القصة الكاملة لمأساة الطفل أنس ضحية الموت جوعا
مسرح جريمة مصرع الطفل انس جوعا بطوخ
أسدلت محكمة جنح طوخ، أمس، الستار على واقعة وفاة الطفل أنس بقرية كفر الفقهاء بطوخ والمعروف إعلاميا بـ«ضحية الموت جوعا»، حيث أصدرت حكمها على والدة ووالد الطفل بالحبس عامين للأم وكفالة ألف جنيه وعام للأب وكفالة 300 جنيه في اتهامهما بالتسبب في مصرعه بعد أن تركاه وحيدا في منزلهما حتى مات جوعا وتحللت جثته بعد تركه 9 أيام وحيدا بمنزلهما.
البداية
وتلقى اللواء فخر الدين العربي، مدير أمن القليوبية، إخطاراً من العميد تامر موسى، مأمور مركز طوخ، يفيد بورود بلاغ من «عاطف جودة»، عامل، باكتشافه وفاة ابنه الطفل «أنس»، 4 أشهر، داخل مسكنه، متهماً زوجته شيماء عنتر، 24 عاما، بترك صغيرهما وحيداً حتى توفي.
وخلال التحقيقات، أفاد والد الطفل بوجود خلافات مستمرة مع زوجته، ومبيته في محل عمله لعدة أيام متواصلة إثر تلك الخلافات، وأنه لدى عودته إلى مسكنه اكتشف وفاة الرضيع.
التحريات
وبتشكيل فريق بحث لفحص الواقعة كشت التحريات أنه في تاريخ 17 من أكتوبر الشهر الماضي، وقع خلاف بين الزوج المبلغ وزوجته، خرجت على إثره من منزلهما، مصطحبة ابنها الثاني الطفل «مروان»، بحجة إحضار بعض المشتريات، إلا أنها توجهت لمنزل أسرتها بذات الناحية دون علم الزوج.
وأضافت التحريات أنه مع تأخر الزوجة في العودة إلى منزلها، توجه زوجها إلى عمله، تاركاً الرضيع داخل الشقة وحيداً، بينما لم يغلق باب المسكن، اعتقاداً منه بعودة زوجته عقب انتهائها من شراء متطلباتها، وهو ما لم يحدث، واكتشف الأب وفاة طفلهما بعد أيام قضاها في عمله، وبسؤال والدة الطفل المتوفى، أيدت مضمون ما جاء بالفحص، وعللت عدم عودتها للاطمئنان على رضيعها، بأنها كانت تعتقد أن والد الطفل يرافقه ويرعاه.
تحقيقات النيابة تدين الأب والأم
تحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق في اتهام الوالدين بالإهمال الذي تسبب في وفاة رضيعهما وقررت إحالة الأم إلى الطب الشرعي لبيان ما إذا كانت تطعم طفلها طبيعيا وآخر مرة تم إطعامه طبيعيا أم صناعيا حيث ادعت في التحقيقات أنها كانت تطعمه صناعيا.
وأمرت النيابة بحبس المتهمين ووجهت لهما في بداية التحقيقات 4 تهم هي القتل العمد بدون سبق الإصرار والترصد، والتسبب خطأ في موت شخص نتيجة إهمال ورعونة وعدم احترام، وتعريض طفل للخطر، وتعريض طفل لم يبلغ 7 سنوات للخطر بتركه في مكان خال من الآدميين.
ومع إحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية قررت النيابة إحالتهما لمحكمة الجنح وخففت التهم إلى جنحة «قتل خطأ» حيث جرى تقديمهما لمحكمة الجنح بدلا من الجنايات.
كما قررت النيابة إيداع شقيق المجني عليه الأكبر مراون في رعاية جدته لأمه بقرية «السيفا» لرعايته لحين الفصل في القضية حيث يتواجد الطفل بصفة مستمرة مع جده وجدته لأمه.
تقرير الطب الشرعي «أنس مات جوعا»
تضمنت أوراق القضية أمام المحكمة التقريرين النهائيين الخاصين بتشريح جثمان الطفل المجني عليه والكشف الظاهري على والدته، لبيان إرضاعه لبنا طبيعيا أم صناعيا حيث كشف تقرير تشريح الجثة والذي جرى إعداده لبيان ما إذا مات جوعًا أم أثناء تشاجر والديه مع بعضهما مثلما جاء في التحقيقات أن التشريح أثبت عدم وجود أي آثار كدمات وأنه جرى سحب عينات من الأمعاء وإرسالها إلى المعمل الكيماوي لبيان هل توجد بقايا طعام في معدته وثبت عدم وجود أي آثار لطعام في أمعاء الرضيع ومن ثم ورد بالتقرير أن الطفل مات بالفعل بسبب الجوع.
فيما كشف التقرير الثاني الخاص بالأم لأنه بالكشف على الأم تبين أنها لم ترضعه لبنًا طبيعيًا وهو ما يؤكد صحة أقوالها في التحقيقات أنها كانت ترضع طفلها صناعيا.
