«بلحاج».. الوجه الهادئ ينطلق ليقتل دائماً
اقتربت جحافل الميليشيات من باب العزيزية حتى سمع العقيد القذافى أصوات دانات الهاون تتساقط بجانبه مدوية.. ذهل القذافى عندما علم أن القائد الذى يدك حصونه المنيعة هو عبدالحكيم بلحاج الذى أخرجه بيده من السجن ظناً منه أنه قضى على ظاهر الأفغان الليبيين وأن زعيمهم «بلحاج» قد تاب وأناب.
بصوت هادئ ولحية سوداء وخطاب معتدل، جلس هذا الرجل بجوار سيف الإسلام القذافى يتحدث عن نبذ جماعته لأفكار التكفير التى عششت فيها حيناً من الدهر.. لم يتلُ نظام القذافى فى تلك الجلسة الآية الكريمة {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ}.
كانت المعارك القديمة التى خاضها «بلحاج» فى جبال كابول والجبل الأخضر ما زالت تتراقص أمام عينيه وما زال دوى المدافع يطن فى أذنيه ورائحة دماء رفقائه القتلى من «المقاتلة الليبية» تزكم أنفه.. خمسة عشر عاماً من التجارب الدامية لم تذهب هكذا سدى.
خرج الرجل من ردهات السجون ليغرق فى عالم سرى مع أتباعه التكفيريين، ما زال حلم قيادة إمارة إسلامية يراوده منذ بدأ نشاطه فى جامعة طرابلس فى مطلع الثمانينات.
بعد دخوله باب العزيزية ظهر «بلحاج» بوجه هادئ وحديث متعقل لا يعكس صورة رجل خطط للتخلص من القذافى طيلة نحو عقدين من الزمان، وقاتل مع المجاهدين الأفغان واختبأ فى إيران وطاف الكثير من الدول، ونفى الرجل أمام الرأى العام العالمى المتوجس ريبة أى علاقة له بتنظيم القاعدة، خطة قديمة جديدة حتى تحين لحظة التمكين.
حين ظهر «بلحاج» بنظراته الخجولة على الملأ فى باب العزيزية منتصراً، بدأ العالم على الفور التفتيش فى أوراقه القديمة بداية من خروجه عام 1988 من ليبيا وانخراطه فى «الجماعة الإسلامية المقاتلة»، التى خططت للقضاء على حكم القذافى باعتباره مخالفاً للدين ولا يحكم بحكم الإسلام.
عاد وعادت معه ميليشيات القاعدة لتسيطر على ليبيا، حتى بات مرشحاً لتولى منصب وزارة الداخلية الليبيبة، الإرهابى عبدالحكيم بلحاج.