بعد قرار إزالة 2000 مقبرة بالسيدة عائشة: الأزهر والإفتاء يفندان حكم نقل الموتى
مقابر
فندت المؤسسات الدينية الرسمية في مصر «الأزهر، ودار الإفتاء»، كل ما يتعلق بشأن نقل الميت من المقابر أو نقل القبور والأضرحة، والظروف التي من الممكن أن يحدث فيها ذلك، وذلك بعد إعلان محافظة القاهرة إزالة أكثر من 2000 مقبرة، ونقلها لأماكن بديلة، في إطار خطة تطوير منطقة السيدة عائشة.
وقالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية الذراع الشرعي للأزهر، إنّ من سنة النبي صلّ الله عليه و سلم أن يُدفن كل ميت في قبر مستقل، لا يدفن معه غيره فيه، فقد فعل ذلك النبي صلّ الله عليه وسلم ذلك، وفعله أصحابه من بعده، فإن ضاقت المقبرة عن استيعاب الموتى، أو لا توجد الأراضي الكافية للدفن فيها، أو لم يوجد من يحفر القبور، جاز دفن أكثر من ميت في قبر واحد مراعاة لحالة الضرورة، لأن النبي صلّ الله عليه وسلم فعل هذا عند دفن شهداء المسلمين يوم غزوة أحد.
اختلاف الفقهاء
وأضافت لجنة الفتوى بمجمع البحوث، «أما نقل الميت من قبره الذي دفن فيه فقد اختلف فيه الفقهاء، فقد ذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة، كدفنه في أرض مغصوبة، أو أن تُؤخذ الأرض بالشفعة، واستدلوا على منع النقل بأن فيه انتهاك لحرمة الميت، وقالوا: «وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ».
وذهب المالكية، إلى جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: ألا ينفجر حال نقله، وألا تُنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يُغرق البحر قبره، أو يأكله السبع، أو تُرجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله.
وذهب الحنابلة إلى جواز نقل الميت إلى بقعة أحسن من البقعة التي دفن بها، كأن يكون مدفونا مع غيره فينقل ليدفن منفردا، وقد استدل المالكية والحنابلة بما رواه البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ».
وفي رواية: فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ» رواهما البخاري.
ويظهر مما تقدم أن الفقهاء لا يُبيحون نقل الميت إذا ترتب على نقله إهانة له أو اعتداء على حرمته، أو لم يكن النقل لغرض معقول ومبرر قوي، سواء كان هذا الغرض من النقل لمصلحة الميت أو لمصلحة الحي، فمصلحة الميت تقتضي أن ينقل لو تهدم القبر أو كاد ، أو وصل إليه الماء أو كان مدفونا مع غيره فينقل ليدفن وحده في قبر مستقل كما فعل سيدنا جابر مع أبيه.
واستكملت، «مصلحة الحي في نقل الميت أن يكون الميت بين أهله أو أن يكون قريبا منهم لزيارته، لكن لا يجوز النقل لو لم يكن الغرض منه مستساغا كأن يُنقل من مقبرة جماعية في البلد إلى مقبرة جماعية أخرى في نفس البلد، إذ لا مبرر معقول من وراء هذا النقل».
دار الافتاء
فيما رد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على ما يتعلق بشأن نقل الميت، خلال لقاء سابق عبر بث مباشرعبر صفحة دار الإفتاء، قائلًا: «الأصل أنه لا يتم نقل المتوفى حفاظا عليه، لكن بعض الفقهاء يجيزون النقل لبعض الأعذار، مثل امتلاء التربة بالماء، أو انجرافها، وهناك من المالكية من أجاز نقله، لكن هذا يتوقف على حالة الجسد، ولكل حالة طبيعتها، والأصل منه النقل إلا لضرورة أو حاجه».
وعن حكم نقل الميت من قبر إلى آخر، قال الدكتور محمود شلبي، مدير إدارة الفتاوى الهاتفية بدار الإفتاء، إن نبش القبر ونقل جثمان الميت لا يجوز إلا لعذر شرعي، موضحًا أن في ذلك انتهاك لحرمته.
وأضاف: قول الإمام النووي «نبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام، إلا لضرورة، بأن يدفن بلا غسل، أو في أرض أو ثوب مغصوبين، أو وقع فيه مال أو دٌفن لغير القبلة»، مشيرًا إلى قول ابن قدامة في المغني: سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الميت يخرج من قبره إلى غيره؟ فقال: إذا كان شيء يؤذيه.
وأوضح أنَّه لا يَجوز نبْش القبر ونقل الجثمان من تلك المقبرة إلاَّ لغرض شرعيٍّ صحيح، أو حاجة ملحَّة، مشيرًا إلى أن في نبشه إهانة وامتهان واعتداء، ولأنَّه قد يؤدِّي إلى كسْر عظامه، لافتًا إلى أن الرؤيا لا يعمل بها في مثل هذه الأمور، لأنها ليست دليلًا شرعيًّا.