شكوى الفقراء والأثرياء: أسعار «الشقة.. والأثاث والأجهزة» مولّعة
أسعار الموبيليا والأجهزة من عقبات الزواج
ورق وقلم ونفتح القوس (شقة، أثاث، أجهزة كهربائية، شبكة، أدوات منزلية وغيرها).. التكاليف الباهظة وراء إحجام الكثيرين عن الزواج، فصعّبت المهمة على معظم الشباب، سواء القادر وغير القادر، نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، رغم محاولات العروسين ترشيد المصاريف، والاستغناء عن الشبكة و«النيش» وحفل الزفاف، فينتهى الأمر ببدء حياة زوجية مُثقلة بـ«جبل من الديون».
منة الله المصرى، فتاة فى مقتبل العشرينات، تستعد للزواج وبدء حياة جديدة مع شريك العمر، جهزت نفسها قبل سنة من زفافها، وصُدمت بأسعار الأجهزة الكهربائية، تقول: «الحاجة غالية جداً وزادت تقريباً 3 أضعاف»، كما فوجئت بأسعار الأطقم البسيطة التى تحتاجها فى المطبخ، فعلى سيبل المثال طاقم التوزيع بـ500 جنيه (6) قطع فقط، وصينية «الملامين» بـ150 جنيهاً، و«الجاروف» بـ30، و«ملاية» الأطفال بـ350 جنيهاً: «حاجات صغيرة وأرقامها كبيرة».
اشترت «منة» ثلاجة بـ10 آلاف جنيه، وبوتاجاز بـ5 آلاف، وغسالة بالمثل، وفريزر بـ7 آلاف، وشاشة تليفزيون بـ8، ومكنسة بـ1500 جنيه، و«كبة» بـ1900 وغيرها، من الأشياء التى تردد سعرها بحسرة من غلائها الشديد، رغم استغنائها عن أشياء عديدة مثل أطقم «الجاتو والعشاء والبيركس والجرانيت»، و15 طقم «كاسات»، تضيف: «الحاجة مولعة، وأقل جهاز بيعدى 100 ألف جنيه، ده لو هنجيب على القد بس»، مشيرة إلى أنها ساهمت فى شراء بعض الأشياء، بجانب مساعدات والدتها بعد رحيل أبيها منذ سنوات، وتكلفت المفروشات مثل «الفوط والمفارش القطيفة والكوفيرتات والدفايات» 15 ألف جنيه، تستطرد: «جبت اللى هستخدمه بس ودفعت المبلغ ده».
"الملاح": "جبت شبكة بسيطة بـ20 ألف جنيه.. والمبلغ ده من 10 سنين كان ممكن يجيب حاجة محترمة".. و"عاطف": "مابقاش فيه أفراح شعبية رخيصة"
يلتقط خطيبها «محمد حسين» الكلام، ويعمل مهندساً زراعياً، معبراً عن استيائه من التكاليف الكبيرة التى تقع على عاتقه، والطلبات التى لا تقتصر على توفير الشقة وتجهيزاتها، فهناك قاعة الزفاف، فيقول: «أقل قاعة دلوقت بـ20 ألف جنيه وبتوصل لـ40 ألف، وأكتر كمان»، لافتاً إلى أنه أقام حفل خطبته قبل شهرين، واضطر لاستئجار قاعة بـ11 ألف جنيه، قائلاً: «كانت عادية مش حاجة هاى قوى، ودى من 3 أو 4 سنين كانت بـ4 آلاف بس»، مشيراًَ إلى أن بدلة الزواج تتعدى الـ3000 جنيه، أما الفستان فحدث ولا حرج: «فيه فساتين بتوصل لـ18 ألف جنيه لو هتشترى، و6 آلاف للإيجار»، وهو ما يصفه «محمد» بأنه غلاء مبالغ فيه، ويختتم حديثه: «ليس باليد حيلة سوى الخضوع لما يفرضه الواقع».
«محمد الملاح»، شاب أكمل عامه الـ25، تسلم وظيفته فى أحد البنوك بعد تخرجه فى كلية التجارة، وأخذ قرار الخطبة قبل شهرين، فبدأ فى التجهيزات والسؤال عن الأسعار، ولم يتوقع سماع هذه الأرقام، يقول: «الأجهزة الكهربائية أقل حاجة 45 ألف جنيه، ولازم أشتريها دلوقتى قبل ما تغلى بعد شهر»، ساعده والده فى شراء شقة بـ400 ألف فى منطقة فيصل: «مش فى مكان هاى، ولسه تشطيباتها هتدخل فى 80 ألف كمان»، يعد على أصابع يده ما يحتاجه لإتمام زيجته، فيشكر ربه على وجود والده بجانبه، يضيف «لو أى شاب اعتمد على نفسه مش هيتجوز ولا بعد 100 سنة»، اختار أن يستعين بالمتوسط فى حدود إمكانياته، يستطرد: «اللى على القد معدى كتير أووى»، قرر شراء «عفش» عمولة للتوفير: «أوضة النوم عمولة بـ35 ألف جنيه، ولو جاهزة بـ50 ألف».
