الطفل "إبراهيم" بعد أسبوع من العذاب: خطفونى بالصدفة
يودع أسرته كل صباح قاصداً مدرسته التى تبعد عن منزل الأسرة بالغردقة، «إبراهيم الغريب» طفل فى الـعاشرة من عمره، هو الابن الثانى لوالديه، يعمل والده بمجال استيراد وتصدير قطع غيار السيارات باليونان، ووالدته ربة منزل، تطمئن عليه كل صباح قبل خروجه من المنزل إلى المدرسة، حيث يستقل سيارة أجرة من الشارع الرئيسى، الأربعاء 25 مارس الماضى لم يكن يوماً عادياً فى حياة الطفل وأسرته، قبّل الطفل يدى والدته، طالباً منها الدعاء، خرج من المنزل، قصد الشارع الرئيسى، ووصلت سيارة ميكروباص يستقلها مجهولون، توقفت فجأة ترجل منها رجلان، حملا الطفل عنوة إلى داخل السيارة واقتادوه إلى مكان مجهول، غير مكترثين بتوسلاته ودموعه التى سالت خوفاً ورعباً.
الأمور طبيعية فى منزل الأسرة، الأم تباشر أعمالها المنزلية اليومية، تصارع الوقت حتى تتمكن من إعداد طعام الغداء لنجليها الطالبين قبل وصولهما فى الثانية من ظهر كل يوم، غير أن القاعدة كُسرت فى هذا اليوم، ووصل الابن الأكبر إلى المنزل، بينما تأخر وصول إبراهيم، الأم تتوعد نجلها بالضرب عقاباً له على التأخير والتسبب فى قلقها، وفى ذات الوقت تخالجها الشكوك حول سبب ذلك، الساعات تمر ثقيلة وقلق الأم يزداد ساعة تلو الأخرى، خاصة بعدما علمت أن نجلها لم يكن بالمدرسة، تجمع الجيران على صوت عويلها طالبة المساعدة فى البحث عن نجلها، المنطقة تتحول إلى خلية نحل للبحث عن الطفل فى شوارعها، فى مراكز الترفيه، دون جدوى.
الأم «وفاء. س» تتوجه إلى مديرية الأمن تقابل العميد أحمد صادق، مدير إدارة البحث الجنائى، وتحرر محضراً بتغيب نجلها عن المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسى، يطمئنها الأخير أنهم لن يغمض لهم جفن حتى يعيدوا الطفل إلى أحضانها، وتُجرى اتصالاً بوالده الذى حضر إلى الغردقة فى ساعة مبكرة من صباح اليوم التالى.[SecondImage]
قطع المجنى عليه رحلة طويلة، لا يعلمها ولا يعلم كيف قطع طريقاً طويلاً من الغردقة إلى محافظة الغربية، استفاق الطفل من سبات عميق نتيجة تخديره طوال الطريق، على حديث الجناة، أشكالهم غير معروفة لديه حفرت القسوة عليها علامات، تدور بذهنه فكرة الهرب وسرعان ما يتراجع عن قراره، فهو لا يعلم أين وكيف حضر إلى هنا.
