"ترامب" وتصنيف "الإخوان" إرهابية.. أي حسابات تحكم القرار؟
ترامب مع الرئيس السيسي
جاء إعلان "البيت الأبيض"، أمس، عن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم إدراج جماعة الإخوان على اللائحة الأمريكية لـ"المنظمات الإرهابية"، ليقدم دليلا إضافيا على طبيعة العلاقات بين الإخوان وثالوث تركيا - قطر - إيران، بحسب خبراء ومراقبين.
وكانت ساره ساندرز المتحدثة باسم "البيت الأبيض"، قالت إن الرئيس "ترامب" تباحث مع فريقه للأمن القومي وقادة المنطقة الذين يشاطرونه القلق من تنظيم الإخوان، ويجري درس الأمر طبقا للمسار الداخلي المتبع، على حد قولها.
ويتيح إدراج تنظيم الإخوان على اللائحة الأمريكية، فرض عقوبات على كل شخص أو منظمة يقيم علاقات مع الإخوان، ويفرض إدراج الإخوان في قائمة الإرهاب الأمريكية كذلك عقوبات اقتصادية على الشركات الداعمة لها، وتقييد للسفر على الأفراد المنتمين لها، وبالتالي يثار التساؤل حول مسألة وضع الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية، كيف سيكون هذا الأمر في الحسابات الإقليمية والدولية وكذلك الحسابات الداخلية الأمريكية.
*لماذا تصطف إيران إلى جانب رافضي حظر الجماعة؟
وأخذت إيران صف تركيا ضد التصريحات الأمريكية بشأن وضع جماعة الإخوان، حيث انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من العاصمة القطرية "الدوحة"، اليوم، سعي الإدارة الأميريكية لتصنيف جماعة "الإخوان" تنظيما إرهابيا، قائلا: "الولايات المتحدة ليست في وضع يؤهلها بأن تبدأ في تصنيف الآخرين كمنظمات إرهابية".
وأضاف ظريف في تصريجات للصحفيين: "نحن نرفض أي محاولة أمريكية فيما يتعلق بهذا الأمر، الولايات المتحدة تدعم أكبر إرهابي في المنطقة، وهي إسرائيل".
ويقول الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد اللاوندي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إنه بالنظر إلى الموقف الإيراني "لا يجب أن ننسى أنه قبل أن تأخذ الولايات المتحدة قرار أو تصرح حول مسألة تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية كانت قد اعترفت بالفعل أن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وبالتالي هناك غضب إيراني مستمر، ولذلك مجرد ما صدر التصريح بشأن إمكانية إدراج الإخوان منظمة إرهابية عبرت إيران عن غضبها الشديد".
وأضاف اللاوندي: "بالإضافة إلى أن هناك علاقة بين إيران وقطر وتركيا، والكل يرى أنه لا يجب أبدا اعتبار المنظمة إرهابية، لأن هذا سيؤثر على الأفراد الموجودين في قطر وتركيا، وهذا سيؤثر على العلاقات الدولية بشكل وآخر مع الدوحة وأنقرة، ولا سيما وأن هناك قنوات فضائية وصحف للجماعة في تركيا".
ولفت الخبير السياسي إلى أن إيران لديها قاعدة عسكرية في قطر كما أن تركيا لديها قاعدة عسكرية في قطر إلى جانب القاعدة الأمريكية، فهذا نوع من التصعيد من جانب إيران، وقال إن "الرد الإيراني ليس تلقائيا ولا عفويا هو رد مخطط له من قبل، وأن إيران تريد التصعيد ضد الولايات المتحدة خاصة أنها لأول مرة ترى أنها ليست وحيدة لوجود تركيا وقطر إلى جانبها، وبالتالي لديها أمل في التصعيد مع الولايات المتحدة"، مشددا على أن "طهران" ترى أن جماعة الإخوان حليفة لها، وقال: "لا ننسى أنه في زمن محمد مرسي سافر إلى إيران واستقبل الرئيس الإيراني السابق محمود أحمد نجاد في القاهرة، فهناك تقارب إيديولوجي بين الإخوان وإيران".
ومطلع أبريل وضعت الولايات المتحدة الحرس الثوري، الجيش الأيديولوجي للنظام الإيراني، على القائمة السوداء لـ"المنظمات الإرهابية"، وإيران مدرجة منذ 1984 على القائمة الأمريكية "للدول الداعمة للإرهاب"، وفكرة إدراج الحرس الثوري الذي تم إنشاؤه في 1979 لحماية الثورة الإسلامية الإيرانية من التهديدات الأجنبية والداخلية، كانت تلوح في الأفق منذ وصول "ترامب" إلى "البيت الأبيض".
- تركيا و"أردوغان".. هل يمكن التضحية بالجماعة مع الضغوط الأمريكية؟
وفور التصريحات الصادرة عن "البيت الأبيض"، عبرت تركيا هي الأخرى عن رفضها المساعي الأمريكية، وأعلن حزب العدالة والتنمية، الحاكم في البلاد، تأييده للجماعة ووصفها بـ"الشقيقة" التي تعمل جنبا إلى جنب معه في تركيا.
