عادات وأكلات.. «الأبريه»: مشروب نوبي رمضاني لا تخلوا منه موائد الإفطار
مشروب الأبريه
تشتهر محافظة أسوان بعادات وتقاليد رمضانية دائمًا ما تتصدر موائد الإفطار ولا تختلف كثيراً بين العائلات والقبائل، ومنها قبائل أبناء النوبة الذين يحافظون على طقوسهم الخاصة بهذا الشهر الكريم.
ورغم الهجرات المتتالية لأهالي النوبة التي تعرضوا لها على مدار أكثر من 100 عام، إلا أن أي مائدة رمضانية نوبية لا تخلو من أكلات ومشروبات نوبية في مقدمتها مشروب «الأبريه»، ويُطلق عليه بالعامية «الأبريق»، وهو المشروب الأشهر على الإطلاق.
و«الأبريه» عبارة عن رقائق من الدقيق المُصّنع مضاف إليه بعض التوابل الأسوانية الشهيرة، ويصنع على «الدوكة»، وهي قرص دائري يوقد من أسفلة النار، وعقب نضجه يتم تشميسه، ويضاف إليه عصير الليمون، ويقدم مثلجًا، وله مفعول في مقاومة العطش.
ويشبه «الأبريه» الفطير الجاف «المُكسر»، وتصنعه السيدات في القرى النوبية، ويحرصن على صناعته قبل شهر رمضان بوقت كافٍ حتى يجف ويتم توزيعه على الأهل والأحباب، سواء في أسوان أو خارجها.
وبجانب «الأبريه»، تشتهر الموائد النوبية بتصنيع نوعين من الخبز، هما «الخمريد» و«الكابد»، والذي يُوضع على موائد الإفطار بجانب أنواع الأطعمة الأخرى واللحوم.
وقالت مريم عابدين، سيدة نوبية أربعينية من قرية «دابود» التابعة لمركز نصر النوبة، إن «الأبريه» يشبه الفطير، ولكنه أرق منه بكثير، «السيدة النوبية الشاطرة اللي ممكن تجعله فى درجة الشفاف، ونصنعه من خليط من دقيق الذرة الرفيعة والقمح، ويُخمر لفترة مناسبة، ثم يُسوى على الدوكة، وهي عبارة عن إناء حديدي يشبه الصينية، ويتم وضعه على النار مثل تلك التي تُسوى عليها الكنافة والقطايف».
وتضيف «يفرد على الدوكة عجين شبه سائل، وتستخدم السيدة لفردها ورقة بلاستيكية لأنها تفرده على الدوكة مثلما يفعل النقاش بالمعجون، وطبعًا ينضج بسرعة، ويجف أيضًا بسرعة، وينشر في الهواء لبعض الوقت لضمان جفافه، ثم نقوم بتكسيرها ووضعها في أكياس وتوزيعها على الأهل والجيران والأحباب».
«الأبريه هو مشروب رمضاني رائع ومرطب في جو أسوان الساخن، وكل أهل النوبة وأسوان لا يستطيعون الاستغناء عنه في إفطار شهر رمضان، ولا تخلوا صينية منه، وقد تعودنا على تناوله في الشهر الكريم منذ الصغر»، هكذا يقول عبد الناصر صابر، النقيب الأسبق للمرشدين السياحيين بأسوان، وذكر لـ«الوطن»، أنه بعد وصول «الأبريه» داخل أكياس من الأهالي الذي يصنعونه، نضع كمية مناسبة منه في اليد ونهشمه بعض الشيء، وتوضع في «دورق» به لترين من المياه، أو الكمية المناسبة للأسرة، ويضاف السكر، وذلك قبل الإفطار بنحو الساعة، ثم يوضع في الثلاجة.
ويضيف «قبل الإفطار مباشرة يُقلب الأبريه تقليبًا هينًا بملعقة لتذويب السكر الذي لم يذب، ويُعصر الليمون عليه، ثم يُوضع في أكواب بعد رج الدورق رجات خفيفات، وبعد الأذان، يتناول الصائم بعض التمرات ويشرب ورائها الأبريه اللذيذ».
وتابع النقيب الأسبق للمرشدين السياحيين بأسوان، «منذ سنوات طويلة وأنا أقوم بهذه المهمة فى سعادة أثناء تحضيره قبل الإفطار، وأنا أدعي أنني من أفضل من يقومون بهذا العمل، وقد يظن البعض أن هذا الأمر هينًا، لكنه صعب، للحفاظ على الشكل العام والطعم الحقيقي للأبريه».