أهالى سيناء.. «معاناة» على هامش الإرهاب
يقف «مصطفى على»، مدرس بإحدى مدارس الشيخ زويد، كعادته أمام كمين «الخروبة»، منتظراً السماح لأوتوبيس المدرسين المقبلين من العريش بالمرور، يتقدم أحد المجندين للأوتوبيس، ويخبر السائق بحزم: «ممنوع المرور، القوات تشن حملة أمنية»، وما إن ينهى المجند كلامه، يسارع السائق بالعودة إلى العريش، تنفيذاً لطلبات المدرسين الذين يصرون على رفض الاقتراح البديل، وهو سلوك طريق التفافى لن يؤخرهم سوى ربع ساعة فقط.[FirstQuote]
«من حق المدرسين أن توفر لهم مديرية التربية والتعليم وقوات الأمن طريقاً آمناً للوصول إلى المدارس فى الشيخ زويد ورفح».. قالها مصطفى على، مبرراً رفض المدرسين سلوك الطريق الالتفافى، مضيفاً: «هذا ما وعدنا به اللواء السيد عبدالفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، الذى أكد أنه تم التوصل لاتفاق مع قوات الجيش والشرطة لتسهيل مرورنا، لكننا كثيراً ما نرجع بسبب رفض قوة كمين الخروبة بالذات السماح لنا بالمرور».
وتابع مدرس آخر من العريش، يعمل فى رفح، رفض نشر اسمه: «أفراد كمين الخروبة على وجهة الخصوص غير متعاونين، وكثيراً ما يعيدوننا من حيث أتينا، فيوم الخميس الماضى رفض الكمين السماح لتسعة أوتوبيسات بالمرور، ما اضطرنا للعودة لمنازلنا»، مضيفاً: نعلم أن من حق تلاميذ وطلاب الشيخ زويد ورفح تلقى تعليمهم والانتظام فى مدارسهم دون أى أعذار، لذا يجب على الحكومة أن تحل هذه المشكلة إذا كانت بالفعل معنية بأبناء المدينتين.
وانتقد مصدر بمديرية التربية والتعليم بالعريش طريقة تعامل قوة كمين الخروبة مع المدرسين، وقال إنهم يتعنتون فى السماح لأوتوبيساتهم بالمرور، رغم الاتفاق الذى تم التوصل إليه بين مديريتَى الأمن والتعليم بحضور المحافظ قبل استئناف الدراسة بالشيخ زويد ورفح، والذى يقضى بتسهيل انتقال المدرسين.
وأوضح حسن حجازى، وكيل الوزارة بشمال سيناء، أن محافظ شمال سيناء اجتمع مع المعلمين 3 مرات، وأكد أنه نسق مع الجهات الأمنية بضرورة حل المشكلة وتذليل العقبات أمام حافلات نقل المعلمين.
من جهتهم، انتقد أهالى ومشايخ الشيخ زويد ورفح تصرفات المدرسين، واتهموهم باختلاق الأعذار للعودة لمنازلهم بالعريش، وتساءل أحد أولياء أمور الطلاب بالشيخ زويد: هل غلق الكمين عذر يجعل المعلمين يعودون إلى العريش غير مبالين بالتلاميذ والطلاب الذين ينتظرونهم فى الفصول؟ وأضاف: الكمين يغلق فى وجه الجميع، والأهالى والمشايخ والمسئولون المحليون يسلكون الطريق الالتفافى.
وأكد مدير إحدى المدارس بالشيخ زويد كلام ولىّ الأمر، مشيراً إلى أن بعض المعلمين يتكاسلون ويستسهلون الغياب بحجة الوضع الأمنى.
وقال إبراهيم إسماعيل، أحد أولياء الأمور بالشيخ زويد، إن المعلمين يرفضون أن يسلكوا الطريق الالتفافى الذى يبعد ما يقرب ربع ساعة عن الطريق الدولى، رغم أن وكيل وزارة التعليم سلك بنفسه هذا الطريق لزيارة مدارس الشيخ زويد.
وأرجع الأهالى والمدرسون المشكلة إلى إصرار مديرية التربية والتعليم على تعيين مدرسين من العريش بالمدينتين البعيدتين. وقال عبدالعزيز قاسم، معلم أول بالأزهر الشريف، وكيل ثانوى بالشيخ زويد: الإشكالية أن المسئولين يخيرون المقبولين للتعيين كمدرسين بين العمل فى الشيخ زويد ورفح رغم أنهم من أبناء العريش، أو وقف إجراءات تعيينهم، ما يضطرهم للقبول بالتعيين فى أماكن بعيدة، لحين تمكنهم من إيجاد طريقة للانتقال، مضيفاً: المسئولون لا يوفرون طرقاً آمنة للمدرس للذهاب إلى عمله، ومن حقه إذاً طلب النقل.[SecondQuote]
وأضاف أن «مدارس الشيخ زويد ورفح تعانى من نقص شديد فى مدرسى اللغات الأجنبية، سواء الإنجليزية أو الفرنسية، ويضطر المسئولون لتكليف مدرسى الدراسات الاجتماعيات بتغطية النقص، لينتهى العام دون أن يدرس الطلاب أى لغة أجنبية، وشدد على ضرورة تعيين أبناء المنطقة، لأنهم أولى بها وأقدر على التعايش مع ظروفها».
وحول سبل حل الأزمة، يقول «حمدى نصر»، مدرس من العريش: حل الأزمة يبدأ بسماع وجهات نظر الأطراف المختلفة بحيادية، فقد تكون لكل منهم أسباب مقنعة ومنطقية.
بدورهم، انتقد مشايخ قبليون ما وصفوه بتفضيل الحكومة تعيين مدرسين من العريش، رغم وجود كفاءات بالشيخ زويد ورفح، وقال الشيخ عارف أبوعكر: لا بد من تعيين خريجى التربية والآداب من أبناء المنطقة، فوراً، لأننا عانينا بما فيه الكفاية من المدرسين الوافدين الذين يستسهلون العودة لمنازلهم بحجج مختلفة، وأضاف: عرضت هذا المطلب على الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال لقائه مع مشايخ قبائل سيناء، ولكن لم نجد أى تغير حتى الآن. واقترح دكتور أحمد أبوبكر، مدرس مساعد بكلية التربية قسم اللغات الأجنبية بالعريش، تعيين طلبة من الكلية من أبناء رفح والشيخ زويد للعمل كمدرسين مؤقتين للغات بمدارس مناطقهم، مشدداً على ضرورة منح الأولوية لأبناء المنطقة فى التعيين.