في عالم اليوم، تحولت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية إلى قوى عالمية ترى أحقيتها بمقاعد دائمة في مجلس الأمن ، و كافة الدول المحتلة - آنذاك - حصلت على استقلالها ، وانضمت للأمم المتحدة، التي ارتفع عدد أعضائها إلى ( 191 دولة ) بدلًا من ( 51 دولة فقط ) عند تأسيسها عام 1945.و بحسب تلك التطورات ، ظهرت صعوبة التوافق في مجلس الأمن ، خاصة بين الدول دائمة العضوية ، التي تتعامل مع المجلس و كأنه ساحة لتصفية الحسابات فيما بينها ، دونما الوقوف على أثر ذلك على تحقيق السلم و الأمن الدوليين المنوط بالمجلس تحقيقها.
والتشكيل الحالي لمجلس الأمن، لا يعكس الواقع الفعلي لموازين القوى في عالم اليوم ، ففي حين تحظى القارة الأوروبية وحدها بثلاثة من مقاعده الخمس الدائمة ، نجد أن قارتي أفريقيا وأمريكا اللاتينية، بدون مقعد واحد دائم ، و هو ما يعني غياب التمثيل العادل للقارات على اختلاف ثقافاتها ، و تنوع حضاراتها.
وأبرز العقبات التي تعترض مجلس الأمن ، و تعوقه عن تنفيذ مهامه ، تتمثل في طريقة اتخاذ القرار داخله ، التي تتيح لأي دولة دائمة العضوية استخدام حق النقض ( الفيتو ) ، و أن تعطّل بمفردها صدور قرار لا ترغب فيه، حتى ولو اصطدام ذلك بموافة بقية الدول الأربعة عشر الأخرى ، و هو ما يعني في نهاية الأمر شل إرادة المجتمع الدولي.
والمثير للدهشة أن حق ( الفيتو ) يتعارض تماماً مع المادة الثانية - فقرة (1)، من ميثاق الأمم المتحدة التى تنص على أن " تقوم الهيئة على مبدأ المساواة فى السيادة بين جميع أعضائها "! .لذا يجب أن يتسع تشكيله ليعكس بصورة أفضل لموازين القوى القائمة حاليا في النظام الدولي، وأن يسمح بتمثيل أكثر عدالة لمختلف القارات والحضارات والثقافات، وأن تتغير طريقة اتخاذ القرار فيه للحيلولة دون تمكين أي دول بمفردها، أو أي تكتل على أساس جغرافي أو أيديولوجي، من شل إرادة المجتمع الدولي أو الحد من قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته.و بعد ما يقرب من 8 عقود من إنشاء مجلس الأمن ، فإنه مازال محتفظًا بأعضائه الخمسة الدائمين وهم ( الصين، و فرنسا، و المملكة المتحدة ، و روسيا - بعد تفكك الاتحاد السوفييتي - ، والولايات المتحدة الأمريكية ) ولكن منذ عام 1945، كما برز لاعبون رئيسيون في العالم مثل الهند و اليابان في أسيا والبرازيل في أمريكا الجنوبية ، و ألمانيا في أوروبا، و القاهرة في أفريقيا .في السنوات القليلة الماضية ، وبسبب عدم نجاح مجلس الأمن في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية ، و مع غضب الرأي العام العالمي بسبب العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة ، ارتفعت حدة المطالبات العالمية - التي كانت موجودة فعليُا - بضرورة إصلاح الأمم المتحدة نفسها للقيام بدورها في تحقيق السلام والأمن الدوليين ، و ومعها أصبح مجلس الأمن في مرمى تلك المطالبات.
وأصبح في نظر نسبة متزايدة من شعوب و حكومات العالم ، عاجزًا عن أداء مهمته ، وغير عادل بعد وقوعه في أسر قوى غير مسؤولة تسئ استخدام مواقعها المتميزة بداخله.
ويؤكد المنتقدون لأداء المجلس ، أن استعادة فعالية وشرعيته ، تتطلب تحديث تكوينه الذي عفا عليه الزمن ، و تعديل قواعد صنع القرار غير العادلة ، لكي تعكس بشكل أفضل التحولات المستمرة في العالم ، و توازنات القوى ، و المراكز الناشئة التي تكونت عبر الثمانين عامًا الماضية. وللحديث بقية..