"منة الله": "الحاجة غليت وزادت 3 أضعاف".. و"محمد": "بدلة الفرح بتعدى الـ5 آلاف جنيه والفستان بـ15000"
يحكى أن أقل أثاث لن يقل عن 120 ألفاً، وأن لو أى شاب مهما كان راتبه لن يستطع شراء الأثاث فقط: «لو الشاب بيقبض 5 آلاف فى الشهر، يعنى فى السنة 60 ألف، غير مصاريفه، فمش هيقدر يجيب حاجة»، يقول إن العبء على الشباب أكبر من الفتيات، لأن الأخيرة تعتمد على أهلها: «البنت أبوها موجود، لكن فيه شباب كتير أهله مش بتساعده، أنا جبت شبكة بسيطة بـ20 ألف جنيه، مع إن المبلغ ده من 10 سنين كان يجيب حاجة محترمة»، يشكو من صعوبة الوضع الحالى على الشباب، وعزوف الكثير منهم عن الزواج بسبب تكاليفه، يقول: «وصلنا لمرحلة إن الحرام بقى أرخص من الحلال، احنا بننهار ونسبة الطلاق زادت بسبب الفلوس».
تجربة مشابهة يعيشها «عبدالله» الذى اقترب حفل زفافه، حيث اعتمد على الجمعيات وراتبه لشراء أساسيات حياته الجديدة، واكتفى بشقة إيجار جديد، ووضع ميزانية 40 ألفاً ثمن غرفة نوم وأطفال وسفرة وأنتريه، يقول: «مش لازم نجيب أحسن حاجة»، سنوات وهو يدخر النقود، حتى لا يفقد خطيبته التى ساعدته كثيراً فى التجهيزات، وهونت عليه أعباء الزواج، يضيف: «أهل العروسة ليهم دور كبير، قالولى اعمل على قد اللى معاك وبعدين كملوا سوا»، يسير على قدر استطاعته ومع ذلك التكلفة لم تكن ضئيلة بالنسبة له، يستطرد: «ماشيين على قدنا هنعمل إيه»، وضع للفرح ميزانية 20 ألفاً، وبعد رحلة بحث طويلة عن أسعار مناسبة للقاعات: «الأسعار عمالة تغلى وكل شوية الدنيا بتصعب أكتر»، قرر أن يتكفل بكل شىء بمفرده ويتحدى نفسه فى عدد ساعات العمل: «بشتغل شغلانتين ومطلبتش من أبويا عشان كفاية عليه كده».
«عاطف عبده»، شاب تجاوز الـ33 من عمره، يملك فرشة فى ميدان العتبة، يعرض عليها بضاعته من مشغولات يدوية وأساور، لا يتجاوز دخله اليومى 200 جنيه، يقتطع جزءاً منه لأسرته الصغيرة المكونة من ثلاثة أشقاء، ويسكن معهم بمنطقة المطرية، حيث تكفل «عاطف» وشقيقه الذى يصغره فى العمر، بمصاريف البيت بعد وفاة والدهم منذ سنتين، وهى مدة ارتباطه بشريكة حياته، حيث جهز الشاب الثلاثينى خلال فترة الخطوبة عش الزوجية بأبسط الإمكانيات، لتدفعه ظروفه المادية البسيطة إلى إقامة حفل الزفاف فى الشارع قبل عدة أشهر، وتحديداً أمام العمارة التى تقطنها أسرته، يقول: «لو استنيت ظروفى تتحسن عشان أعمل الفرح فى القاعة يبقى مش هتجوز».
يرى «عاطف» أن إقامة الحفل فى منطقته وشارعه هو حصن أمان بالنسبة له، فهنا جميع معارفه، ولا توجد قيود على بدء الفرح ونهايته، يقول: «رغم إنى عامله فى الشارع بس برضه التكلفة مطلعتش بسيطة زى ما كنت فاكر»، يشير إلى أن الفراشة كلفته 3000 جنيه: «ده غير النور، والكهرباء دلوقت غالية، يعنى عشان أعلق نور احتجت 300 متر، والمتر بـ20 جنيه، ودستة الكراسى بـ50 جنيه»، موضحاً أن الأفراح الشعبية غير المكلفة نسفتها منظومة «الدى. جى»، التى تخطى تكلفتها 4000 جنيه: «ده غير البقشيش.. ولو حد حب يجيب رقاصة هتاخد مش أقل من 5000 جنيه».