجيعه، لنكون أمام تحول ديمقراطى حقيقى فى مجتمع تتسع رئته للجميع.
وأرى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى شديد الاهتمام بتحريك القوى الفاعلة فى المجتمع المصرى والنهوض بها، خصوصاً القوى التى تعانى (مثل ذوى الإعاقة والمهمشين)، وأناشده أن يعد الأحزاب فى مصر من المعوقين والمهمشين وغير القادرة على استجماع قواها بطريقة وطنية منظمة ورشيدة وبعيدة عن التيارات المغرضة.
* هل الأحزاب المدنية قادرة على شغل الفراغ السياسى؟
- أتمنى أن تلتفت الدولة خلال المرحلة المقبلة إلى ضرورة الاهتمام بالأحزاب وإلى العمل على نجاحها، وربطها بعلاقات قوية بالشارع، حتى تشغل الفراغ الذى تركته الجماعات الدينية، خاصة الإخوان والسلفيين، الذين استغلوا الفراغ السياسي في الشارع عن طريق الأعمال الخيرية حينا، وارتداء عباءة الدين حيناً آخر، وسد الثغرات فيما يخص المجال الصحى والتعليمى نيابة عن الدولة.
فخلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تمكنوا من الشارع، وكانت المفاجأة فى الانتخابات البرلمانية 2012 حيث حصلوا على 70% من المقاعد، ولم نكن نتوقع أن يحصلوا على أكثر من 20%، وكانت هذه صدمة لوجه مصر الحضارى، وبقعة سوداء فى تاريخنا النيابى، ولا بد من محاولة تغطية هذه الثغرة وإزالتها وعلاج أسبابها.
فضل: قانون ازدراء الأديان إرهاب للمفكرين وعائق في طريق التجديد.. وأطالب باعتبار تكفير الناس تحريضاً على القتل
* كيف نعالج الفراغ السياسي في الشارع؟
- السلطة حالياً تتميز بالحكمة والوعى الرشيد، ولا بد أن يُسمح للأحزاب بأن تتسرب إلى خلايا المجتمع وأن تستقطب الأحزاب المدنية والليبرالية ذات الطابع الوطنى، التى بطبيعة تكوينها ولاؤها لجيشها ولقيادتها ولبلدها، كى تأخذ الفرصة وتتمكن من الشارع المصرى.
وعلى المدى الطويل لا بد من تربية كوادر سياسية، لأن الشارع فى حاجة إلى أصوات أخرى مستنيرة ومدنية، وتحظى بالثقة وبالمصداقية، وتراقب وتنظم وتملأ هذا الفراغ، لذلك أعتقد أن مستقبل مصر يتطلب إتاحة الفرصة لانتعاش الأحزاب المدنية.
* ما رأيك في وجود الأحزاب الدينية على الساحة السياسية؟
- نحن أمام فراغ سياسى ضخم فى الشارع، خلقته خيانة التيارات الدينية للبلد، لأن ما فعلوه من تغذية ودعم للإرهاب هو خيانة للوطن، وهذه الأحزاب الدينية فاقدة لشرعيتها دستوريا، لأن مبادئها تشجع على الكراهية والتعصب، وتضر بالوطنية والسلم الاجتماعى، وهذا محرم دستوريا.
ونرى أن حزب النور وأمثاله لا يكفون منذ نشأتهم فى المناسبات جميعها عن التشجيع على تحريم العلاقات الطيبة بين المسلمين والأقباط، وعلى ضرب الوحدة الوطنية، فالأحزاب التى خرجت من عباءة الدين، خلطت الدين بالسياسة لتشوه الأمرين معاً، ولبست عباءة الكهنوت وتاجروا بالدين ونصبوا أنفسهم حاكمين باسم الله، هم أرادوا إعادتنا إلى العصور الوسطى.
* لماذا لم تحل هذه الأحزاب حتى الآن؟
- فعلياً هى مجمدة حالياً، فقط ينبغى إغلاق فم زعمائها، حتى لا يستمروا فى بث الكراهية وطعن فكرة المواطنة.
* كيف ترى تجديد الخطاب الديني؟
- لا بد من إلغاء قانون ازدراء الأديان، لأن أي مجدد سيجد معارضين ومحافظين، ومن السهل اتهامه بازدراء الأديان، وأرى أن هذا القانون يعدُ إرهاباً للمفكرين، ويقف عائقاً أمام أى محاولة هدفها التجديد، كما يجب عد تكفير الناس تحريضاً على القتل، وبحكم القانون الجنائى، فإن أقل عقوبة للمُحرض على القتل هى الأشغال الشاقة المؤبدة، ومن يصدر منه فتوى تكفيرية يحاكم بتهمة التحريض على القتل.
وأعتقد أنه لو تمت محاكمة متعصب واحد من شيوخ الضلال والجماعات الدينية، فسوف يغلقون أفواههم ولا يتجرأون على تكفير أحد مرة أخرى، ولا بد من تحويل المنابر الدينية إلى منابر ثقافية، والمساجد والكنائس جميعها يجب أن تحتوى مكتبات تضمُ كتباً علمية وفكرية وثقافية ودينية مستنيرة، وأن يكون الأئمة فى المساجد، والوعاظ والقساوسة فى الكنائس أمناء هذه المكتبات، كى يتغذوا منها علماً ومعرفة وثقافة صحيحة، لتكون خطبهم مشبعة بهذه الخلفية المعرفية ومدعمة بها، بدلاً من أن تقوم على مجموعة من الخرافات والأباطيل، وحكايات تعزز تخلف الخطاب الدينى.
"فضل": تمسُك أعضاء "المصريين الأحرار" بمبادئه الليبرالية أعطى الحزب قُبلة الاستمرار في الحياة السياسية
* كيف ترى أزمة الانشقاقات داخل حزب المصريين الأحرار؟
- النزاع القضائى الذى حدث على الحزب أمرٌ طبيعى فى الحياة السياسية، ومن الوارد أن يحدث انشقاقات داخل أى حزب، وفى النهاية القضاء هو الذى يفصل فى الأمر، ولا يمكن إدانة طرف من الأطراف المتنازعة، لأن الحرية الحزبية لا بد أن تتسع وتستوعب هذه الأمور.
وأرى أن ميزة "المصريين الأحرار" اتسامهم بالمثابرة وبالحرص على مبادئ الليبرالية، حيث وجد فى أعضائه المتمسكين بهذه المبادئ، والذين لم يهرولوا وراء المنشقين، دعماً كبيراً أعطاه قبلة النفس الطويل والاستمرار فى الحياة السياسية.
ومصر تستحق أن يكون فيها أحزاب قوية ذات مبادئ ليبرالية ومدنية راسخة، تتنافس فيما بينها، لا على أساس انقلابات وصراعات شخصية، بل على العلاقة المعمقة فى التعبير عن القوى الاجتماعية وعن آمال المصريين فى المستقبل.