قال الراوى.. إن عبدالله بن سبأ، اليهودى الديانة، يمنى الموطن، امتطى صهو جواده حاملاً سيفه ورمحه على كتف وزاده على الآخر، قاصداً المدينة المنورة فى عهد الخليفة الرابع عثمان بن عفان، ليعلن إسلامه منافقاً، ليكون شيطان هذه الأمة وهادمها.
ويقول: بعد أن استقر به المقام، وأصاب من رغد العيش ما أصاب، تسلل إلى حجر الولاة والأشراف وأشعل نار الفتنة فى قتل الخليفة الرابع، وجاب ربوع البصرة ومصر يحشد الثوار والمتمردين ويؤلبهم عليه حتى حاصروه فى بيته «فإما العزل وإما القتل» وتسلقوا سور بيته، واستعطفتهم زوجه نائلة.. أن يشرب قبل قتله، لكنهم أجهزوا عليه، يقول شاهد عيان إن «ابن سبأ» لم يكن فى مقدمة الصفوف وأنه لم يكن فى مرمى بصر أحد. يقول الراوى: ابن سبأ أوغر صدر طلحة والزبير لسحب بيعتهما لعلى بن أبى طالب، وحملا قميص عثمان إلى البصرة مطالبين بثأر ابن العم الذين خذلوه قبل مقتله.
يقول الراوى: «ابن سبأ» أول من ابتدع فكر التشيع، مبالغاً فى حبه لعلى قدر الألوهية «فهو لن يموت إلا إذا ساق العرب بعصاه» وأنه حمل على الناس فكر الوصاية والولاية.. «لكل نبى وصىّ وإن وصى الأمة علىّ».. وهو وعترته أحد الثقلين «أولهما القرآن». يقول: ابن سبأ كان يرتدى ثوب عثمان مع معاوية ويخلعه إذا لاقى «على»، يتنقل بين صفوف المتحاربين من الجيشين، يشترى لمعاوية من يبيع دينه بالمال، ويُقلب أبناء العباس على ابن عمهم ابن أبى طالب وينقل القتيل من صفوف ليكون شهيداً لدى الآخر، وحين رفعوا المصاحف للتحكيم شق الخوارج عصا الطاعة فتقاتل وقُتل من عجزت الأرض عن حمل أجسادهم.
فى قتل الخليفة ابن أبى طالب يقول الخوارج إنهم قرروا قتل الخليفتين ومعهما عمرو بن العاص خلاصاً من الفتنة، اعتمروا فى الحرم المكى واعتكفوا شهراً قبل مهمتهم فى القتل، يقول الراوى إنه شاهد بن سبأ يتسلل إلى معاوية يخبره أن أمراً جللاً ينتظره عند الفجر هو وعلى «فالزم بيتك لتنجو، ودع غريمك لهم».
يقول الراوى: ابن سبأ يزور مصر الآن، ويحط رحاله فى أسوان، يكتب حديث الإفك على الجدران، ويُعكر صفو النيل، ويروى الأرض غلاً وحقداً، ينتقل بين صفوف القبيلتين يوغر صدر أبناء العم فيقتلون من بعضهم ما شاء لهم أن يقتلوا، ويحرقون من بيوتهم ما شاء لهم أن يحرقوا.
يقول الراوى: إن جثث الموتى تجوب شوارع القرى على عربات الكارو وينادى المنادى «من له حبيب أو عزيز فليتقدم يأخذ بقاياه، يغسلها من دمها ويواريها التراب».
يقول الراوى: ابن سبأ ترك المدينة مسرعاً، وجلاً، خائفاً لم يكن يتخيل أن هناك من هو أشر منه، ومن هو أقبح منه، خجل من رخص بضاعته أمام غلو بضاعتنا، وحسن قتلاه، وسوء قتلانا، يقول أحد شهود العيان إن ابن سبأ قال إن هذا الوطن الآن لا يحتاج لنا، فهم يقتلون بعضهم بعضاً دون وصية.
آه لك يا مظلوم التاريخ، يا شهادة الزور لدخول الجنة، يا شيطاناً نبت بين ضلوعنا، ووهمنا، يا بدعة الظلام والظالمين، والحكام والمحكومين، والبغاة والطغاة، أنت وهمنا، وبدعة حكامنا، فأنت صناعتنا وبضاعتنا وكذبنا وتدليسنا، نحن الحرام والحلال، المصيبة والكارثة، القتلى والقَتلة، نحن الصلاة بلا وضوء والزكاة من مال مسروق، والكذب والنفاق وشاربو الخمر وتاركو الصلاة والزكاة، نحن الذاكرون، والحامدون، والشاكرون، والمنشدون فى صفوف البدع والضلال.