عم "عبدالله" وحماره "سعيد".. "مش علاقة عربجي بعربة كارو.. دي عشرة عمر"
بعد آذان الفجر بقليل، يعتلي العربة الكارو، يهمس في أذن ابنه الجالس إلى جواره "فّطرت يا سعيد"، فيجيبه "أيوة"، فيطمأن قلبه ويهدأ قليلًا ليعاود السير كيلومترات طويلة لنقل بعض البضائع بقريته "الدناوة" في العياط بخفة وحماسة، وحين تبدو عليهم علامات التعب يقف بعربته، ليضع البرسيم لحماره مملسًا على رأسه، حينها يظن السائرين أن "سعيد" هو أحد الأبناء المقربين إلى الرجل الخمسيني قبل أن يبهتوا بمعرفة أنه حمار عم "عبدالله" الذي لم يغب عنه لحظة واحدة طيلة حياتهما معًا.
عم "عبدالله" يعمل عربجي منذ أن تفتحت عيناه على الدنيا، المهنة التي تحمل مرارها وشقائها لأنه برفقة أعز الأحباب بحسب وصفه،"بشتغل عربجي وأبويا كان كدة، وعيلتي في الشغلانة دي"، علاقة طيبة جمعت بينهما شعر بها الحمار المخلص الذي أطلق عليه اسم "سعيد" لينال حظًا من اسمه، "لو سعيد تعب أو جرى له أي حاجة مش هعرف أعيش في الدنيا، هو كمان لو أنا تعبت ما بيرضاش ياكل أو ينام، لأنه طيب، أنا اللي مربيه مع أولادي هنا في البيت".
يقبل عم "عبدالله" التفريط في منزله أو العربة الكارو ذاتها، في سبيل الاحتفاظ بحماره "سعيد"، الذي يعلم معظم جيرانه مدى علاقتهما ببعضهما، مضيفا "ناس عرضت علي أبيعه لأنه كبر، ومبقاش يشتغل زي الأول، بس ده لو حصل أنا ممكن أموت"، يتذكر الرجل الخمسيني حين مرض ابنه الأكبر، ونام حماره "سعيد" بجواره حتى طلوع الفجر، "ده واحد من عيلتي، لو كسبت 30 جنيه في اليوم، أصرف منهم 15 على أكل و شرب سعيد، مش خسارة فيه".