اللواء حمدى الجزار، مساعد أول وزير الداخلية مدير أمن البحر الأحمر، يتلقى الإخطار بالمحضر، ويعطى توجيهاته بتشكيل فريق بحث بإشراف العميد الدكتور منتصر عويضة، مفتش الأمن العام، والعميد صلاح فراج، رئيس مباحث المديرية، لسرعة العثور على الطفل وضبط الجناة، وبدأ فريق البحث فى فحص علاقات الأسرة وخلافاتهم مع جيرانهم أو أقاربهم، بالإضافة إلى علاقات الوالد وتعاملاته التجارية وغيرها، الفريق يتوصل لمعلومة تفيد بوجود خلافات مادية بين والد الطفل المُختطف وبعض الأشخاص فى محافظة الغربية، وبلغت قيمة المبلغ محل الخلاف قرابة المليون جنيه، وأدلى الأب بمعلومات عنهم، تم إخطار مديرية أمن الغربية بالتحريات والمعلومات الخاصة بالواقعة وتم التأكد من صحة المعلومات وتحديد أماكن وجود الأشخاص المشتبه بهم فى واقعة اختطاف الطفل، وانطلقت قوة من المديرية على رأسها الرائد أحمد لاشين، والنقيبان طارق سكر ومحمد خشبة، وتمكنوا من ضبط المتهم «عبدالفتاح»، الذين أنكر معرفته بالواقعة، إلا أنه اعترف بعد تطوير مناقشته وتضييق الخناق عليه، لوجود خلافات مالية مع والد الطفل المجنى عليه، وأرشد عن مكان احتجاز الطفل المجنى عليه منذ أسبوع بعدما أجرى اتصالاً بالمتهم الثانى «أسامة» يخبره فيه أن المشكلة تم حلها، ووصل المتهم الثانى يستقل دراجة بخارية بصحبة الطفل المجنى عليه، وما إن وصل إلى المكان المتفق عليه، حتى ألقت القوة الأمنية القبض عليه، وقال المتهمان إنهما حضرا إلى الغردقة قبل الواقعة بأسبوع وتقابلا مع شخصين يدعيان «حمادة. ع» و«سعد. س»، اللذين قاما بدورهما بإرشادهما لعنوان محل تجارى يمتلكه والد الطفل، وقال المتهم عبدالفتاح إنه دخل المحل بحجة شراء قطع غيار وتصادف وجود طفلين، فتأكد أنهما نجلا صاحب المشكلة معهم، وعقب خروج الطفلين من المحل فى طريقهما إلى المنزل تتبعهما لمعرفة عنوان المنزل.[FirstQuote]
وأضاف أنه ظل يراقب المنزل لمعرفة مواعيد خروج أحد الأبناء إلى المدرسة، حتى عقد النية على خطف الطفل فأحضر سيارة ميكروباص من الغربية، وانتظروا الطفل على مسافة قريبة منه، وتحركت السيارة نحوه فاستوقفها للذهاب إلى مدرسته ونفذوا الجريمة، ونجحت الشرطة فى تحرير الطفل المخطوف وإعادته لأهله سالماً، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وقررت النيابة حبس المتهمين فى القضية رقم ١٦٥٨جنح ثانى الغردقة وتُكثف الأجهزة الأمنية جهودها لضبط متهم هارب.
«الوطن» التقت الطفل بعد إعادته إلى أحضان أسرته، وقال «خطفونى بالصدفة وأنا رايح المدرسة الصبح ماكنوش يقصدونى كانوا عايزين حد مننا وخلاص، وحطوا فوطة على بقى وخدرونى، أنا أصلاً كنت بوقف سيارة ميكروباص وبعد ركوبى فوجئت بشخص بيحط فوطة على بقى وبعدها محسيتش بحاجة، بعد أن فتحت عينيَّا لقيت نفسى فى مكان غريب وناس معرفهمش، أنا كنتت عايز أهرب بس معرفتش أنا فين ولا ههرب إزاى!».
ويضيف «قلبهم كان قاسى قوى محدش فيهم رحم بكائى وانا أترجاهم يرجعونى على بيتنا تانى أنا ماليش دعوة بحاجة، كنت دايماً أقوم من نومى قلقان وخايف لولا تدخل الشرطة لإنقاذى، أول ما قالى أسامة تعالى نروح لعمو عبدالفتاح عشان نروح أنا فرحت لما وصلنا والضابط قبض عليهم، والضابط قالى يا أبوخليل متخافش هوديك لماما وبابا، وحضنته قوى وأنا ببكى».
وقالت والدة الطفل والدموع تنهمر من عينيها «عشت أسبوع من أصعب أيام حياتى وابنى بعيد عنى مش عارفة إن كان عايش ولا ميت، ولما عرفت إنه اتخطف معرفتش أعمل إيه، اتصلت على أبوه جه من اليونان تانى يوم، والحمد لله إن ربنا قدر الشرطة إنها تجيبلى ابنى تانى، إن شاء الله هيكبر ويبقى ظابط شرطة قد الدنيا».