أسرتا المتهمين تتبادلان الاتهامات «ضحية أب مفتري وأم طماعة»
روايات متضاربة ومحاولات لكل أسرة من أسرتي والدي المجني عليه لإثبات البراءة وتراشقوا الاتهامات والمعاملة السيئة فيما بينهما، حيث وصفت أسرة الزوج الزوجة بأنها كانت دائمة الشجار معه بسبب المصاريف ومطالبها المادية لا تنقطع وأنها اعتادت على ترك طفليها بمفردهما.
فيما أكدت أسرة الزوجة وحشية الزوج في تعامله معها وأنه من وحشيته كان لا يضربها إلا وهي عريانة حتى يستحي الجيران إنقاذها من بين يديه ووسط هذا التضارب حاولت كل أسرة أن تنتصر لابنها فيما كانت الحقيقة المؤكدة أن الطفل «أنس» راح ضحية عناد أبوين ومات جوعا بعد أن بقي بمفرده 9 أيام في شقة هجرتها الأم وتركها الأب لعمله.
قالت أم الزوجة إن الزوج طرد زوجته بعد أن ضربها وأهانها وتوعدها بحرمانها من ابنها، ورفض أن تأخذه معاها بينما تعلق بها الطفل الأكبر مروان وأحضرته معها فيما كان الطفل أنس مع والده في الشقة حيث ظنت أنه سيعطيه لأمه ترعاه خاصة أنه لم يكمل شهره الرابع، مؤكدة ان ابنتها خلال 4 سنوات زواج ذاقت المر ألوان، وكان زوجها لا يضربها إلا عريانة حتى يستحي الجيران من إنقاذها من بين يديه بجانب تعذيب الطفل «مروان» وهو صغير.
وفي المقابل أكد أشقاء الأب أن حياة شقيقهم كانت مليئة بالمشاكل الأسرية طوال 4 سنوات زواج والحياة الزوجية بينهما لم تكن مستقرة ومرت بالعديد بالمشاكل، وأوضحوا أن الزوجة كانت دائمًا ما تترك منزل الزوجية باستمرار ولم تكن المرة الأخيرة هي الأولى فقد سبق أن تركت الطفل مرتين وكادت الخلافات تقودهما إلى الطلاق ولولا تدخل الأهل لانتهت العلاقة بينهما.
اعترافات الأم
قالت الأم في اعترافاتها في التحقيقات، إن والد أنس زوجها كان يسيء معاملتها ولا يقدر ما تقدمه من خدمات له ولطفليه فقررت ترك الطفل الرضيع له ليتولى مسؤوليته ويشعر بأهميتها ولم تتوقع أنه سيقوم بتركه وحيدا دون سؤال أو تركه لأحد لرعايته ويخرج للعمل دون أن يخبرها أو يدبر وسيلة لإعاشته حتى فوجئت بإخباره لها أنه مات واتهامه لها بأنها وراء الحادث.
وعللت عدم قيامها بالاطمئنان على نجلها طوال فترة غيابها خلال تلك الفترة ظناً منها بتواجد والده برفقته ورعايته.
اعترافات الأب
بعد مواجهة الأب بأقوال الأم وتحريات المباحث أكد أنه بتاريخ 17 من شهر أكتوبر الجارى حدث خلاف بينه وبين زوجته قامت على إثره بالخروج من المنزل وبرفقتها نجلها الطفل الآخر مروان بحجة إحضار بعض المشتريات إلا أنها توجهت لمنزل أهلها بذات الناحية دون علمه تاركة الطفل الرضيع بصحبته.
وعندما حل ميعاد عمله خرج للحاق به تاركا باب الشقة مفتوحا اعتقادا منه بعودتها عقب إنهاء شراء الطلبات ولم يتوقع أنها تركت المنزل وأنه ترك الطفل ليموت جوعا مبديا ندمه على عدم السؤال على نجله خلال تلك الفترة.
«مكالمة مسجلة» تكشف إدانة الأب والأم
في مفاجأة خلال سير التحقيقات كشفت نيابة طوخ بمحافظة القليوبية بعد تفريغ المكالمات التي جرت بين الزوجين خلال المدة التي تركا فيها الطفل بمفرده داخل المنزل وجود مكالمة بين المتهمين سجلها هاتف الأم، حيث استمعت النيابة للمكالمة بعد فحص الهاتف إلى محادثة جرت بينهما قبيل اكتشاف الواقعة أخبرها الأب المتهم فيها بعودته إلى مسكنهما وسألها عن الرضيع، فأجابته أنها تركته ليرعاه ولا تدري عنه شيئا ثم تطرقا في حديثهما إلى أمور أخرى وهو ما اعتبرته النيابة دليل إدانة ضد المتهمين.
«جنح طوخ» تقضي بالحبس والكفالة
وخلال نظر الواقعة أمام جنح طوخ أمس قررت المحكمة حبس الأم عامين وكفالة 1000 جنيه فيما قررت حبس الأب عام وكفالة 300 جنيه فيما نسب إليهما حيث كشف محاميا المتهمين أنهما من المقرر استئنافهما الحكم أمام محكمة جنح مستأنف بنها في المرحلة المقبلة.