«عاشور»: هرب من ضيق الرزق فى القرية.. فمات وترك طفلة عمرها 6 شهور
تبول الساسة على خبز الجياع.. ضاقت الأرزاق بالغلابة فى وطن لا يرحم فيه غنيه فقيره.. تحولت بحيرة المنزلة من ساحة للرزق إلى مرتع للأباطرة والبلطجية الذين منعوا البسطاء من السعى وراء أرزاقهم، فاضطر الشاب مصطفى السعيد عاشور، أحد بسطاء الدقهلية، إلى العمل على توك توك، فحاصرته الحكومة فى أكل عيشه بمنع الترخيص، بعد أن رزقه الله بطفلة، فهرب مرة أخرى إلى البحر، عله يكون ملاذاً آمناً للهروب من فقره، وقلة حيلته، فكانت آخر رحلة هروب فى حياة الشاب الفقير، الذى لقى مصرعه على ظهر المركب نتيجة لجشع وطمع صاحب المركب.
احتضنت زوجة عاشور، 19 سنة، طفلتها الوحيدة، 6 شهور، مرددة بصوت متهدج تختلط به دموع القهر على فقد عائلها: «مين هايربيكى يا بنتى، ومين هايصرف عليك، أنت كنت روح قلبه، حسبى الله ونعم الوكيل»، وما لبثت الأم الشابة أن انخرطت فى بكاء هيستيرى، ثم تغلبت على دموعها، وقالت لـ«الوطن»: خرج زوجى للعمل فى السويس بعد ما ضاق به الرزق فى القرية، وقال هو رزق بنتنا ولازم أسعى وأنا صغير وآخر مرة كان نفسى أقول له بلاش هذه السفرية، لكن تركته ومن وقتها لا أعرف عنه شيئاً إلا بوفاته».
وقال والده: «أنا كنت باشتغل فى أبوظبى بالإمارات وعرفت خبر وفاته يوم الجمعة وأنا هناك، فرجعت على طول علشان أودعه»، وأضاف باكياً: «ابنى لم يكن له فى شغل البحر، البلدة هنا ميتة، وكل شبابها متشتت فى السويس وبورسعيد وراح وراء أكل عيشه، ابنى أول مرة يروح يصطاد لأنه كان بيشتغل على توك توك فى البلد».
واستكمل بصوت يسكنه الغضب: «كنا بنسترزق فى بحيرة المنزل، ليه يعملوا فينا كده معدش رزق فى البحيرة نعمل إيه، الصيد فى البحيرة بقى بالرشوة والبلطجة، والله الناس تعبت وكل يوم قتل وتشريد والستة اللى ماتوا راحوا هناك، لأنهم فقراء وغلابة، ومفيش مسئول فى الدولة سأل عنهم والشباب جميعهم فى سن العشرين، وحرام إحنا مدفونين فى الدنيا دى.