أم الطفل «مينا»: كان سندى بعد موت أبوه.. وعمره ما ترك صلاة فى الكنيسة
ذهب إلى والدته للاطمئنان عليها فى المشفى الذى تعمل به كـ«عاملة بوفيه»، جلس إلى جوارها يداعبها، وهى تبادله الدعابة بإطعامه، فالطفل ذو العشر سنوات لا يأكل إلا من يد والدته التى تحملت مسئوليته هو وشقيقته «عزيزة»، 19 عاماً، بعد رحيل زوجها قبل ثلاث سنوات. ينظر إليها طفلها «مينا» قائلاً: «أنا بكرة لما أكبر هشتغل خواجة، عامل فى محل دهب، زى ابن عمتى، عشان يكون معايا فلوس كتير، وأصرف عليكى إنتى وأختى»، تنظر إليه الأم بابتسامة، يرد عليها الطفل بطبع قبلة على وجنتها تاركاً إياها حتى يستعد لحضور «العشية» فى الكنيسة.
يعود الطفل إلى شارعه، وينادى «محمد» جاره ليذهبا إلى منطقة الونش بالمطرية من أجل شراء بعض المستلزمات، يقترب الطفل من الشارع وهو يسمع دوىّ إطلاق نار دون أن يعرف السبب، يحاول عبور الطريق إلى الجانب الآخر، ليعود إلى بيته مسرعاً، دون أن يعلم أن طلق خرطوش سيستهدف رقبته النحيلة، ويصيب جاره «محمد» بجرح بالغ فى ذراعه. يحمله الأهالى فى اتجاه مستشفى الحق الواقع على بداية شارعه، ليفاجأوا بأن المستشفى لا يمتلك أجهزة لإسعافه، فيتوجهوا إلى مستشفى المطرية التعليمى، دون أن تدرى الأم ما حدث لابنها. لم تمر لحظات حتى سمعت الأم صراخ الجيران فى الشارع، أخبروها بأن طفلها أصيب وتم نقله إلى مستشفى المطرية، لتهرول الأم إلى ثلاجة المستشفى، وترى ابنها راقداً فى أحد أدراجها، تقول: «سمعت جيرانى بيصرخوا فى الشارع، ولما خرجت عشان أعرف إيه اللى بيحصل قالوا: ابنك مينا اتصاب برصاصة فى رقبته وهو فى مستشفى المطرية». وتضيف: «ماكنتش مصدقة، أنا لسة سايبة ابنى من شوية، كان رايح يقابل أصحابه وهيطلع بالليل على الكنيسة، ماحستش بنفسى إلا وأنا قدام التلاجة وابنى نايم فيها من ساعتها وأنا ما بنامش».
تنخرط الأم فى البكاء متابعة: «ذنب ابنى إيه، ده طفل صغير ماعملش أى حاجة، حياته كلها صلاة وكنيسة، من ساعة ما عرف يعنى إيه صلاة عمره ما فوت يوم إلا وهو فى الكنيسة، يلبس «التونيا» ويقعد يصلى، أقول له: عايزة أنام، يقول لى: إنتى إمتى آخر مرة رحتى فيها الكنيسة؟ يللا قومى صلى معايا يا ماما». كان كل أحلامه إنه يكون شماس، بس للأسف مات قبل ما حلمه يتحقق».
وتواصل السيدة بكاءها على طفلها الذى وصفته بـ«السند»: «كان هو سندى فى الدنيا بعد موت أبوه، وحول الصورة التى انتشرت على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لطفلها وهو غارق فى الدماء واتهام الداخلية بقتله، قالت «مريم»: «للأسف دى مش صورة ابنى الحقيقية، وإحنا ما اتهمناش الداخلية، وماشفناش إيه اللى حصل، وكمان صورته حتى أصحابه اتضايقوا لما شافوها، وقالوا إن ده مش صاحبنا». ولدى الحديث عن أصدقاء «مينا» قطعت «عزيزة» شقيقته كلام والداتها قائلة: «أصحاب أخويا خايفين ينزلوا الشارع بعد موته، ومش مستوعبين إن مينا مش فى وسطهم، حتى أنا، مينا كان وعدنى إن هو اللى هيسلمنى لعريسى بعد موت أبونا، لكن دلوقتى مفيش لا بابا ولا مينا».