التنمر ضد غير المتزوجات: «عانس وخرَّابة بيوت»
الدكتور محمد هانى
بمجرد اقتراب الفتاة من عمر الثلاثين بلا زواج أو خطوبة، يتحول الأمر إلى كابوس، فكثيراً ما تحيط بها التساؤلات بدءاً من «هنفرح بيكى إمتى؟»، وتزداد بكثرة التدخلات فى حياتها الشخصية المتعلقة باختيار الزوج، وصولاً بمحاولات إقناعها بتغيير صفاتها ومظهرها الخارجى، لتصبح أكثر مواكبة للعروس المثالية، ما يزعزع ثقتها بنفسها، ويؤدى لانعزالها، وتنامى مشاعر عدوانيتها تجاه المجتمع.
ضغوط عدة تعيشها فتيات قاربن على دخول عامهن الثلاثين أو تجاوزنه بأعوام، فلم يسلمن من نظرات الحسرة المحيطة بهن، أو عبارات اللوم القاسية الموجهة إليهن، باعتبارهن «عوانس».. لحظات عاشتها «ريم سيد»، رغم عدم تجاوزها السابعة والعشرين، فبعد زواج وإنجاب قريناتها منذ الدراسة، أصبحت هى العزباء الوحيدة بينهن، وتبدلت علاقتهن من المشاورة والأخذ برأيها إلى تجنبها تماماً، مخافة أن تتسبب فى مشكلات لهن مع أزواجهن.
«مابقيناش نتكلم خالص، بيخافوا إنى أحسد عيالهم أو أعملهم مشاكل مع أزواجهم»، عبارة لخصت بها «ريم» أزماتها مع صديقاتها بعدما انصرفن عنها رغم إنجازها الدراسى، وسعيها للحصول على درجات علمية أعلى بمجال علوم الحاسبات، تقول لـ«الوطن»: «هما اتجوزوا من 3 ثانوى وأيام الجامعة، بس عمرى ما تخيلت السطحية دى فى التعامل بيننا بعد كده».
"ريم": صاحباتى اللى اتجوزوا خافوا أحسدهم
أعباء أخرى وجدتها «مروة. ع»، صاحبة التسعة والثلاثين عاماً، فى عملها بإحدى شركات المحاسبة، فعلى الرغم من امتلاكها قدراً وافراً من الجمال، لم تنتهِ أى من خطبتيها السابقتين بالزواج، فأصبحت تواجه نظرات متسائلة يومياً من زملائها بالعمل، انتهت فى أحد الأيام بمعايرة مديرتها لها أمام العاملين بالشركة بمقولة «يا عانس»، تقول: «عمرى ما تخيلت إنى أسمع كلمة زى دى لما حد يتخانق معايا». قوة تأثير العبارة دفعتها لتبديل قراراتها، فتركت عملها، وتزوجت من رجل خمسينى عرض عليها الزواج عرفياً، للتخلص من اللقب الذى لاصقها لأعوام، وهى الزيجة التى انتهت قبل مرور عام، تضيف: «الانفصال كان النتيجة الطبيعية لتسرعى».
من جانبه، أكد الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية، أن التعامل مع تأخر الزواج يختلف من الرجل للمرأة، موضحاً أن التقاليد المجتمعية تحمل الفتيات عبء التساؤلات المستمرة حول الزواج، فيصبح الهرب من التجمعات هرباً من تلك الأسئلة، إضافة إلى العبارات التنمرية التى توجه إليهن دون إدراك من قائليها، عن مدى تأثيرها السلبى على الفتيات اللاتى يدخلن فى نوبات اكتئاب، نتيجة لما يحدث من مقارنات بأخريات تزوجن وأنجبن فى أعمار أصغر منهن.
فيما أكدت هالة حماد، استشارى الطب النفسى والعلاقات الأسرية، أن عمر الثلاثين هو الأنسب للزواج فى الوقت الحالى، حيث تستطيع الفتاة استيعاب دورها كزوجة وأم، ومع تغير الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تتزايد الأعباء على الشباب والفتيات وهو ما يجب تجاوزه بتأنٍ واتخاذ قرارات صائبة، دون تعجل.