وتعقيبا على تلك التصريحات قال، المحلل السياسي التركي محمد عبيدالله، في اتصال هاتفي مع "الوطن": "نحن نرى طبيعة العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجماعة الإخوان، فهي ورقة مهمة بالنسبة له سواء على الصعيد الداخلي في تركيا أو على مستوى الإقليم والتحركات الخارجية التركية".
وأضاف عبيدالله: "على الصعيد الداخلي فإن الإخوان لديهم استثمارات في تركيا، وأيضا في أوقات الانتخابات والاستفتاءات يقفون غلى جانب أردوغان في الدعاية له، كما أن أردوغان يدعي أنه يدافع عن حقوق الشعوب المقهورة، ويوهم للأسف المواطنين الأتراك بأن الإخوان ضحايا ومقهورين، وأنه يدفع عن قضايا أخلاقية، فيكسب تعاطف البعض".
وتابع المحلل التركي: "أما على الصعيد الخارجي، فرأينا أن الرئيس التركي كان يريد الهيمنة على المنطقة العربية من خلال دعمه لجماعة الإخوان، ومساعدتهم على التشبث بالحكم، وهو حتى الآن يرى أن هناك إمكانية لوجود الجماعة في بعض الدول، بدليل استمرار دعمه لهم في ليبيا، وقد وفرت تركيا إلى جانب قطر المأولى والملاذ الآمن للعناصر الفارة من جماعة الإخوان من مصر، أيضا الفضائيات التي تواصل من خلالها التحريض ضد مصر، الأمر الذي كان سببا مباشرا في قطع العلاقات الدبلوماسية بينها والقاهرة".
هل يصل "ترامب" إلى تفاهم مع الديمقراطيين بشأن تصنيف الإخوان جماعة إرهابية؟
عملت جماعة الإخوان على مدار سنوات طويلة للتغلغل في دوائر صنع القرار الأمريكي خلال فترة ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، وحاولت إقناع السياسة الأمريكية أنها تقدم نموذج ديمقراطي، لكن السؤال هنا حول إمكانية التوافق بين الجمهوريين والديمقراطيين حول مسألة وضع الجماعة على اللائحة الأمريكية للإرهاب.
في هذا السياق قال المحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "الإدارة الأمريكية لها وجهة نظر في جماعة الإخوان فهي تؤيد وضع بعض مكونات من الجماعة على قائمة الإرهاب مثل وضع حركة حماس، ولكن لا تؤيد وضع الجماعة المدنية على لوائح الإرهاب وليس الأزرع العسكرية مثلما كان الحال مع حزب الله الجناح السياسي لم يكن على قوائم الإرهاب في وقت كان الجناح العسكري مصنف إرهابيا".
وأضاف شرقاوي: "هم يميلون للحوار مع الإخوان مع وجود بدائل لمواجهة الإسلام المتطرف، هم ينظرون إليها كورقة رابحة يمكن الاعتماد عليهم وقت اللزوم كما فعل في فترة يناير والاعتماد عليهم في الحكم".
وقال شرقاوي: "هناك بعض الأمور في السياسة الأمريكية لا تعتمد على مسألة رأي الحزبين الديمقراطي والجمهوري فقط وإنما هناك أمور تتجاوز الحزبين مثل استراتيجية أمريكا في الشرق الأوسط أيا كان الحزب الذي في الإدارة فهي قائمة، فيمكن أن يحدث تقارب بين الديمقراطيين والإخوان في فترة أوباما على اعتبار أنه إسلام وسطي لكن ذلك أثبت فشله لاحقا".
وتابع المحلل السياسي الأمريكي: "لا ننسى أن جماعة الإخوان ليست موجودة في مصر فقط وإنما في 80 دولة ويمكن أن تكون بديلا لدى أمريكا في تونس والجزائر، ولذلك تحرص الإدارة الأمريكية أيا كانت على التنظيم الدولي بدليل عدم إدراج أي من قيادات هذا التنظيم الدولي ضمن قائمة الإرهاب".
واعتبر شرقاوي أن التصريحات الصادرة عن "البيت الأبيض" بشأن تصنيف الإخوان على لوائح الإرهاب لها اعتبارت انتخابية بالأساس، قائلا: "ترامب يحاول أن يخلق جديد من أجل المعركة الانتخابية، أي انتخابات الرئاسة القادمة، وهناك شبه مطلب شعبي من المواطن الأمريكي بحظر الإخوان لأنه لديه مخاوف من الجماعة وتحركاتها، ينظرون بعين الترقب لما تحمله الجماعة من أفكار، وربما تؤثر على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
ومنذ إعلان "ترامب" عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وضع على رأس أولوياته مسألة تصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي، مشيدا بجهود مصر، لمواجهة التنظيمات الإرهابية، لكن رغم الوعود ليس هناك حتى الآن تصريح أكثر جدية من التصريح الصادر أمس عن "البيت الأبيض".